الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الاستقطاب والمعارك الصفرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاستقطاب هو الانقسام والتباعد في المواقف السياسية إلى الحدود القصوى ليتحول الوضع إلى ما يسمى بالمعركة الصفرية التي تقام على أساس كل المكسب أو كل الخسارة، وهذه القاعدة لا تتناسب ولا تتسق مع الأمور السياسية ولا مع أي إطار حواري يحمل وجهتي نظر، فحتى المعارك الحربية لا يوجد فيها ما يسمى كل الانتصار أو كل الهزائم، حتى إن كانت هذه المعارك الصفرية تتجسد في المباريات الكروية فهناك ما يسمى بالتعادل أيضًا، فما بالك ونحن في وطن يجمع بين جنباته ملايين من البشر متعددي الثقافة ومتنوعي الانتماء الجنسي والطبقي والديني والفكري والايدولوجي، بأستثناء من لا علاقة لهم بغير ثقافتهم الخاصة وأنتمائتهم التنظيمية، فهل هذه التركيبة بتعدديتها، والتي أصبحت تركيبة جامعة داخل إطار الثقافة المصرية العامة، يمكن أن تُدار بهذا الاستقطاب أو من خلال المعركة الصفرية؟.
هنا وللأسف نجد الفئة غير المنتمية للثقافة المصرية الجامعة والذين يتبرأون من مصر ومن الانتماء اليها، وعلى الرغم من قلتهم، يسعون دائمًا وأبدًا لإثارة الفتن وطرح الشعارات وترويج الاكاذيب بهدف السيطرة على مجمل الرأي العام تحت حجة المصلحة العامة ومصلحة الوطن، ولذا تستغل هذه الجماعات خلق حالة من الأستقطاب السياسي فيتحول هذا الاستقطاب إلى انقسام سياسي ليؤدي إلى انقسام مجتمعي، وبالتالي يجعل أفراد المجتمع على أستعداد لممارسة العنف في سبيل الدفاع عن مواقفهم لكي يكسبوا تلك المعركة الصفرية لينهزم المجتمع وبالتالي ينهزم الوطن، ولا شك ان الثورة التكنولوجية الأتصالاتية جعلت الأمور أكثر سهولة وفي متناول الجميع لما لها من تأثير مباشر وفوري على الحشد الشعبوي والتعبئة الفكرية المعتمدة على عواطف ومظلوميات ومغالطات، الشيء الذي يسهم في الأنقسام والأستقطاب ويؤدي لتراجع حيادية الآراء فيما يتعلق بالأوضاع السياسية، وذلك لتحولها إلى أداة تنافس أستقطابي صفري، وعلى ذلك هل أسقاط الاستقطاب الصفري هذا يعني غياب الرؤى وأسقاط التعددية السياسية والفكرية والدينية وأن نصبح نسخة واحدة بلا ملامح ولا شكل مميز؟ بالطبع لا والف لا. نحن هنا نتحدث عن الأتفاق والتوافق الوطني الذي يعتمد على التعددية الفكرية والدينية والحزبية، وهذا التوافق يعتمد على الدستور والقانون الذي يُقر بلا مواربة على الأحترام والالتزام بهذه التعددية سواء في إطار الحرية المطلقة للعقيدة أو النظام السياسي الذي يعتمد على التعددية الحزبية، وهذا بالطبع يعني أن الجميع يمثلون النظام السياسي، فالأحزاب بكل توجهاتها السياسية والفكرية هى جزء من النظام السياسي بحكم الدستور، وهذا لا يعني أن تكون الأحزاب جزء من الحكومة، فالنظام السياسي هو الخيمة التي يستظل تحتها الجميع من سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية وأحزاب ومجتمع مدني، هنا يكون الخلاف في الرأي حق والمعارضة دستور وقانون في مقابل القرارات الحكومية أيًا كانت هذه القرارات، وبالطبع ستكون المعارضة، ولابد ان تكون، متسقة مع مواد الدستور التي ارتضاها الشعب وحسب القانون الذي شرعه ممثلو الشعب، إذن أين المشكلة ؟ المشكلة هنا هى هؤلاء الذين يرفعون شعار المعارضة من اجل الوطن ولكن هم لا علاقة لهم بالمعارضة، فالمعارضة هى مقابل الحكومة، فيمكن أن تتحول المعارضة إلى حكومة والعكس صحيح وهذا يتم عن طريق أرتضاء الجماهير وأختيارها لبرنامج المعارضة الحزبي بديلًا لبرنامج الحكومة، أي أن المعارضة تحمل رؤية سياسية تكون بديلًا دائمًا عند الأختيار، أم المعارضة التي تتمثل في رفض كل شيء وأي شيء بهدف تصفية حسابات سياسية وتهدف وتسعى إلى تحقيق مصالح ذاتية لجماعات لا يعنيها الوطن ولا تعارض النظام ولكنها تستهدف، بأدعائها المعارضة، إسقاط الدولة وليس إسقاط الحكومة، فهذا هو ما يعني أصحاب الاستقطاب والذين يديرون الأمور حسب نظرية الصراع الصفري، وللأسف هؤلاء الذين يسعون ويحلمون بالعودة للحكم في مصر يجب أن لا ننساق حكومةً وشعبًا وأحزابًا وقوى سياسية وراء مخططاتهم الجهنمية التي تسعى إلى خلط الأمور، وهو ما شاهدناه بكل صراحة خلال الأيام الماضية عند مناقشة مشكلات الأطباء في مواجهة جائحة كورونا، فوجدنا للأسف من ينساق وراء خلط الأوراق، وخلط الأوراق ليس في صالح الوطن على الإطلاق، فالمعارضة حق وهى عن طريق الراي الأخر تصبح ضوءً ينير طريق صاحب القرار للتعرف على صحيح الرأي العام والوطني، أما من يختبئون خلف مسمى المعارضة هم لا يملكون رايًا أخر بديلًا ليكون في أطار العمل السياسي الدستوري والقانوني، كما أن المعارضة من أجل المعارضة لا ولن تكون في صالح النظام والوطن، أيضاَ التأييد الهادف إلى تحقيق مصالح شخصية لا يكون في الصالح أيضًا، فهذا وذاك يعمل لمصالحه الشخصية، فهل نعي ذلك ونستطيع أن نميز بين هؤلاء والمعارضة الوطنية الحقيقية بمفهومها الدستوري والقانوني؟ لتبقى مصر لكل المصريين وطن نسعى جميعًا إلى تقدمه وتحضره وحمايته من كل الإخطار بالرأي والرأي الأخر في أطار القانون. حمى الله مصر وشعبها وجيوشها.