الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مطران صافيتا للروم الأرثوذكس: الكنيسة في سوريا ملجأ للمسلمين والمسيحيين..نعانى من فهم مغلوط لآيات القرآن والإنجيل والتوراة.. نقف مع فلسطين وحقوق شعبها..نصلى من أجل السلام واحترام دور العبادة

مطران صافيتا للروم
مطران صافيتا للروم الأرثوذكس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال المطران ديمترى شربك، مطران صافيتا للروم الأرثوذكس في سوريا، إن الله له حكمةعندما اختار البلاد الشرقية حتى أنزل إليها الديانات الإبراهيمية، وأضاف لكن مع الأسف نحن لم نكن أمناء على هذه الوديعه التى أعطاها الله في الشرق مسيحيين ومسلمين ويهودا.
وأبدى «شريك» في حواره مع «البوابة نيوز»، قلقه من تناقص أعداد المسيحيين في فلسطين مهد المسيح، واضطراراهم إلى الهجرة من سوريا.

نص الحوار..



- في البداية عرفنا بالمطران ديمترى شربك؟
المطران ديمترى شربك مطران صافيتا للروم الأرثوذكس في سوريا مواليد 1970، حصلت على درجة الدكتوراة في اللاهوت قسم العقائد في مجال الحوار بين الكنائس المسيحية عام 2006، وأستاذ في جامعة البلمنت في كلية اللاهوت وأدرس مادة المسكونيات «الحوار بين الكنائس».

- حدثنا عن تطورات الحوار الدينى ومطالبتك الدائمة به؟
إن الله خلقنا فأحبنا، وأيضا نوعنا وعلمنا وأعطانا الدين، فعلمنا أن من يقول إنه يحب الله وهو لا يحب أخاه فهو كاذب، والذى لا يحب الإنسان فهو أول الكارهين لله، والله كاره لأقواله وأفعاله أى اليوم لا أستطيع أن أقول أنا مؤمن أنا متدين أنا علاقتى مع ربنا فقط هذا لا يرضى الله، ونحن لدينا الصليب هو أفقى وشاقولي، والشاقولى يتحدثون الآباء عنه هو العلاقة بين الإنسان وربه، بينما الأفقى هو علاقة الإنسان مع الإنسان، ليس لدينا صليب فقط علاقة الإنسان مع ربه ولا لدينا إيمان بأن الإنسان تكون علاقته جيدة فقط مع الناس ولكن لا بد من الاتحاد بين هذه العلاقتين حتى تكون الصليب وهو رمزنا وحياتنا وشعارنا.
وتوجد أصوات نشاذ حقيقية موجودة لا نستطيع أن نتجاهل هذا الأمر ونقول إن كل الأمور وردية ورائعة وجميلة بينما أكيد في أصوات نشاذ تدعو إلى القتل والتكفير والتهجير وما إلى هنالك، فنحن دورنا كقيادات دينية واعية أن نتصدى لهذه الأمور وأن نبين أن هذه أصوات نشاذ وليس هذه هى الأصوات الحقيقية.
وهناك فهم كثير مغلوط لآيات كثيرة من القرآن ولكن أيضا من الإنجيل والتوراة، يوجد كثير من الأشخاص يفهمون ما يرددون ويبنون خطابا على الفهم المغلوط، فدورونا اليوم تصحيح هذه الأقوال والأفعال ونترجمها إلى علاقة جيدة بيننا، كثير منها العمل على الكثير من المبادرات ومنها في سوريا ونقوم بها، وعانينا جدا مثلما ما يعانون أخواتنا الأحباء في مصر والمسيحيين خاصة من خطاب الكراهية وخطاب العنف وخطاب التكفير من الاعتداء على الكنائس ولكن يظل لدينا الأمل في أن الغد أفضل وبأنه عن طريق الحوار وعن طريق أن نبين ونوضح أن الدين الحقيقى لا يمكن أن يكون دينا إذا كان يدعو إلى القتل والتكفير والتهجير وإلغاء الآخر فهذا أكيد ليس بدين حقيقي.



- وماذا عن وضع المسيحيين في الشرق الأوسط؟
الوضع لا نحسد عليه الحقيقة في الشرق الأوسط، الوضع سيئ في كل البلدان، ونرى في مهد السيد المسيح في فلسطين عدد المسيحيين يتضاءل وصار قليلا جدا، وفى سوريا صار هجرة كبيرة من الجميع ومن المسيحيين لأن عددنا قليل بينما النسبة أكبر بكثير في لبنان وفى العراق كان يوجد مسيحيون كثر، ولكن الآن لم يبق إلا عدد قليل جدا فيبدو الوضع لا يعطينا تفاؤلا.
ولكن نحن متمسكون بقولنا إن واجبنا كأشخاص شرقيين مسيحيين ولدنا في هذه الأرض في الشرق أننا نحاول أن نكون حقيقة كما قال السيد المسيح «ملح في الأرض»، وكلنا نعلم بأن الإنسان عندما يطبخ لا يضع بقدر كمية الطبخ ملحا ولكن يضع رشة، ونحن هذه الرشة الموجودين في هذه الأرض «الشرق»، وهى التى تعطى نكهة جميلة وبدونها لا يكون للشرق معني.
وكثير من الكتاب والمفكرين المسلمين يقولون إن الشرق إذا خلا من المسيحيين سيخرب، لإننا حملة نور وحملة فكر ودعاة سلام محبة وأخوة، وهذه الرسالة التى ننادى بها وموجودون حتى نقدمها للناس، إن شاء الله بيكون المستقبل أفضل، واليوم يوجد كثير من المنظمات تتحدث عن حماية المسيحيين في الشرق ولكن الحقيقة عملها ضعيف جدا وعلى أرض الواقع شبه غير موجود.
وعندما يسالوننى أقول لهم نحن لسنا بحاجة إلى حماية خارجية ونحن عبر علاقتنا الطويلة مع المسلمين كنا في علاقة جيدة، وفى السنوات الأخيرة ظهر التطرف بشكل واضح وكبير وبشكل قاسي، ولكن نطلب منهم أن يرجعوا العلاقات مثلما ما سمعنا من أيام الرسول ما إلى هنالك لعلاقات الطيبة، فاليوم احنا بنطلب منهم أن يرجعوا يعيشوا كما يقولون وكما يعطون هذه الادلة والشواهد.



- إلى أى مدى وصلت العلاقة بين كنيسة الروم والكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟

بشكل عام وعبر التاريخ، العلاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية الرومية الإنطاكية وبين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر ممتازة جدا، وبعد مجمع خلقدونية صار الانفصال بين الكنائس، وأنا أفتخر بأن أطروحتى في الدكتوراة في اليونان كانت حول هذا الموضوع الحوار الخلقدونى اللاخلقدوني.
ونحن بالحوار توصلنا إلى نتائج مبهرة جدا، واكتشفنا أن لدينا الكثير من التاريخ المشترك ومن الآباء المشتركين، واستطعنا أن نصل بأننا نقول حتى في العقيدة قولا واحدا في شخص الرب يسوع المسيح، وتم هذا الاتفاق الرائع أن من يقولون بطبيعتين ليسوا بنساطرة، ومن يقولون بطبيعة واحدة ليسوا أطوخيين، وهذا اتفاق رائع وهام جدا توصلت إليه الكنيستان.
واليوم في ظل هذه الأوضاع التى نعيشها بالشرق صار هناك تعاون كبير بين كل الكنائس ودائما يوجد بيننا اتصالات هاتفية أو لقاءات مكانية حتى يتباحثوا ويتدارسوا وضع المسيحيين في الشرق شهادتهم ودورهم ومكانتهم، وأنا برأيي هذا مهم جدا ومطلوب في هذه الأوقات أكثر من أى وقت مضي.

- وماذا عن دور مجلس كنائس الشرق الأوسط ومجلس الكنائس العالمي؟
مجلس كنائس الشرق الأوسط مثله مثل أى منظمة دائما في صعود وهبوط حسب الوضع السياسى وحسب الوضع العام وحسب الوضع الكنسي، فبالتالى منطقة الشرق الأوسط كلها في خضم غير مستقر لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا فكريا، وهذه التأثيرات تنعكس أكيد على مجلس كنائس الشرق الأوسط، ولكن نحن موجودون في مجلس كنائس الشرق الأوسط ونحن من الداعمين له ولعمله، ونأمل أنه يرجع ليكون هو المنظمة أو المؤسسة التى تجتمع فيها كل الكنائس، وتشارك الهموم لمساعدة الإنسان المسيحى الموجود في منطقة الشرق.
أما علاقتنا بمجلس الكنائس العالمى فهى أقل من مجلس كنائس الشرق الأوسط ولكنها جيدة جدا، وأنا حضرت في الفترات الماضية عده لقاءات حول وضع المسيحيين وكلفنى صاحب الغبطة البطريرك يوحنا بتمثيله في عده لقاءات عن وضع المسيحيين، وكان هناك تمثيل كامل لكل العائلات الكنيسية في الشرق ولكن أيضا من المسلمين الذى يهمهم وجود هذا التواجد المسيحى في المنطقة، وعلاقتنا جيدة وممتازة مع المؤسستين.
ونتمنى أن يلعبوا دورهم بشكل صحيح وجيد في الشرق وخاصة وقت الأزمات لأنه خارج الأزمات نحن أمورنا بتكون جيدة، ولكن وسط الأزمات يلعبون الدور الجيد بين التواصل بين الكنائس وعمل كنسى موحد ومشترك حتى يظل المسيحيون مع بعض.



- وكم عدد أتباع كنيسة الروم في مصر، وما وضعها؟
لدينا رعية واحدة في مصر تابعة لكنيسة إنطاكية، وعادة يخدمها كاهن واحد بالتعاون مع الكنيسة القبطية الموجودة هناك، ولكن بالأكثر مع الكنيسة اليونانية وكنيسة بطريركية الإسكندرية، ونستخدم إحدى الكنائس والقاعات في نشاطات الرعية، هذه الإجراءات القديمة صارت من بلاد الشام إلى مصر.
ونطالب بأن يوجد كاهن لرعايتهم ويهتم بهم أى يعتبر كاهنا واحدا من إنطاكيا هناك لأن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية الموجودة هناك لا تستطيع متابعتهم بسبب فرق اللغة.

- وما موقفكم من القضية الفلسطينية؟
بشكل عام نحن مع فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، ولكن أيضا مع احترام كل دور العبادة مساجد وكنائس، وبالنسبة لنا كمسيحيين، فإن فلسطين تعنى مكان حياة السيد المسيح وولادته وآلامه ووجوده، والبشارة تمت فوق أرض فلسطين ووعظ وعلم ومشى على أرضها.
ونحن نؤكد أننا مع حقوق الشعب الفلسطيني، ومع نهاية عادلة لهذه الصراعات، والمشكلة أن الصراع الموجود طويل ومرير، لكننا نقول إننا ككنائس لا نستطيع الا الصلاة من أجل السلام واحترام لدور العبادة والاستقرار في المنطقة، والباقى مسئولية السياسات.

- وكم عدد الرعايا في فلسطين؟
لا أعرف عدد الرعايا بالضبط بسبب عدم التواصل مع فلسطين، بسبب البعد السياسى بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي، ونحن بشكل عام هناك في كنيسة أرثوذكسية يونانية ترعى الشعب هناك.



- وكم عدد الكنائس التابعه لكم؟
لدينا في العالم الأرثوذكسى 14 كنيسة 8 بطريركات و7 كنائس مستقلة، 8 بطريركيات مقسمة كالآتي: الكنيسة الأولى هى قسطنطينية، الثانية هى الإسكندرية، الثالثة هى إنطاكية، الرابعة هى أورشليم، والخامسة هى موسكو، والسادسة هى صربيا، ثم جورجيا، والأخيرة بلغاريا.
أما الكنائس المستقلة، فأول كنيسة قبرص وبها رئيس أساقفة، ثم رئيس أساقفة اليونان، ورئيس أساقفة ألبانيا وغيرها وهؤلاء رؤسات أساقفة كلهم بمجمع 14 كنيسة مستقله، فكل كنيسة مستقلة هى ترعى رعايها وشعبها بشكل مستقل كاملًا.
ومرات عبر التاريخ يصير اجتماع لهؤلاء الرؤساء الكنائس لكى تتباحث أمور عديدة ومختلفة وهذا الأمر نادر جدا، بفترات متقطعة وخاصة بالشرق ويصير اجتماعا لبطاركة الشرق، أى بيجتمع بطريرك أنطاكية مع بطريرك الإسكندرية مع بطريرك القدس مع رئيس أساقفة قبرص، ومؤخرا صار في اجتماع في قبرص، واستضافه رئيس أساقفة قبرص وتداولوا وضع الحروب في الشرق ووضع هجرة المسيحيين فهذه الأمور التى كانت تخص الشرق.



- وكيف تتعامل الكنيسة مع قضية اللاجئين؟
أريد البدء بالحديث عن المنطقة التى أخدم فيها مطرانا، وأعيش بها منطقة صافيتا السورية وهى لا تتعرض وقت الحرب لأى تدمير أو تهجير، كانت منطقة شبه آمنة، وهذا أدى إلى أن كثيرا من السوريين نزحوا إلينا داخليا، فكان للكنيسة الدور الأول والأهم وخاصة في بداية الحرب، وقامت بتقديم الخدمات الطبية والمأكل والمشرب والملبس وأماكن للإقامة والمعيشة، واستمرت الخدمة أكثر من 8 أشهر الخدمات كانت تقدم يوميا حتى بدأت لجان الإغاثة والمنظمات الدولية لخدمة الناس.
والكنيسة كانت وما زالت هى ملجأ للمسلمين والمسيحيين، بينما العائلات التى نزحت للخارج نجد أن هناك أيضا دورا مهما حيث كانت وما زالت تقدمه هناك لكل شخص محتاج بعيدا عن جنسه أو دينه أو معتقده، فكانت هى الراعية للناس، حتى أن الدول بدأت في تنظيم هذا الأمر لرعاية هؤلاء اللاجئين.
بينما في كنيسة جورجيا كان الأمر مميز جدا، وعلاقة الكنيسة بالدولة علاقة قوية وهناك تعاون كبير هناك، وهناك الكثير قاموا بالذهاب إلى جورجيا بسبب سهولة الحصول على فيزا الذهاب اليها على عكس أوروبا، والوصول كان إلى أوروبا صعبا جدا، والكثير اختاروا أن يقيموا في جورجيا.
وجورجيا من الكنائس التى تعيش الإيمان الحي، أى الشعب يعيش هذا الإيمان الحي، ولم تتأثر كثيرا مثلما ما حدث للكنيسة في أوروبا، حيث أصبح الشعب يهتم بمعيشته الخاصة، ليس هناك الإيمان المسيحى الأولى من ناحية استقبال الضيف وأن يرى صورة المسيح فيهم، فهذا كله موجود بالشعب الجورجى البسيط والمحب.
لذلك كان دور الكنيسة هناك كبيرا جدا لتقديم المساعدات لهذه الناس، وهناك الكنيسة الموجودة في اليونان أيضا استقبلت اللاجئين بمحبة وقدمت الكثير من المساعدات وارتفعت أسهم الشعب في اليونان بشكل كبير جدا جدا، لأنهم كانوا يأتون بالقليل الموجود لديهم بسبب الضيقة الاقتصادية التى تمر بها اليونان، فكانوا يحضرون الماء والوسادات والأكل والأدوية لأنهم هم الذين انتشلوهم من البحر، وتعاملوا مع هذا الأمر من النابع بداخلهم من إيمانهم المسيحى التى يعيشونه قبل أن تكون الدولة لديها الخطط لأخذهم ووضعهم بمراكز إيواء، فنرى بأن الشيء الفريد الموجود عند المسيحيين أنهم لا يتكلمون نظريا فقط في إيمانهم وإنما يعيشون يطبقون كل ما ينادون به عمليًا.



- وماذا تريد أن تترك للقارئ في نهاية حوارنا؟
الله له حكمة عندما اختار البلاد الشرقية حتى أنزل إليها الديانات الإبراهيمية ولكن مع الأسف نحن لم نكن أمناء على هذه الوديعة التى أعطاهنا الله في الشرق مسيحيين ومسلمين ويهودا، ونرى أن بلادنا هى التى نزلت لها الأديان السماوية ودعت للمحبة والسلام وقبول الآخر، هى التى تعانى في يومنا من القتل والعنف والتكفير والترهيب، بينما البلاد الأخرى التى لم تنزل فيها الديانات هى اليوم بلاد متحضرة وراقية والتى فيها الأمان والسلام.
ولهذا نقول إن الديانات أذا نزلت على أرضنا فيجب أن تكون أرضنا خصبة مثل الزارع، أى يكون هناك أرض خصبة لاستقبال الكلمة الإلهية حتى بلادنا تزدهر وتعرف المحبة والسلام والأمان مثل ما كل بلاد العالم.