تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
طالما أن فيروس كورونا بات أمرًا واقعًا لا بد من التعايش معه والقبول به لفترة غير معلومة؛ فان شعار البقاء في المنزل لم يعد هو المناسب للمرحلة القادمة وإلا أصبحنا كمن يهرب من الموت على يد الفيروس إلى الموت بين يدى الجوع.
هكذا تحدث رئيس منظمة الصحة العالمية "نحن مضطرون للتعايش مع فيروس كورونا لفترة غير معلومة".
التحدى الرئيسى أمامنا يكمن في هذا التساؤل كيف سنتمكن نحن البشر من مواجهة هذا العدو اللعين إذا خسرنا كل شىء وتوقفت كل أشكال الحياة ومختلف أوجه الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحتى الثقافية.
في الحد الأدنى تحتاج الحكومات إلى ما يساعدها في مواصلة تقديم الخدمات الصحية بالقدر الملائم خاصة لأعداد المصابين المتزايدة وحتى تقلل من نسبة الوفيات، وهى تحتاج أيضًا إلى ما يمكّنها من دعم الفئات المتضررة وتوفير احتياجات الغذاء والدواء لكل مواطنيها.
نحن المواطنين نحتاج لمواصلة أعمالنا حتى تظل لدينا القدرة على شراء غذائنا والخدمات الطبية لنخفف العبء قليلًا عن كاهل حكوماتنا.
لا ينبغى أن يتحول غالبية سكان كوكب الأرض إلى فقراء وإلا أصبحنا أمام مجاعة حقيقية ستساعد كورونا على التفشى أكثر وستعجل بإبادة ملايين البشر.
الحكومة اضطرت مطلع الأسبوع لطلب قرض جديد من صندوق النقد الدولى ولولا تداعيات فيروس كورونا لما كان القرض الجديد، وهذا يعنى أننا بحاجة إلى تسريع عجلة الإنتاج ومن ثم النمو حتى نعزز قدراتنا في مواجهة هذا الفيروس القاتل ناهيك عن التحديات التقليدية الموجودة أصلًا، ولن يكون ذلك قطعًا بالبقاء في المنزل؛ لكنه أيضًا لن يكون بالخروج العشوائى.
العودة إلى ممارسة الحياة الطبيعية في زمن كورونا مشروطة بعدة قواعد صارمة، من بينها أن تعمل جميع الدوائر الحكومية وشركات قطاع الأعمال والقطاع الخاص والورش بنظام الورديات المتعددة حسب طبيعة وظروف كل هيئة أو منشأة أو مصنع، على أن يتم ذلك بالتنسيق مع وزارتى النقل والمواصلات والداخلية، بحيث لا تتكون تكدسات مرورية، وأن يمتد عمل وسائل النقل العامة من باصات وحافلات ومترو أنفاق على مدى الأربع والعشرين ساعة.
وأعتقد أن تجربة الأيام الماضية قد كشفت للحكومة وشركات القطاع الخاص أن هناك عشرات ومئات الوظائف التى يستطيع المكلفون بها أداءها على أكمل وجه وهم قابعون في بيوتهم باستخدام تكنولوجيا الاتصالات الحديثة أى أن الموظف يجلس على مكتبه أمام شاشة الكمبيوتر بنفس الموعد المحدد له للوصول إلى مقر عمله ويمضى نفس ساعات العمل المطلوبة وحتى نكون عمليين أكثر يتم تكليف هؤلاء الموظفين بمهام محددة للوصول إلى نتائج بعينها خلال فترة زمنية معلومة وبناء على هذا التكليف ونسبة النتائج أو الأهداف المحققة تتم عملية مراقبة وتقييم الموظف.
وظنى أن الجميع قد يفاجأ بتحقيق أهداف ونتائج لم تكن تحققها قبل زمن كورونا فالسماح لبعض الموظفين العمل من داخل منازلهم يتطلب الالتزام بخطة عمل محددة في إطار زمنى معلوم وقد نكتشف أيضًا أننا كنا بحاجة من زمن لهذا الأسلوب لأنه من ناحية سيعمل على تخفيف الزحام وترشيد استهلاك البنزين ومن ثم تخفيف معدلات التلوث ومن ناحية أخرى تعمل على زيادة دخل الموظف لأنها ستوفر ما كان ينفقه على المواصلات العامة أو حتى وقود سيارته، بل وحتى ثمن كوب الشاى أو زجاجة العصير أو وجبة الإفطار التى كان سيتناولها خارج منزله.
العودة المشروطة تتطلب أيضًا قواعد صارمة في التعامل داخل الأسواق لاسيما الشعبية منها فهى حتى الآن خارج السيطرة لأن المسألة مرتبطة في الأساس بوعى وسلوك المواطن لكن تجربة الأسابيع الماضية في مصر وباقى دول العالم من حولنا لا بد وأنها توحى للمعنيين والخبراء بأساليب مبتكرة لمعالجة هذه المشكلة حتى لو كان الأمر يتطلب أساليب عنيفة نوعًا ما لإجبار تلك الملايين من البشر التى تتحرك بشكل غير واعى على الالتزام بالحدود الدنيا لإجراءات الأمان.