ينص الدستور في مادته الخامسة على الآتى "يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته على الوجه المبين في الدستور" وهذا يعنى أن نظامنا السياسى نظام تعددى حزبي، فلا سياسة بدون تعددية ولا تعددية بدون أحزاب، كما أن مفهوم التداول السلمى للسلطة يعنى أن الانتخابات الحزبية والتعددية هى الوسيلة الدستورية لإتاحة الفرصة للأحزاب لتداول السلطة فيما بينها، وهى أن يشكل الحزب الحائز على الأغلبية الحزبية في الانتخابات البرلمانية الحكومة والتى تلتزم ببرنامج الحزب الانتخابى الذى أختارته الجماهير دون سواه، أما الأحزاب هذه فيوجد لدينا كما يقولون أكثر من مائة حزب، الغالبية الغالبة منها لا لون لها ولا رائحة، لأنها تشكلت في لحظة سيولة سياسية فيما بعد 25 يناير. والبديهيات السياسية والحزبية هى أن يحمل الحزب، أى حزب، أربع صفات حتى يمكن أن يكون حزبًا سياسيًا لا جمعية دفن موتى، وهذا هو الفارق بين الأحزاب والعمل الأهلي، وهذه الصفات الأربع هى:
أولًا أن ينطلق الحزب من نظرية سياسية تشكل الأرضية الفكرية لتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ثانيًا وجود كوادر تعى وتؤمن بهذه النظرية إيمانًا يؤكد لهم أنها الطريق الصحيح لحل المشكلات والأخذ بيد الوطن للتقدم والرقي، كما أن الكوادر هذه تعى الوعى والعلم والرؤية السياسية والقدرة على العطاء والإيمان بالهدف ودفع الثمن لا الأخذ.
الثالثة هى اللائحة وهى التى تنظم العمل الحزبى وتحدد العلاقات والتكليفات الحزبية والعلاقة بين المستويات التنظيمية التى تعتمد على الإيمان والثقة ولا تعتمد على الأوامر بين الرؤساء والمرءوسين.
أما الرابعة وهى برنامج الحزب التفصيلى الذى يحول النظرية من مسارها الفلسفى إلى واقعها السياسى المعيشى على أرض الواقع، وهو البرنامج الذى يتم تسويقه وتفصيله للجماهير حتى يلتقى هذا البرنامج مع تطلعات الجماهير فيكون الاقتناع بأن تطبيق هذا البرنامج هو طريق حل مشكلات الجماهير وتبنى قضاياها، هنا وبصراحة شديدة وعلى ذلك نجد أن الكثرة من هذه الأحزاب لا علاقة لها بما سبق نهائيًا، ولذا كان من الطبيعى أن تغيب الأحزاب عن دورها السياسى المهم والمطلوب والمستمر، ليس وقت الانتخابات فقط ولكن طوال الوقت، كما أن العمل الحزبى هو سياسى في المقام الاول، أى طرح الرؤية السياسية وزيادة درجة الوعى وتكوين كوادر على كل المستويات التنظيمية وليس القيام بعمل منوط بجمعيات العمل الأهلى مثال توزيع البطاطين والمعونات العينية على الفقراء بهدف أخذ اللقطة التى لا تعرف ولا تسعى إلا للظهور الذاتى الذى لا يعتمد على رؤية سياسية ولا موقف سياسي، أقول هذا لأنه لا عمل سياسى ولا ديمقراطية حقيقية ولا رؤية سياسية تخلق الرأى والرأى الآخر الذى يكون لصالح هذا الوطن بدون وجود حياة حزبية حقيقية وفاعلة، هنا ومع اقتراب الانتخابات وجدنا بعض الحركة ذات الاتجاه، حيث قامت كل جماعة حزبية تأخذ الصورة عند تقديم المساعدات للمستشفيات لمواجهة كورونا، هذا جيد ومطلوب، بعيدًا عن أخذ اللقطة، ولكنه ليس هو كل المطلوب.
الجميع الآن يعتمد وينتظر القائمة المطلقة التى ستكون بمثابة تعيين وبلا دوشة دماغ، والمدخل هنا هو التربيط مع قيادة الحزب لكى يكون له نصيب في كوتة الحزب لعل وعسى، أما ما يسمى بالكوتة للفئات الأخرى مثل المسيحيين والعمال والمرأة..الخ، بلا شك ستمثل في الإطار العام للقائمة.
أتركوا الكفاءات تعلن عن نفسها، قيسوا الرأى العام الواعى من يكون في القائمة حتى نصل إلى نواب يمثلون الشعب ويمارسون السياسة التى يحتاجها الوطن، وحتى يكونوا مؤمنين بالجماهير لا بمن أتى بهم. حفظ الله مصر وشعبها العظيم.