الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خالد داود و جيلٌ جديدٌ : لا يكره إسرائيل !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد ما يقرب من ألف سنة من الحروب الصليبية اكتشف أربابها أن الحروب المباشرة لن تحظى إلا بالفشل و لن تؤتي ثمارها أبدًا و أنها لابد تأتي بنتائج عكسية على كل حال ، إذ تؤدي إلى تماسك المسلمين و وحدتهم على قلب رجلٍ واحدٍ و نبذهم لخلافاتهم و يقظتهم من غفلتهم بسبب شعورهم بالخطر .
و لهذا سعى هؤلاء إلى تغيير الاستراتيجية العامة لغزو العالم الإسلامي فلجأوا إلى الاستعمار الناعم فأنشأوا طبقة جديدة من المستعمرين تعرف بـ "المستشرقين" و هم في حقيقتهم مجموعة من القساوسة و الرهابنة نذروا حياتهم لدراسة الإسلام و علومه و المسلمين و أحوالهم من أجل معرفة نقاط القوة و الضعف و من ثم العمل على التدمير من الداخل ، بتغيير العقيدة التي في القلوب و تحويل الأفكار التي في العقول ، فكانت الحرب الجديدة حربَ عقولٍ و قلوبٍ لا حربَ مدافع و سيوف ، تهدف في النهاية إلى السيطرة التامة على أرض المسلمين و خيراتهم بطريقة سلمية غير نمطية .
و في حرب أكتوبر المجيدة كان المشهد مرعبًا بحقٍ ، مجندٌ يحمل مدفعًا على كتفه يزن ثلاثمائة كيلوجرامًا ليصعد به الساتر الترابي ، مجندٌ و ليس ضابطًا من أفراد الصاعقة المدربين و لا فردًا من أفراد الجيش النظاميين ، و إنما محضُ مجندٍ يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية ، و مشهد آخر أكثر إفزاعًا و هو تهافت الجنود على الموت من أجل غرس العلم على رمال سيناء .
كان منظرًا مفزعًا بحقٍ لقادة الكيان الصهيوني ليس لذاته و إنما للعقيدة التي حملت عليه ، و لهذا عزموا على العمل على تغيير تلك العقيدة بتغيير القلوب و العقول ، إذ لو ظل هؤلاء على حالهم فسوف يحتلون تل أبيب لا محالة !
فكان خيار السلام خيارًا تكتيكيًا من أجل التقاط الأنفاس و العمل على إعادة إنتاج خطة الصليبيين الأوائل من شن حرب القلوب و العقول من أجل إنشاء جيلٍ جديد لا يكره إسرائيل يسلم لها الأرض من غير حرب .
في إحدى برامج "المكلمة" التليفزيونية كان الأخ خالد داود "البرداعوي الجنسية" هو الضيف و معه مناظرٌ له يقول : إن كلامكم عن التعذيب و خلافه يستخدمه أعدائنا من الأمريكان و الأوروبيين من أجل شن الحرب على مصر ، و هنا قاطع داود غاضبًا و قد طاش عقله و ذهب صبره و ضاق صدره ، لا ليدافع عن وجهة نظره أو أن يدفع عن نفسه التهمة و لكن ليدافع عن الأمريكان و الأوروبيين وبانفعالٍ شديدٍ و احمرارٍ للوجه و انتفاخٍ للأوداجِ و علوٍ في الصوتِ ينهرُ خصمه عن أن يصف الأمريكان و ربعهم بالأعداء ، ليسوا أعدائنا و لا الاتحاد الأوروبي أعدائنا ، بل أصدقاءٌ لنا و أحباء !!
و هو ما لفت انتباهي إلى أن هذا الشخص و من لف لفه من "المصريين الأمريكان" أو " الأمريمصريين"! ممن ظهروا على الساحة المصرية ابتداءً من العام 2011 م ، ليسوا إلا الجيل الجديد الذي دأب المحافظون الجدد على العمل على إنشاءه و إظهاره على الساحة بقوة ليعمل بالنيابة عنهم على تسليم الأرض و العرض من غير ثمن !
إن هذه المجموعات و التي يحلو لها أن تطلق على نفسها "التيار الثالث" تيمنًا بــ "الجنس الثالث" ! لا يكرهون أعداء الوطن بل و لا يعتبرونهم أعداءً بالأساس ، بل هم أصدقاء و سادة ينسحقون تحت أقدامهم و ينبهرون بهم ، و هؤلاء في حقيقتهم أخطر علينا من الأعداء ، لأنهم يقودون الحرب بالوكالة بأليات جديدة تكون نتيجتها تزييف الوعي و الإرادة و الاستسلام للعدو من غير حرب .