الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الجامعات الأهلية ومنظومة التعليم العالى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى جامعة الملك سلمان بجنوب سيناء يوم السبت ٣١ أكتوبر الماضى. وجامعة سلمان هي إحدى ٤ جامعات أهلية مقامة فى كل من الجلالة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة وجنوب سيناء، بدأت الدراسة فى ثلاث منها هذا العام، وتبدأ فى المنصورة الجديدة العام المقبل بإذن الله تعالى. وتعتبر الجامعات الأهلية نقلة نوعية غير مسبوقة فى تاريخ منظومة التعليم العالى المصرية، وفرصة عظيمة لإعادة هيكلة الجامعات الحكومية والانطلاق بالتعليم الجامعى نحو الحداثة والانفتاح والعالمية.
الجامعات الأهلية الجديدة فرصة غير مسبوقة لتطوير وتحديث التعليم العالى في مصر، ليس فقط لأنها جامعات ذكية متطورة من الجيل الرابع، تستحدث برامج جديدة وتستخدم تكنولوجيا متطورة، ولكن أيضا لأنها من الممكن ان تقدم حلولا واقعية (Prototype) لإصلاح معضلات التعليم الجامعى المصرى. فمنذ إنشاء أول جامعة أهلية فى مصر سنة ١٩٠٨ تحت مسمى الجامعة المصرية، والتى تحول اسمها إلى جامعة فؤاد ثم إلى جامعة القاهرة بعد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وهناك معضلات فى الجامعات الحكومية. وعلي سبيل المثال فقد نجحت الجامعات الأهلية، وحتي قبل ان تستقبل طلابها، في تحقيق الحلول العصرية لمشكلات مزمنة فى التعليم المصرى مثل نظام قبول الطلاب، وطريقة تعيين أعضاء هيئة التدريس، وتحصيل رسوم دراسية من الطلاب. وفى هذا المقال نلقى الضوء على هذه الموضوعات الثلاث.
أولا: تغيير نظام قبول الطلاب، نجحت الجامعات الأهلية الجديدة فى حل إحدى أصعب المعضلات فى قبول الطلاب الجدد، وهو نظام مكتب التنسيق للثانوية العامة. وبحق لقد نجحت الجامعات الأهلية فى تنفيذ نظام قبول موضوعى وشفاف باستخدام أكثر من اختبار بالإضافة إلى مجموع الثانوية العامة. ولأول مرة فى مصر يتم احتساب متوسط درجات فى عدة اختبارات، بدلا من مجموع الثانويه العامة فقط. فهناك متوسط حسابى لاختبارات المواد المؤهلة للكليات التي يريد الطالب الالتحاق بها، وهناك اختبار ثالث لاختبار مقدرة الطالب على الفهم والتطبيق والتحليل والمعروف بين الطلاب باسم "اختبار الذكاء". هذا التطور فى حد ذاته، ربما يكون الحل السحرى لمعضلة الثانوية العامة ومكتب التنسيق التى عايشناها على مدى عدة عقود منذ ثورة يوليو ١٩٥٢ وحتى اليوم.
ثانيا: طريقة اختيار أعضاء هيئة التدريس، لجأت الجامعات الأهلية إلى الإعلان المفتوح والمقابلات الشخصية لاختيار أعضاء هيئة التدريس والقيادات. الإعلان المفتوح سمح للمصريين فى الداخل والخارج التقدم لشغل الوظائف بالجامعات الجديدة حسب المؤهلات العلمية والخبرات البحثية والإدارية والسيرة الذاتية. اما لجان المقابلات، فقد تم تشكيلها من وزراء تعليم ورؤساء جامعات وقيادات جامعية سابقة، وشخصيات مرموقة ومشهود لها بالموضوعية والنزاهة، وبالفعل فقد تم اختيار أفضل العناصر من ذوى الخبرة والكفاءة لتولى المناصب القيادية فى الجامعات الجديدة. وبالمقارنة بالجامعات الحكومية، نجد ان هذا التطور فى اختيار أعضاء هيئة التدريس والقيادات من خلال الإعلان المفتوح ربما يفتح الطريق لاتباع نفس الطريقة، وهذا فى حد ذاته ربما يكون تغييرا هاما نحو تحديث الجامعات الحكومية، بعد أن اغلقت الجامعات الحكومية الباب على نفسها وحصرته فى الترقى من وظيفة معيد إلى وظيفة أستاذ.
ثالثا: فرض رسوم دراسية على الطلاب، الجامعات الأهلية فى الأصل هى جامعات غير هادفة للربح، ولكنها تُحَصِل رسوما دراسية تغطى تكلفة العملية التعليمية واجور أعضاء هيئة التدريس والعاملين بها، وأى ارباح اخري يتم استثمارها في العملية التعليمية والأبحاث العلمية. وهذا يحقق المعادلة الصعبة بين الجامعات الحكومية شبه المجانية، والتى تعانى نقصا دائما فى الإنفاق عليها، وبين الجامعات الخاصة والتى تفرض رسومًا باهظة (تزيد على ٢٠٠ ألف جنيه سنويا لدراسة الطب)، ربما لايقدر عليها إلا شريحة صغيرة من المجتمع المصرى.
لذا، وبموضوعية وحيادية، أرى أن الجامعات الأهلية، ربما تكون قد نجحت، حتى قبل افتتاحها، فى حل ثلاث معضلات واجهت الجامعات الحكومية لعدة عقود، رغم يقينى أن الجامعات الحكومية شبه المجانية ستظل هى الأساس فى تعليم الغالبية العظمى من ابناء الشعب المصرى.
ندعو الله سبحانه وتعالى أن تنجح هذه الجامعات الأهلية الأربع، وكذلك الجامعات الأهلية التابعة للجامعات الحكومية المزمع إنشاءها بدءًا من العام القادم فى دفع التعليم العالى إلى الحداثة والتطوير لتخريج جيل جديد قادر على مواجهة تحديات العصر.