الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحفاظ على التوافق المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن الآثار الكارثية والدراماتيكية والإستراتيجية التي ستنتج عن وباء كورونا ستصيب العالم كله بلا استثناء، والآن نرى كل المحللين والاستراتيجين، كلٍ حسب موقعه ومنطلقه الفكري وميوله السياسية يقول بانتصار الصين على أمريكا، ومن يقول أن أمريكا هى القوى العظمي التي ستظل، ومن قائل أن زمن روسيا هو القادم بسياسة الداهية بوتين.
والأهم ما هو موقفنا وموقعنا وامكاناتنا حتى يمكننا مواجهة تلك المتغيرات. بدايةً فالمتغيرات الاقتصادية التي بدأت ظواهرها واثارها على الجميع ستكون هى حجر الزاوية الذي سيُبنى عليه كل المجالات.فالصراع الاقتصادي خاصةً بين الصين وأمريكا كان وسيظل مرتبطًا بالجانب السياسي الذي يتشكل بناءً على القدرات الاقتصادية بين متنافسين،وبالطبع الجانب الاقتصادي يُحدد بعد ذلك شكل النُظم السياسية،خاصةً بعد تخطي الصين لمأزق الوباء وصمودها الاقتصادي حسب نظامها السياسي الذي يطلقون عليه بالنظام المغلق، مع العلم أن جائحة كورنا فرضت على الجميع ذلك الانغلاق، وهذا حدث في ظل متغيرات سابقة وهى ظهور الشعبوية السياسية بديلًا للديمقراطية النيابية التي فشلت في تهذيب النظام النيوليبرالي والرأسمالية المتوحشة التي لا ترى غير المصلحة وتراكم الاموال والثروات على حساب فقراء العالم ومتوسطيهم، فالبوادر الآن،التي يمكن أن تُستغل أو ان تضيع من الايدي، هى التي ستجعل البعض يتنبه إلى الرجوع إلى ممارسات تتصف بالعدالة الاجتماعية مع الاهتمام بالبحث العلمي على حساب التدفقات العسكرية التي تم ويتم بها ابتزاز الدول التي تخضع لحماية أمريكا، كما ان الصراع الاقتصادي سيعتمد اساسًا على الإبداعات التكنولوجية والرقمية التي تمثل الثورة الصناعية الرابعة والخامسة، مع الوضع في الاعتبار قياس الرأى العام من خلال التواصل الاجتماعي الذي أصبح بديلًا فعليًا عن كل أشكال الديمقراطيات الجماهيرية المباشرة، ولكن هل هذا يعني سقوط الصراعات الدولية التقليدية بين الدول ؟ بالطبع لا ستظل المحاور والتحالفات والمصالح،فهذه طبيعة الحياة السياسية حتى قبل ظهور العلوم السياسية.
هنا في مصر وبدايةً استطاعت مصر بعد 30 يونيو أن تخلق علاقة دولية متوازنة مع كل القوى بشكل يحاول الحفاظ على حرية القرار مما يجعلنا لا نخضع للأخر بغير تحقيق مصلحتنا بكرامة تليق بمصر، وعلى الجانب الاقتصادي حتى الآن فالأمور تسير ولكن لا بد أن نستعد لظروف غير عادية حتى تمر الآمور بسلام، اما الجانب السياسي،وهو الاهم،فالشعب قد أعطى نموذجًا فريدًا للتلاحم والتوافق في 30 يونيو بشكل غير مسبوق، ولكن لأسباب اهمها مواجهة الإرهاب والخروج من المشكلة الاقتصادية، التي دفع ثمنها الفقراء، إلى جانب العمل على أعادة هيبة الدولة وأستقراراها جعل الممارسة السياسية ليست كما ينبغي أن يكون،خاصةً في ظل غياب حياة سياسية ووجود احزاب لا علاقة لها بالسياسة أو الحزبية، وذلك جعل هناك بعض الخلاف بين حلف 30 يونيو، ولكن لا شك أن كورونا،وكعادة المصريين في اوقات الشدة، اعاد التلاحم الوطني،خاصةً أن النظام السياسي في تعامله مع الوباء بصورة فيها من العلمية وأكتساب الخبرة، ومع وجود الصين التي أحتوت وايطاليا التي تفجرت، جعل الشعب يُعيد المصداقية بينه وبين الحكومة،وهذا هو المفتاح السري للتوافق المصري، فأي نظام يحتاج إلى شرعية دستورية وقانونية، وهاتان الشرعيتان موجودتان بتطبيق الدستور والقانون، ولكن الاهم هو الشرعية الجماهيرية وهى المتوفرة الآن بالرغم من حسرة المتربصين بالوطن والذين يختلقون الاشياء لأنهياره، فلا تقدم ولا تغيير ولا مواجهة للمتغيرات القادمة غير تأكيد وتدعيم التلاحم الشعبي والتوافق المصري والتوحد الوطني بين الشعب بكل طبقاته وبينه وبين الحكومة، الآن يخص الوطن الذي هو ملك كل المصريين،فالنظام السياسي غير الوطن، ومعارضة النظام فيما هو لصالح الوطن وفي الاطار السياسي والموضوعي تحت ظل القانون وعباءة الدستور فهذا مشروع لصالح الوطن ولصالح النظام. حمى الله مصر وشعبها حتى نمر بسلام من هذه المتغيرات.