الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

شواطىء.. الرأسمالية تحتضـر (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع المؤرخ والأكاديمي الفرنسي جيروم باشية، الأستاذ بالمدرسة العليا لدراسات العلوم الاجتماعية في كتاب " الرأسمالية تموت.. استقلالية ومجتمع أفضل وعوالم متعددة " بقولة: إن الخروج من الرأسمالية يعنى أكثر من مجرد تغيير بسيط للنظام الاقتصادي، إنه قطيعة مع كل تنظيم جماعي، وسياسي واجتماعي وكذلك مع أنماط إنتاج الذوات الخاصة بالمجتمع السلعي. وبصورة أكثر تعمقا، فإن الخروج من الرأسمالية يستدعى بدون شك، القطيعة مع الشكل الإنساني الذى يميز الحداثة الغربية ومع توجهاتها التاريخية التي تضم منذ فترة طويلة وحتى الآن الرأسمالية والنظم الكبرى السابقة للاستغلال وسيطرة الدولة. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل سيكون منطقيا الترتيب لمثل هذا " التغيير الحضاري التام ؟ على ما يبدو أن تطور المجتمعات الإنسانية يتجه نحو مقاييس تنظيمية دون توقف وأكثر من أي وقت مضى كما أنه يتجه نحو آليات الهيمنة والرقابة المتطورة، والمترامية الأطراف، فهل يمكننا إنكار مثل هذا الاحتمال ؟ والذي نعتقد أننا نعرفه عن الطبيعة البشرية هل يمكن أن يجعله غير مستبعد مرة أخرى ؟ مثل تلك الأسئلة تلزمنا على الأقل أن نعتبر أن التحول الجذري المقترح هنا يعتبر كذلك ثورة في علم الإنسان. 
إن أسطورة تاريخ عالمي مدعم بالتقدم لا يحمل أي درس من العالمية، أنه ليس سوى حضارة لها خصوصيتها نوعا ما، من اجل أن تفرض نفسها على الآخرين، لكنة سيكون من الخطر ان نلقى بملامحها على تاريخ البشرية كلها وأن نخلط مصيرها في تاريخ متعدد الاتجاهات للمجتمعات الإنسانية. وأيا كان الأمر فإن النقطة التي عندها حدث التوسع تحت رعاية الغرب قد جعلت من تحول البشرية بصورة جذرية ضرورة مطلقة ومسألة صارمة للبقاء على الحياة. ليس هناك خيار آخر سوى الالتزام بقلب آليات عميقة لتاريخ طويل، على الأقل التسليم بأنه التاريخ البشرى على الإطلاق. فالعالم الذي ينتج إمكانية التدمير الذاتي للبشرية هو نفسه الذي ينتج عنه الضرورة لتغييره بطريقة جذرية. ونحن الآن في هذا الصدد حيث مصير العالم والبشرية التي ترغب في الاستمرار في هذا العالم يتعين عليها أن تعيده بالكامل، وذلك بإعادة توزيع كاملة للخيارات التاريخية. 
إن سلعنه الطبيعة ضرب من ضروب الخيال لمثل هذه القوة، ولكنة يعمق من دمار كوكب الأرض، البشر يجدون أنفسهم إذن مدعوين أن يكون لديهم ضمير من دمار كوكب الأرض، البشر يجدون أنفسهم إذن مدعوين أن يكون لديهم ضمير التناسب، مكانهم يعتمد على هذا المكان الذي يصنعونه للآخرين، بشرا أو غيرهم. 
كذلك يحرر الإنسان نفسه في آن واحد من كونه ذا طبيعة أنانية ومن كونه ضد المجتمع، يحرر نفسه من المطالب الفردية، من أن يكون بنفسه ولنفسه إنسانا كاملا ولكن منعزلا. أن يحرر نفسه من اعتقاده بأنه السيد الذي قام بتنصيب نفسه على هذا الكون. أن يقدم دليلا على ضبط النفس والشعور الأساسي بالتوازن، ولكن لا يوجد من ذلك شيء يخسره عدا اعتبار أن ذواتياتنا التي تتشكل بالسلعنة الرأسمالية تجعلنا نعتقد بان المساهمة في الدورة الاقتصادية للإنتاج والاستهلاك تحكم ازدهار الإنسان. 
وفى الخاتمة يقول جيروم باشية: لا يوجد من الناحية التاريخية نمط للإنتاج تم تحطيمه بواسطة الطبقة المُستغَلة، فالعبودية لم نتخلص منها بواسطة العبيد، ولا الإقطاعية تم التخلص منها بواسطة الأقنان، الرأسمالية لا يمكن أن توجد من قبل الطبقة العمالية كما هي عليه، أيا كانت أهمية الكفاح ضد أشكال الاستغلال والقمع في مثل تلك العملية. اليوم، هل انتفاضة الأرض يمكن أن تكون هي القوة التي لم يسبق لها مثيل من أجل تفتيت المجتمع الرأسمالي ومن أجل وضع نهاية لعهد الاقتصاد ووضع نهاية هذا العالم الذي لم يعد عالمنا ؟ حقا الأرض الأم كما هي غاضبة وحانقة، لا يمكنها بدون شك تدمير الرأسمالية إلا بتدمير الجنس البشرى بكاملة. فإن أملنا هو أن جزءا متوافقا من البشرية يتحالف مع الأرض الأم من أجل إسراع الخطى نحو القضاء على الرأسمالية قبل أن تقضى هذه الأخيرة علينا.