الاستفزازات التركية في البحر المتوسط تجاوزت كل الحدود، ومع ذلك تخشى أوروبا اتخاذ إجراءات عملية كى «لا تستفز» تركيا، بحسب مصدر مطلع داخل مقر الاتحاد الأوروبى في بروكسل!.
لقد طالبت أثينا مؤخرًا برد فعل واضح من الاتحاد الأوروبي، بعد نشر أنقرة لسفينة أبحاث زلزالية، ترافقها سفن عسكرية، في بحر إيجه الجنوبى الشرقى المتنازع عليه والغنى بحقول الغاز.
هذه التطورات التى تبعث على القلق، دفعت رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل لاستدعاء الدول الأعضاء، في لقاء وزراء الخارجية الأوروبيين في اجتماع طارئ عبر الفيديو.، أمس الجمعة، بينما الجريدة ماثلة للطبع.
وتساءل عدد من المراقبين الغربيين: ماذا نتوقع من هذا الاجتماع الاستثنائي؟ وكانت الإجابة: «في الغالب رسالة سياسية»، فالملاحظ، حتى هذه اللحظة، أن التضامن الأوروبى ليس شاملًا. وتقوم سياسة العديد من الدول على أساس «عدم استفزاز تركيا»، حسبما يرى الكثير من الباحثين والخبراء.
أما دعوة أثينا لفرض عقوبات فورية على تركيا، فيبدو أنها ستذهب أدراج الرياح، إذ يعتبرها دبلوماسيون غربيون، أنها «دعوة في غير الوقت المناسب»، ليستمر عناد أردوغان وصلفه وتبجحه بلا حدود.
وفى وقت سابق، اقترح الاتحاد الأوربى قائمة بالخيارات الممكنة لفرض عقوبات تتعلق بالتنقيب غير القانونى في المياه القبرصية واليونانية، تضمنت قطع بعض الأموال عن تركيا، أو تطبيق تدابير تستهدف النظام المالى أو الإعلان رسميًا عن انتهاء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد المجمدة بحكم الواقع منذ أربع سنوات.
لكن هذه المقترحات ما تزال في الأدراج، إذ يرى البعض أن «الاتحاد الأوروبى هو الشريك التجارى الأكبر لتركيا».. فهل يفضل البعض المصالح التجارية ويجعلها تعلو على قضية الأمن الأوروبى وحقوق اليونان المشروعة؟.
ما زال الأمل معقودًا لمناقشة هذه القضايا الحساسة في نهاية الشهر، عندما يجتمع الوزراء (بأشخاصهم وليس عبر الفيديو) في برلين.. إن الاتحاد الأوربى أمام اختبار تاريخى، فهل يستطيع التعامل مع نزعات تركيا القومية والتوسعية المتزايدة في شرق المتوسط، إلى جانب سياستها التوسعية والاستعمارية من ليبيا إلى سوريا؟.
على أوروبا أن تعى جيدًا أن وجود ميليشيات تركيا في ليبيا يهدد أوروبا كلها، التى تشترك مع ليبيا بحدود تتجاوز الألف كيلو متر على طول ساحل البحر المتوسط، وأصبح هذا الساحل مصدر قلق يوميا للهجرة غير الشرعية، ويمكن في أى لحظة أن يكون طريقًا لعبور الميليشيات إلى الدول الأوربية، وما يستتبعه ذلك من مخاطر.
إن سياسات أردوغان لا تمثل خطرًا على الأمن القومى العربى فقط، بل هى خطر على كل الجبهات. فهل تدرك أوروبا ذلك قبل فوات الأوان؟.