الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر.
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "ملكوت الأرض" للشاعر نجيب سرور.
يا قبرتى.. بعدت عنا عين الحارس
هيا نوجز هذا البحر
مهلا.. مهلا.. هل تبكين؟
يا قبرتى هل تبكين؟
مسحت دمعا كان ينام على تفاح الخد
مثل دموع الصبح تنام على أوراق الورد
شوفى.. شوفى العصفورة !!
ضحكت مثل الطفل وقالت:
يا عصفورى.. لست صغيرة !
ليت الناس جميعا كالأطفال !
والحق أقول
لن ندخل في ملكوت الأرض
ما لم نرجع يا قبرتى كالأطفال
قل لى.. ما ملكوت الأرض؟
كان قديما في السموات
يدعى يا قبرتى "الجنة"
دالت للإنسان الأرض!
أوغل فيها.. خاض بحارا سبعة
شق صحارى سبع
ذاق الويل
لاقى كل صنوف الهول
جاع.. تعرى.. علق في السفود
شرد.. طورد.. سمر في الصلبان
كتف.. ألقى للنيران
مات مسيح يا قبرتى بعد مسيح
لكن لم يمت الإنسان!
كيف يموت
وهو يرص الطوبة فوق الطوب
يبنى في الأرض الملكوت
يصنع يا قبرتى الجنة؟!
يا كم رفع سزيف الصخرة
يا كم سقطت منه المرة بعد المرة
لا.. لن تيأس يا سيزيف
يوما سوف تقر هنالك فوق القمة
تهتف منها في البشرية:
لا صلبان ولا أحزان
شبع الجوعى
شفى المرضى
قام الموتى
أبصر في الأرض العميان
فتحت أبواب الملكوت
ما قد صعد إبن الإنسان
للحرية!!
