الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

جدل استمر 7 قرون.. ابن تيمية شيخ الإسلام أم مفتي الإرهاب؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يثر الجدل حول أحد شيوخ السلفية، مثلما حدث مع الإمام ابن تيمية، الذي عاش في القرن السابع الهجري، والرابع عشر الميلادي.
وخلال نحو 7 قرون، بقي الخلاف مشتعلا بين فريقين انتهى إليهما دارسو علم هذا الشيخ، حيث يرى فريق أنه يستحق عن جدارة لقب "شيخ الإسلام"، لدوره الكبير في وضع الفقه، الذي أنقذ الأسر المسلمة من الضياع فيما يتعلق بمسائل الطلاق، فيما يرى الفريق الآخر، أنه يستحق عن جدارة أيضا، لقب "مفتي الإرهاب"، مستندين إلى سلسلة فتاواه فيما يتعلق بتكفير الكثير من فئات المجتمع.
أما الدارسون خلال عقودنا الحالية، فيرون أن لابن تيمية أثر كبير على الأفكار الجهادية السلفية المتشددة، بحيث يصنفونه على أن أكبر منبع نهل منه أصحاب الفكر المتطرف، الأفكار والفتاوى التي تنهض بمنهجهم، وتمده بالحياة والنمو والانتشار.

أزمة "مجموع الفتاوى"
يعد كتاب "مجموع الفتاوى"، أبرز أدلة من يعتبرون ابن تيمية أحد رواد التشدد، على صدق نظرتهم، حتى إن هذا الكتاب أحدث أزمة كبرى في عدد من الدول؛ لا سيما بعد لجوء تنظيم داعش لما ورد فيه، من أجل تبرير جرائمه ضد الأبرياء.
ويأخذ أصحاب هذه الرؤية على ابن تيمية في هذا الكتاب رأيا غريبا يهاجم فيه الفلاسفة، معتبرا أنهم من أفسدوا عقول الناس، ودينهم، كما يأخذون عليه رفضه للاختلاف في الرأي.
ولا تقتصر تلك المشكلة على هذا الكتاب وحده، وإنما هاجم ابن تيمية الفلاسفة والمفكرين الكبار، من أمثال: ابن رشد، وابن سينا، واصفا إياهم بأنهم: "ينتسبون للإسلام، ولكنهم ليس للإسلام فلاسفة".

تشتت سلفي
ويرى المدافعون عن ابن تيمية، ومنهم الباحث المستشرق الشهير، ريتشارد دي تشيلفان، الذي يرى أن تشدد ابن تيمية لا يجب أن ينفصل عن عصره، الذي شهد تراجعا كبيرا للمذاهب السلفية، مما وضعها في حالة تشدد أمام انتشار المذاهب الصوفية، الأمر الذي شعر معه ابن تيمية بقرب ضياع تراث السلف؛ وجعله يتشدد في مواجهة المجتمع، معتقدا أن هذا هو السبيل لاسترداد عنفوان الأمة الإسلامية في ذاك الزمان.

التكفير
وفي الوقت الذي يرى فيه أعداء ابن تيمية أنه أول من جهر بالتكفير فقها، يرد أنصاره بأنه لم يكفر أحدا جزافا، بل أسس منهجا لتطهير الإسلام مما علق به نتيجة تراجع الفقه الصحيح أمام خرافات بثتها المناهج الأخرى في المجتمع.
ويرد المدافعون عن ابن تيمية بدليل آخر على أنه لم يعمد إلى التشدد جزافا، ولا افتراء، وهو أنه اختار لنفسه مذهب أهل السنة والجماعة من الفقهاء؛ وهو المذهب المشهود له بأنه الأكثر اعتدالا في عصره، مشيرين إلى أن ما لحق به من اتهامات عائد إلى فترة تلت وفاته، وقع فيها توظيف خاطئ لأفكاره، لكن هؤلاء لم يقدموا تفسيرا لشيئين مهمين، أولهما لماذا تم هذا التوظيف الخاطئ لفقه ابن تيمية وحده، دون غيره من علماء عصره، أو السابقين له، وأما الثاني فهو أنهم لم يردوا على الهجوم الذي لقيه ابن تيمية من بعض علماء عصره؛ الذين رفضوا معظم أفكاره ونتائج بحثه الفقهي.

رأي الحافظ السبكي
وحول آراء ابن تيمية قال تقي الدين السبكي، في كتابه "الدرة المضية في الرد على ابن تيمية": "أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام والأركان والمعاقد، بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة، مظهرا أنه داعٍ إلى الحق هاد إلى الجنة، فخرج عن الاتباع إلى الابتداع"، وهذا اتهام خطير لأنه صادر من عالم اشتهر بأنه الحافظ للعمل والسنة، حتى كان العلماء يسبقون اسمه بلقب الحافظ السبكي.
وأضاف السبكي، وهو من معاصري ابن تيمية: "جاء ابن تيمية ببدع لم تأت بها أي من الملل ولا النحل ولا الطوائف الإسلامية".

أزمة الصوفيين
أما أكبر أزمات ابن تيمية فكانت من أنصار المذاهب الصوفية، ومفكريها وفلاسفتها، حيث اتهمهم بالكفر صراحة، واصفا إياهم بأنهم: "غير مؤمنين بالله، ولا برسله، ولا باليوم الآخِر"، كما هاجم كبير الصوفية على الإطلاق وهو محيي الدين بن عربي، واصفا إياه بأنه: "مضطرب الرأي واسع الخيال، يؤمن بالحق تارةً وبالباطل تارةً، والله وحده أعلم بما مات عليه".

صلابة الرأي
ولعل من أبرز ما أخذ على ابن تيمية، هو صلابة الرأي، ورفض المعارضة، واتهام من يعمل العقل بالخروج عن الدين، فهو يرى أن العقل لا دور له إلا إذا وافق ما جاء به السلف، حتى أنه قال: "كل من يعتقد بأنه حرٌ فيما يؤمن به أو يدين به، فهو كافر، إذ لا يجوز للأديان أن تكون فكرًا، فهي وحيٌ من الله".