الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

النفط وتصدير السلاح وتوسيع النفوذ.. أهداف طهران فى ليبيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من عدم وجود مصالح مباشرة بين إيران وليبيا بحكم البعد الجغرافى وعدم وجود أقلية شيعية فى طربلس، إلا إنه ظهرت بعض المؤشرات المهمة التى تؤكد سعى طهران لإيجاد موطئ قدم لها هناك، ولاسيما بعد عام ٢٠١١ قبيل أحداث الربيع العربى والإطاحة بالرئيس الليبى معمر القذافى، على خلفية الكميات النفطية الهائلة التى تتمتع بها هذه الدولة، كونها سوقا متعطشة للمنتجات الإيرانية خاصة العسكرية منها، فضلًا عن أنها إحدى الساحات المهمة التى يمكن لطهران العمل من خلالها على مواجهة المحور الأمريكي- الخليجى المناوئ لها فى عدد من العواصم العربية. 
فى السياق ذاته، ساهمت إيران بالتعاون مع بعض الدول الأخرى مثل تركيا وقطر فى تأجيج الصراع فى عدد من دول المنطقة ومن بينهم ليبيا؛ حيث سارعت طهران بعد سقوط معمر القذافى لمحاولة اختراق المجتمع الليبى ثقافيًا من خلال توجيه الشباب الليبى نحو الدراسة فى الحوازات العلمية الموجودة بمدينة قم الإيرانية، واللافت للانتباه أن طهران لطالما تستخدم الجانب الثقافى كزريعة لنشر المذهب الشيعى والثقافة الفارسية، وهو الأمر الذى يتحول فيما بعد إلى اختراق سياسى واقتصادى. 
أولًا- مواجهة المحور الأمريكى – السعودى
يمكن القول أن الرغبة الإيرانية بالتدخل فى الصراع الليبى نابعة بالأساس من محاولاتها المستمرة لإضعاف المحور الأمريكى – الخليجى، على خلفية الدعم الكبير الذى يقدمه هذا المعسكر لقوات المشير خليفة حفتر، فى الوقت الذى توجد فيه عدد لا بأس به من الملفات العالقة بين طهران وواشنطن، يتصدرها مستقبل الاتفاق النووى الذى خرجت منه الولايات المتحدة الأمريكية فى مايو ٢٠١٨، فضلًا عن الصراع الدائر بين طهران من ناحية وكل من واشنطن والرياض من ناحية أخرى بسبب الأنشطة التخريبية التى تهدف من خلالها الميليشيات المسلحة الموالية لطهران فى المنطقة إلى تهديد المصالح الأمريكية والسعودية، على خلفية اعتبار إيران للرياض بمثابة المنافس التقليدى لها فى الشرق الأوسط.
يتوازى ذلك، مع تأكيد مساعد رئيس مجلس الشورى الإسلامى للشئون الدولية أمير حسين عبد اللهيان فى ٨ يونيو ٢٠٢٠ على الدور السلبى الذى تلعبه كل من واشنطن وتل أبيب فى الأزمة الليبية من خلال تغريدة له على موقع تويتر قال فيها:" أن ليبيا تحترق لعشرة سنين فى نيران أزمة صنعها المحور الصهيو- أمريكى"، مضيفًا " إن استعادت ليبيا جبروتها التاريخى وحافظت على وحدتها الوطنية وسيادة كامل أراضيها وعاد السلام والاستقرار إلى هذا البلد الإسلامى والعربي، فسيكون ذلك لصالح العالم الإسلامى والمنطقة"؛ حيث تدرك طهران جيدًا أن مصير ليبيا سيكون كنظيرتها سوريا التى كانت ولا زالت ساحة مفتوحة لبسط النفوذ من قبل جميع الحلفاء الإقليمين والدوليين، لذا، تحاول طهران إيجاد موطئ قدم لها هناك إنطلاقًا من موقع ليبيا الجغرافى المتميز الذى يعد نافذة مهمة على القارتين الأوروبية والأفريقية. 
ويذكر أن ذلك يأتى فى خضم مرحلة من المراحل شديدة الصعوبة التى تمر بها الدولة الإيرانية على الصعيدين الداخلى والخارجى، ولاسيما فيما يتعلق بجهودها الرامية إلى استعادة النفوذ فى كل من العراق وسوريا التى تواجه فيهما إيران نوع من التطويق الأمريكى – الإسرائيلى – الخليجى وبخاصًة بعد اغتيال واشنطن لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى قاسم سليمانى فى يناير الماضى الذى كان يعتبر بمثابة المسئول الأول ومهندس العمليات الإيرانية فى الخارج. 
ثانيًا - مصدر للموارد النفطية
تعمدت إيران إضافة بعض من الضبابية على موقفها إزاء القضية الليبية وعدم التدخل فيها بشكل مباشر على الأرض على خلفية إدراكها لأهمية ليبيا بالنسبة للأوروبيين ولاسيما فيما يتعلق بمصادر النفط والغاز الموجودة فى البحر الأبيض المتوسط، فى ظل احتياجها الشديد لهم للوقوف إلى جانبها فى مواجهة الضغوط الأمريكية والحفاظ على الاتفاق النووى الإيرانى الذى تعول طهران على إمكانية عودة واشنطن إليه بعد انتهاء الفترة الرئاسية الحالية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال العام الجارى، ومجىء أخر ديمقراطى.
فى السياق ذاته، يمكن قراءة ذلك فى ضوء الرغبة الإيرانية فى الحصول على نصيب من الغاز الموجود فى المناطق التى تسيطر عليها القوات التابعة لحكومة الوفاق، على خلفية حاجة هذه الأخيرة لتصريف منتاجاتها النفطية، الأمر الذى لن يتم إلا عبر السوق السوداء التى تعى طهران كل خباياها نتيجة العقوبات الأمريكية والدولية التى فرضت عليها لفترة طويلة من الزمن، مع إمكانية التنسيق مع تركيا التى باتت أحد اللاعبين الأساسيين على الساحة الليبية ولاسيما فيما يتعلق بالدعم الذى تقدمه لرئيس المجلس الرئاسة الليبى فايز السراج. 
ثالثًا - سوق للسلاح
إثيرت بعض الاتهامات الموجهة إلى طهران بالتورط فى الصراع الليبى فى الفترة اللاحقة على أحداث الربيع العربى فى عام ٢٠١١، على خلفية نشر مسلحين موالين لحكومة الوفاق الليبية صورًا لأسلحة وبعض الصواريخ التى تشبه ٣٠٢M بعيد المدى، الأمر الذى أثار عدة تساؤلات حول علاقة إيران بهذه الميليشيات المسلحة. وما يعزز هذه الفرضية هو أن ذلك يأتى بعد أيام قليلة من ضبط سفينة إيرانية تابعة للحرس الثورى مدرجة على قائمة العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على إيران متجهة نحو ميناء مدينة مصراته الليبية، والتى أظهرت بعض الصور التى تم التقاطها من داخل السفينة أنها محمّلة بآلاف الصواريخ المطابقة للصاروخ M٣٠٢ الذى ظهر لدى قوات حكومة الوفاق، والجدير بالذكر، أن صاروخ ٣٠٢M من نوعية صواريخ تستخدمها جماعة الحوثى اليمنية، والذى أكدت طهران فيما بعد أنه صناعة إيرانية.
على الناحية الأخرى، أكد مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة دانى دانون خلال رسالة بعثها إلى مجلس الأمن فى ٨ مايو الفائت على إمداد طهران لقوات خليفة حفتر بأسلحة متطورة، على خلفية التقاط بعض الصور للمسلحين الموالين لحفتر وبحوزتهم أسلحة إيرانية الصنع من طراز "دهلاوية"، الذى يعتبر بمثابة نسخة معدلة من "الكورنت" الروسي. وعليه، يتضح مما سبق مدى الاستغلال الإيرانى للحرب الدائرة فى ليبيا لبيع السلاح، فضلًا عن التورط فى دعم الميليشيات التابعة لكلا الطرفين المتصارعين.