يوما بعد يوم تثبت الأحداث والوقائع عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين المصري والسوداني، وأن ما يجمع بين مصر والسودان شماله وجنوبه من تاريخ وصلات وروابط كانت دائمًا أقوى من أيه عواصف، لم تستطع على مدي التاريخ هز أعمدة هذه العلاقات التي تأسست على إرادة سياسية مدركة أن الجوار والنيل قد ربطا الشعبين بمستقبل واحد ومصير مشترك.
لقد جاءت السيول التي ضربت أهلنا في شمال السودان وجنوبه لتؤكد كل هذه المعاني، فعقب الكارثة مباشرة أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بفتح جسر جوي لتقديم المساعدات العاجلة إلى الأشقاء من متضرري السيول بجمهوريتي السودان وجنوب السودان. ومع استمرار عمل هذا الجسر الجوي الذي يحمل شحنات غذائية ومستلزمات طبية ووسائل إعاشة لحالات الكوارث والطوارئ، كلّف الرئيس عبد الفتاح السيسي وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد بالسفر إلي السودان على رأس فريق طبي مكون من 20 طبيبا في مختلف التخصصات وممرضين ومتخصصين في مكافحة الأوبئة، مع شحنة مستلزمات طبية وأدوية وأمصال، حيث التقت الوزيرة بنظيرها السوداني الدكتور أسامة عبد الرحيم وزارت معه عددا من القري والمناطق التي تعرضت للفيضانات، وناقشت مع الوزير السوداني آفاق التعاون المستقبلي في المجال الطبي بين البلدين ووعدت باستمرار الدعم المصري للأشقاءالسودانيين في هذا المجال.
التحرك المصري السريع للوقوف بجوار الأشقاء في السودان ترك أثرا ً طيبا ً في نفوس الشعب السوداني، ورحبت وسائل الإعلام السودانية به، ونشرت على نطاق واسع تصريحات الوزيرة المصرية والوزير السوداني الذي رحب ترحيبا شديدا بالخطوات المصرية وقدم الشكر للرئيس السيسي وللشعب المصري واصفا ً زيارة الوزيرة بأنها أول زيارة لمسئولة عربية أو أجنبية للسودان بعد تعرضه لهذه الكارثة، مشيدا بطبيعة العلاقات بين البلدين والشعبين.
ومن المؤكد أن مواجهة الكارثة التي تعرض لها السودان وشعبه تفوق إمكانيات هذا البلد الشقيق، فقد تعرضت 16 ولاية من ولايات الجمهورية للغرق، وأسفرت عن مقتل العشرات، وإصابة الآلاف من سكانها، مع تدمير عشرات القري وتشريد عشرات الآلاف من السودانيين، وتقترب هذه الأرقام أيضا لما حدث في جمهورية جنوب السودان، وَمِمَّا لاشك أن البلدين لا يقدران وحدهما على مواجهة تداعيات هذه الكارثة، ويحتاج الأمر لتحرك عربي وأفريقي ودولي لدعم السودان ومساعدته للخروج من محنته، وفي تصورنا أنه لا يوجد غير مصر للقيام بهذا الدور، فما بينها وبين السودان الكثير.. أليس كذلك؟.