أثبتت الأزمة العالمية التي سببتها جائحة كوفيد١٩، أن النساء في مواقع المسئولية، قد أبلين بلاءً حسنا، بل قد تفوقن في إدارة الأزمة على قرنائهن من الرجال. ففي مقال بعنوان "رأس الحربة ضد كورونا من النساء"، للكاتب منصف السليمي، منشور في DW الألمانية بتاريخ ١٣ مارس ٢٠٢٠، ألقي الضوء على الشخصيات النسائية في شمال أفريقيا التي حققت نجاحا ملحوظا في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأشاد الكاتب بدور د.هالة زايد، وزيرة الصحة المصرية، وكذلك طبيبات في موقع المسئولية في كل من تونس والجزائر والمغرب. نفس الموضوع قامت بتغطيته كل من شبكة CNN، ومجلة فوربس الأمريكيتين. فليس مصادفة أن الدول التي تتولى قيادتها سيدات، قد أدارت الأزمة بكفاءة عالية، وأعطت مثالا لذلك كل من تايوان ونيوزيلندا وألمانيا والدنمارك والنرويج وفنلندا وأيسلندا.
ففي تايوان (نحو ٢٤ مليون مواطن)، والتي تترأسها السيدة (تساي إنغ ون)، وهي جزيرة تقع في بحر الصين. وعلي الرغم من أنها ملاصقة لجمهورية الصين، البلد الذي نشأ فيه الوباء، وانتشر منه إلى باقي دول العالم، فقد اتخذت السيدة انغ ون إجراءات صارمة، كان نتيجتها أن سجلت تايوان حتى الآن أعدادا محدودة، تقدر بنحو 393 حالة إصابة وعدد ٦حالات وفاة، وهي أعداد لاتذكر إذا ماقورنت بالدول المجاورة.
وفي نيوزيلاندا، قادت السيدة (جاسيندا أرديرن) رئيسة الوزراء، بلادها في مواجهة الجائحة بإجراءات صارمة. حيث قامت بفرض عزلة ذاتية مع إغلاق جميع الخدمات غير الأساسية والمدارس. وقد نجحت حتى الآن في السيطرة على انتشار المرض، حيث بلغ العدد الكلي للحالات (١٠٨٦)، وعدد الوفيات (١١) حالة، وهي أعداد قليلة جدا إذا ماقورنت بالدول الأخري.
وفي ألمانيا، أثبتت المستشارة الألمانية (أنجيلا ميركل)، أنها الأكثر مقدرة على إدارة الأزمة، وبذلت ميركل مجهودات كبيرة ومنذ اليوم الأول لظهور الأزمة، حيث قامت بتحريك الأطقم الطبية، وإلقاء خطاب عاطفي للشعب الألماني، حذرت فيه من أن ٧٠٪ من الشعب قد يصاب بالفيروس. واتخذت إجراءات صارمة أدت إلى أن تبقى أرقام الوفيات في ألمانيا أقل بكثير من بقية الدول الأوروبية المجاورة.
وفي الدول الاسكندنافية الخمسة (السويد والدنمارك والنرويج وأيسلندا وفنلندا)، والتي تحكمها جميعا سيدات ماعدا السويد، فقد تفوقت البلاد الأربعة التي يحكمها النساء على السويد.
فرئيسة الوزراء الفنلندية (سانا مارين)، قد تواصلت مع الشعب والقيادات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد وصل عدد الإصابات هناك إلى نحو ثلاثة آلاف فقط حتى الآن.
وفي أيسلندا، قامت رئيسة الوزراء (كاترين جاكوبسدوتير) بتوفير فحوص مجانية لجميع مواطنيها، مع إنشاء نظام تتبع شامل للمخالطين، مما مكنهم من الاستمرار دون الإغلاق العام أو إغلاق المدارس.
وفي النرويج، تحدثت رئيسة الوزراء (أرنا سولبرغ) مع الأطفال مباشرة عبر الإذاعة والتليفزيون. وكذلك فعلت رئيسة وزراء الدنمارك (ميت فريدريكسن)، والتي عقدت مؤتمرا صحفيا مخصصا للأطفال، قدمت لهم النصح والتوعية بالفيروس، وأجابت فيه عن تساؤلاتهم.
واستمرارا لتفوق النساء في إدارة الأزمة، فقد تصدت سيدة أخري وهي الألمانية (أورسولا غيرترود فون دير لاين)، رئيسة المفوضية الأوروبية، لإعادة التماسك للاتحاد الأوروبي، وللتخفيف عن الإيطاليين من المرارة التي يشعرون بها. وقفت لتعتذر للشعب الايطالي عن التقصير والخذلان وعدم التحرك لمساعدتهم أثناء الأسابيع الأولي لانتشار الجائحة. ووعدت بأن ذلك لن يتكرر أبدا، وأن أوروبا سوف تظل متحدة في مواجهة الأزمات والكوارث.
مما سبق يتضح أن النساء قادرات على تحمل المسئولية وإدارة بلدانها، حتى في أحلك الظروف وأصعب الأزمات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو؛ هل ماحدث في تايوان ونيوزيلاندا وألمانيا والدول الاسكندنافية التي تحكمها النساء حدث بالصدفة؟ هل النجاح والذكاء والمرونة والتواصل مع الصغير قبل الكبير حدث بالصدفة؟ أعتقد أنه من الإنصاف أن نعترف أن المرأة تستحق كل الاحترام والتقدير، وأنها جديرة بإدارة أصعب الملفات، وأنها تستطيع أن تتولي المسئولية الأولي في إدارة البلاد.