السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أفريقيا تنتفض ضد ألاعيب أردوغان لإغراق ليبيا في الإرهاب.. مصر تؤكد الدعم الكامل لإرادة الشعب الليبي واختياراته ورفض التدخلات الخارجية.. خبراء: الدول العربية مطالبة بالحفاظ على أمنها القومي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت الساحة الليبية خلال الأيام القليلة الماضية، تطورات خطيرة ومتسارعة كان أبرزها سيطرة الميليشيات الإرهابية التابعة لحكومة الوفاق بقيادة الإخوانى فايز السراج، والمدعومة بالمرتزقة وعناصر الجيش التركى، على قاعدة الوطية العسكرية فى مدينة طرابلس العاصمة، وانسحاب قوات الجيش الوطنى الليبى منها.

وأخلى الجيش الليبى تلك القاعدة الإستراتيجية، التى كانت تضم تمركزات لسلاح الجو الليبى، قبل أن تتعرض لنحو ١٠٠ غارة جوية، شنتها الطائرات المسيرة التابعة للجيش التركى، وتمكن الجيش الليبى من الخروج بكامل معداته وعتاده وعناصره دون خسائر أو إصابات، لكنه فى الوقت ذاته منح نصرا وهميا للسراج وميليشياته. 
ولم يترك الجيش الليبى الأمور على عواهنها وأصدر بيانا يوضح فيه إستراتيجية عمله خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن المعركة التى يخوضها بدعم من أبناء القبائل الشرفاء، هى معركة حق ووطن فى سبيل الله ضد المستعمر وأذنابه.
وأكد الجيش الليبى عزمه الاستمرار فى النضال حتى يعود الأمن والاستقرار للبلاد، مشددا على أن القيادة العامة للجيش هى صاحبة القرار فى ميدان المعركة، ولا تتلقى كغيرها من العملاء والمرتزقة الأوامر من مخابرات دول خارجية.
وأعاد الجيش الليبى، على لسان الناطق الرسمى باسمه أحمد المسمارى، التأكيد على قيادته العامة تتعاطى إيجابيا مع أى مبادرة للمصالحة، لكنها فى الوقت ذاته ترفض الهدنات الوهمية، مشددا فى الوقت ذاته على إعادة تمركز وحدات الجيش فى محاور جنوب طرابلس، ضمن المواجهات ضد ميليشيا حكومة الوفاق.
وبحسب المسمارى فإن القائد العام للقوات المسلحة، قرر إعادة تمركز بعض المحاور فى مدينة طرابلس، إلى نقاط جديدة، ضمن عملية تكتيكية مدروسة جيدا، على حد وصفه، نافيا ما تروج له الميليشيات من انسحاب الجيش كليا من طرابلس.

ولفت المسمارى إلى أن القائد العام للجيش، أكد أن هذه الخطوة تأتى لفك الالتحام ببعض الأحياء الآهلة بالسكان فى طرابلس، خلال أيام العيد، وحتى لا يتم استهداف المدنيين من قبل الميليشيات الإرهابية، مشددا على أن قواته مستعدة للرد بقوة على أى هجوم على الوحدات العسكرية أو المدنيين، من قبل ميليشيات السراج المدعومة من أنقرة. 
التطورات الأخيرة وإن كانت غير ذات تأثير حاسم على المعركة التى يخوضها الجيش الليبى ضد الإرهاب فى طرابلس فإنها وبحسب الخبراء منحت السراج وحليفه التركى أردوغان، فرصة إضافية لتعزيز تمركز العناصر الإرهابية القادمة من سوريا، داخل الأراضى الليبية، بما يمثل تهديدا صريحا للأمن القومى العربى والأفريقى.
ألاعيب تركية
فى الوقت ذاته كشف قائد المنطقة العسكرية الغربية بالجيش الوطنى الليبى، اللواء إدريس مادى، عن أن تركيا تعمل الآن على تجهيز قاعدة الوطية جنوب غرب طرابلس، لتكون أكبر قاعدة إرهابية عسكرية للجيش التركى خارج أراضيها، موضحا أن انسحاب الجيش من الوطية تم دون خسائر بشرية، وبناء على تعليمات من القيادة العامة. 
أفريقيا تنتفض
شهدت الأحداث الأخيرة انتفاضة أفريقية واسعة النطاق، لإنقاذ ليبيا من الوقوع فى قبضة الإرهاب والميليشيات، حيث عقدت مجموعة الاتصال الأفريقية حول ليبيا، لقاء على مستوى رؤساء الدول والحكومات، عبر الفيديو كونفرانس، أكدت خلاله أن ليبيا جزء لا يتجزأ عن أفريقيا، وأنه لا يمكن محو هويتها العربية.
الاجتماع الذى شهد حضورا واسعا لقادة أفريقيا، تصدره الرئيس عبد الفتاح السيسى، بمشاركة رئيس جمهورية الكونغو، رئيس مجموعة الاتصال، ورئيس جنوب أفريقيا، وممثل لرئيس جمهورية تشاد، فضلًا عن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، ومفوض السلم والأمن بالاتحاد، وممثل لسكرتير عام الأمم المتحدة. 
القادة الأفارقة اتفقوا خلال المؤتمر على التنسيق حول استمرار مجموعة الاتصال فى جهودها لتسوية الأزمة الليبية، وذلك بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولى، خاصة فيما يتعلق بتطبيق مخرجات مؤتمر برلين، الرامية إلى التوصل لحل سياسى للأزمة، فضلًا عن إدانة استمرار التدخلات الخارجية فى الشأن الليبى. وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته بالاجتماع إن استقرار ليبيا يعد من محددات الأمن القومى المصرى، وإن مصر لم ولن تتهاون مع الجماعات الإرهابية ومن يدعمها.

وجدد السيسى تأكيد موقف القاهرة الثابت من الأزمة الليبية، بالتوصل لحل سياسى للأزمة، والحفاظ على سيادة الدولة وأمنها ووحدة أراضيها، ودعم مصر الكامل لإرادة الشعب الليبى واختياراته، ورفض التدخلات الخارجية فى الشئون الداخلية الليبية.
وأثناء الاجتماع ذاته أكد الرئيس الجزائرى، عبد المجيد تبون، على لسان ممثله عبد العزيز جراد، ثبات موقف بلاده الداعى إلى ضرورة انتهاج سبيل الحوار والمصالحة الوطنية، كبديل وحيد للحفاظ على وحدة ليبيا وأمنها واستقرارها، وبالتالى الابتعاد عن شبح الانقسام والعنف والاقتتال.
تبون أكد أيضا عزم بلاده على الاستمرار فى بذل الجهود الدبلوماسية، بغرض التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الليبية.
الدور العربى
وتعليقا على التطورات الأخيرة، أشاد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بالدور الأفريقى الفاعل بشأن الأزمة الليبية، مشيرا إلى أن أهم مميزات هذا الدور، هو الكلمة الواحدة والرؤية الثابتة تجاه تطورات الصراع الليبى. وتساءل بدر الدين: أين الموقف العربى من هذه الأزمة التى تمثل تهديدا صارخا للأمن القومى للدول العربية، فى ظل ما تتلقاه ميليشيات السراج من دعم تركى مفتوح بالمال والسلاح والمرتزقة، بل وبالقدرات الفنية والعسكرية لجيش أردوغان أيضا. 
ولفت بدر الدين أن الدول العربية مطالبة الآن وقبل غد، بالتحرك الحاسم والسريع، للتعبير عن موقف موحد وواضح وصريح تجاه التهديدات التى يتعرض لها الأمن القومى العربى. 
وقال: «ما يجرى على الأرض يفرض وجود تغيير جذرى فى نظرة دول المنطقة وموقفها تجاه القضية الليبية، من حيث ضرورة أن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعزيز استعادة الاستقرار والأمن فى البلاد بأسرع وقت ممكن، عبر القضاء على خطط تركيا التى تستهدف تمركز الجماعات الإرهابية فى طرابلس، وصناعة بؤرة خبيثة جديدة لداعش بالمنطقة.
وأضاف: «التحالف التركى مع حكومة السراج، وسعى الأخيرة إلى استجلاب أكبر عدد من المقاتلين المرتزقة، يفتح أبواب ليبيا على مصراعيها لتدفق آلاف العناصر الإرهابية والمجرمين الجنائيين على طرابلس، بشكل يصنع بؤرة استيطانية شديدة الخطورة على أمن الوطن العربى بأكمله».
وشدد على أن التداعيات بالغة الخطورة التى تنتظر الأمن القومى العربى، تتطلب أن تجد دول المنطقة آلية سريعة لدعم جهود الشعب الليبى من أجل استعادة استقراره وأمنه، فى الوقت الذى يواصل فيه الرئيس التركى أردوغان، بذل كل الجهود لبسط سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على الأراضى الليبية، ولو على حساب مستقبل الليبيين وأمن المنطقة بأسرها.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على الأمن القومى للمنطقة، ومن أردوغان من إقامة دولة للإرهاب فى قلب الوطن العربى، بعد أن أوشكت دولته فى سوريا والعراق على الانهيار».

الموقف الدولى 
على الصعيد الدولى، ألقت الممثلة الأممية الخاصة إلى ليبيا بالإنابة، استيفانى ويليامز، خطابا أمام مجلس الأمن، يتضمن إحاطة حول الأوضاع والتطورات الأخيرة فى ليبيا، قالت فيه إن تصاعد القتال بالمناطق المدنية دون توقف، خلال الفترة الأخيرة، أدى إلى إجبار نحو مائتى ألف ليبى على الفرار من منازلهم.
كما دعت مجددا إلى وقف شامل لإطلاق النار بين أطراف النزاع، لحماية المدنيين، بعد أن أصبح نحو مليون منهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية، فى ظل انتشار وباء كورونا، الذى يزيد من المشكلات الأمنية فى البلاد بحسب قولها. 
المبعوثة الأممية وصفت أيضا سيطرة ميليشيات السراج على قاعدة الوطية العسكرية، بأنها تصعيد إضافى للحرب فى ليبيا، مشددة على ضرورة محاكمة منتهكى القانون، ووقف الاعتداءات ضد المواطنين والمنشآت المدنية، والعودة إلى العملية السياسية.
الممثلة الأممية الخاصة لليبيا بالإنابة دعت كذلك إلى الضغط على الجهات الدولية والإقليمية التى تزيد من تفاقم الأزمة الليبية.
فى الوقت ذاته علق مندوب بريطانيا لدى مجلس الأمن، بأنه لا نصر عسكرى حاسم فى ليبيا، داعيا بدوره إلى ضرورة التوصل لحل سياسى شامل، كما ندد فى الوقت ذاته بالاعتداءات المتتالية على المناطق المأهولة والمنشآت الطبية. المندوب الروسى كان حاضرا أيضا، ليؤكد فى كلمته أن ليبيا تعرضت للتدمير منذ عام ألفين وأحد عشر، معربا عن قلق بلاده من استمرار خرق قرارات منع توريد السلاح إلى أطراف النزاع.
من جهته، وصف الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلاقات الدولية، الموقف الدولى تجاه ليبيا بالمشوه.وقال فهمى: «تصريحات ممثلى القوى الدولية الفاعلة فى الأزمة الليبية، تدل على إدراك جميع الأطراف المعنية لما يجب فعله من أجل إنهاء هذا الصراع، ومع ذلك ترفض جميع هذه القوى الإجابة عن السؤال الأهم وهو لماذا لا يتحول الحديث إلى فعل حاسم ينهى هذا الصراع الدموى الذى يغذى وجود الإرهاب وتوغله بالمنطقة؟».
وأضاف: «التصريحات التى يطلقها المسئولون المعنيون بالصراع فى ليبيا، تشير إلى إدراكهم أيضا للمعوقات التى تمنع السير قدما فى المسار السياسى، كما تكشف عن معرفتهم بالجهات المسئولة عن وضع هذه المعوقات، وهى تحديدا تركيا وفايز السراج وجماعة الإخوان الإرهابية، هو ما يطرح التساؤل أيضا عن السر وراء تجاهل المجتمع الدولى لجرائم هؤلاء الأطراف، وعدم مواجهتهم بها، واتخاذ قرارات حاسمة ضدها». 
ولفت فهمى إلى أن صمت العالم تجاه وقوف الأطراف المشار إليها ضد تحقيق أى تقدم على المسار السياسى للأزمة، دفع السراج إلى الوصول لمرحلة الكذب المفضوح، عن طريق تحريف تصريحات المسئولين، وبخاصة الأوروبيين لتبدو فى صالحه، مشيرا إلى أن آخر هذه الأكاذيب مرتبط بتصريحات لوزير الخارجية الإيطالى لويجى دى مايو، عقب إجرائه اتصالا مع محمد الطاهر سيالة، وزير خارجية السراج.
وسائل الإعلام التابعة لرئيس حكومة الوفاق، زعمت أن الوزير الإيطالى أكد خلال المكالمة مع السراج، أن حكومته هى الجهة الشرعية الوحيدة فى ليبيا، وأن إيطاليا تقدم لها كل الدعم، وهو أمر لا يمكن تصوره بحسب رؤية الدكتور طارق فهمى، الذى أوضح أن كذب إعلام السراج وصل إلى مرحلة مضحكة، لا سيما بادعائه أن الوزير الإيطالى أكد أن العملية الأوروبية لمراقبة قرار حظر التسليح فى ليبيا «إيرنى». ستكون فى صالح حكومة السراج.
وقال فهمي: «السراج تناسى تحديه للمجتمع الدولى، ورفضه الرسمى لتنفيذ العملية إيرنى، بغرض عرقلة أى تحرك دولى يستهدف تخفيف حدة الصراع، حرصا منه على فرض شريعة الإرهاب، واستكمال تلقى الدعم التركى العسكرى لترسيخ الوجود الإرهابى بالبلاد».
ولفت فهمى إلى أن تصريحات السراج الكاذبة حول موقف المجتمع الدولى منه، تكشفها المعلومات التى تتواتر يوميا حول العمليات الممنهجة الجارية لتوطين الإرهابيين فى البلاد، بمساندة تركية مفضوحة، مشيرا فى هذا الصدد إلى تصريحات مبعوث الأمم المتحدة بشأن سوريا، «جير بيدرسون». التى أعرب فيها عن انزعاجه إزاء نقل المقاتلين من سوريا إلى ليبيا. 

موقف غريب 
بدوره أعرب طه على الباحث فى شئون الإرهاب عن استغرابه من التصريحات الصادرة من قبل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، حول ما وصفه بالانتصار وتحرير قاعدة الوطية الجوية، قائلا: «كيف يعتبر هذا انتصارا، والقاعدة أخلتها قوات الجيش الليبى، وغادرت مواقعها بها، دون أن تخسر معدة واحدة، أو يصاب من جنودها أى فرد». وأبدى «على» تحفظه على استخدام السراج للفظ تحرير، عند حديثه عن سيطرة ميليشياته على القاعدة، مضيفا: «يريد الترويج إلى أن القاعدة كانت محتلة من قبل عناصر الجيش الوطنى، فى حين أن الواقع يشير إلى أنها الآن أصبحت محتلة فعليا، بعد أن منحت السيطرة عليها للجيش التركى، الذى غزا الأراضى الليبية، بمباركة وموافقة وتشجيع حكومة السراج».
ولفت «على» إلى أن الحيز الجغرافى الذى تتمتع به قاعدة الوطية الجوية، ووجودها فى قلب منطقة الصراع غرب ليبيا، هو الذى يمنحها الوضعية الإستراتيجية التى يتحدث عنها الجميع، مشددا على أن هذا الوضع تتضاءل أهميته فى ظل أن قوات الجيش أخلت القاعدة طواعية، ولم يتم إجبارها على ذلك، وبالتالى أعادت تمركزها وتوزيع عناصرها، بشكل يقلل من قيمة وأهمية سيطرة ميليشيات السراج على القاعدة. 
وأوضح طه على أن قاعدة الوطية قادرة على استيعاب ٧ آلاف عسكرى، والمساعدة فى تنفيذ طلعات جوية ضد الطرف غير المسيطر عليها، لافتا إلى أن الانسحاب التكتيكى للجيش الليبى من القاعدة يفقدها كل مميزاتها، باعتبارها مناورة تراجعية اختيارية.
وأشار إلى أن ماحدث فى الساعات الماضية، بقاعدة الوطية، كان تحركا دقيقا استهدف حماية أكثر من ١٠٠٠ آلية ومدرعة، بالإضافة إلى غرفة عمليات متنقلة، ومعدات عسكرية دقيقة، كما تم سحب كل الطائرات ومنظومات الدفاع الجوى والمستشفى الميدانى، والأطقم الطبية، وسيارات الإسعاف، وهو ما يعنى أن الجيش الليبى لم يخسر أو تضعف قوته. وأشار «على» إلى أن أكبر دليل على ضعف ميليشيات السراج، رغم سيطرتها على قاعدة الوطية، هو أن الجيش الليبى نجح فى سحب جميع قواته منها، والبالغ عددها ١٥٠٠ جندى، دون وقوع فرد واحد منهم فى أيدى ميليشيات السراج، مشددا على أن الانسحاب جزء من الخطط العسكرية، الذى يكون مفيدا عندما يتم بطريقة مدروسة لاستعادة القوة والرجوع لأرض المعركة بخطة ممنهجة تتفادى الخسائر.