الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فرج فودة.. شهيد الكلمة والرأى «3-3»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمكننا تلخيص النتائج التي خرج بها فرج فوده من دراسته المتعمقة لسيرة الخلفاء الراشدين، وللتاريخ الإسلامي كله، في النقاط الآتية: 
أولًا: من يصورون للشباب الغض، إن قيام حكم ديني سوف يحول المجتمع كله إلى جنة في الأرض، يسودها الحب والطمأنينة، ويشعر فيها المواطن بالأمن، ويستمتع فيها الحاكم بالأمان، ويتخلص فيها الأفراد من سوء القصد وحقد النفوس ونوازع الشر، إنما يصورون حلمًا لا علاقة له بالواقع، ويتصورون وهمًا لا أساس له من وقائع التاريخ، ولا سند له في طبائع البشر. (ص 18) 
ثانيًا: إن هناك فرقًا كبيرًا بين الدين والدولة، وأن انتقاد دولة الإسلام لا يعني الكفر بالدين الإسلامي. 
في دولة الإسلام سوف تجد ما يمكننا أن ننقده وأن نعترض عليه، حتى في أزهى عصور تلك الدولة. بينما لا تجد في الدين إلا ما ننحني له، تقديسًا وإجلالًا، وإيمانًا خالصًا. «ص ص 18 – 19». 
ثالثًا: يقول د. فرج فوده بعدم جدوى الدعوة إلى العصر الذهبي للإسلام، لأن الداعين إلى ذلك يهملون الاختلافات الجوهرية التي طرأت على حياة الناس. لأن ذلك عصر له ظروفه الخاصة، والآن نحن نعيش عصرًا مختلفًا اختلافًا جذريًا. إن الداعين للعودة إلى العصر الذهبي للإسلام، إنما يركبون بنا مركبًا صعبًا إن لم يكن مستحيلًا، فليس حلًا أن يخرج الحاكم اليوم يتفقد أحوال الناس، أو أن يتصنت على البيوت ليلًا، حتى يعلم من أحوال المسلمين ما يدعوه لأخذ الطعام للجياع من الأطفال، أو يعود لامرأته ليصحبها كي تساعد زوجة تلد دون معاونة، أو أن ينفى شابًا وسيمًا ذو وجه صبوح خارج المدينة حتى لا يفتن نساء تلك المدينة. أو أن يؤرقه أن تعثر دابة في بلاده، أو أن يكون هو الحاكم الأوحد على بيت المال، والمتصرف الأوحد في شئونه، دون رقابة إلا من ضميره، ودون وازع إلا من دينه وتدينه. مستحيل أن يكون مطلوبًا من الحاكم اليوم أن يمارس الحكم على ذلك النحو، لأن العصر قد اختلف، وإنه شتان بين وسائل الحياة وأساليبها في ذلك العصر ونظائرها اليوم. من المؤكد إن هذا ليس حلًا. (ص ص 20 – 21).
رابعًا: يرفض د. فرج فوده قول القائلين في كل مرة يصيبنا فيها ضرر أو سوء، بأن هذا عقاب الله بسبب تركنا لشريعته، وعدم تطبيقنا لشرع الله. وإننا لو طبقنا شرع الله لتحولت حياتنا إلى جنة، وتبدل فقرًا غنى. يؤكد فرج فوده إن إطلاق تلك الأحكام على أحوال الدولة وشئون السياسة ينطوي على كثير من الضعف والوهن. فإذا كان تدهور مستوى المعيشة في بلادنا سخطًا من الله لعدم تطبيق الشريعة، فما القول في ارتفاع مستوى المعيشة في دول الغرب إلى حد الرفاهية؟ وإذا كانت هزيمة 1967 قد جاءت نتيجةً لغضب الله على حكام مصر في ذلك الوقت، كما زعم أحد كبار الدعاة (الشيخ الشعراوي)، فما القول في انتصار إسرائيل في تلك الحرب؟ 
إن هذه الإدعاءات هى هروب من البحث عن الأسباب الحقيقية للقصور والخلل المؤدية إلى النكبات والكوارث، يرفض فرج فوده الإحالة إلى «الإرادة الإلهية» التي يجب أن يعلو التسليم بها وبقدرتها فوق هذه التفاسير. ولنا في عام الرماده أسوة، وفي طاعون عمواس أسوة، وكلاهما حدث في عهد عمر، وعمر هو عمر، وعهده هو العهد الذي يعلو على شبهة غضب الله على عباده المؤمنين. (ص 22. ) 
خامسًا: يرى فرج فوده ضرورة فصل الدين عن الدولة استنادًا إلى ما ورد بكتب التاريخ، ليس عن عصور الحكم الإسلامي المتأخرة، بل في عصر الصدر الأول من الإسلام أيضًا. ويشرع فرج فوده في سرد كثير من الوقائع التي كشفت أضرارًا نجمت عن اختلاط السياسة بالدين. ففي آخر عهد عثمان ثار عليه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة، هم « على بن أبي طالب»، و«عبد الرحمن بن عوف»، و«الزبير بن العوام»، و«سعد بن أبي وقاص»، و«طلحة بن عبد الله». 
هل الخلاف بين عثمان وهؤلاء كان خلافًا دينيًا؟.. يطرح فرج فوده السؤال ويجيب عنه:قطعًا لم يكن خلافًا دينيًا، وإنما هى مواقف سياسية صرفة. إن وصف ما حدث على أنه قضايا سياسية قبل أن تكون قضايا دينية، إنما يحفظ للدين رونقه وجلاله وهيبته وقداسته.(ص 24)