جاء فيروس كورونا، واجتياحه للعالم، في ظل وجود التليفزيون والإنترنت ووسائل البحث ووسائل التواصل الاجتماعي، ليجعل الشعوب في العالم الثالث أكثر تقبلا للإجراءات التي تتخذها حكوماتها. فها هي شعوب فقيرة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، تقبل الإجراءات والتعليمات الحكومية بصدر رحب، لأنها رأت رأي العين على شاشات التليفزيون، شعوبا غنية وديمقراطية ومتقدمة في أمريكا وأوروبا يطبق عليها ذات الإجراءات، وربما أكثر.
وحيث ما زالت نسب الوفيات العالمية إلى الأعداد الإجمالية للسكان، هي نسب ضئيلة للغاية، حتى لو تضاعفت معدلات الوفيات مرتين أو ثلاث أو عشر مرات، وبالتالي فإن الخطر الأكبر بلا منازع كأثر مباشر للاحتياطات والحظر والغلق وتضييق الاختلاط ومنع التجول، هو وجود مليارات البشر دون دخل أو بدخل أقل أو بدون عمل، إضافة إلى اقتراب إفلاس كثير من الشركات والمؤسسات وغير ذلك. تلك هي المشكلة الحقيقية الناجمة عن الفيروس.
ويزيد الأمر تعقيدا، أن الدول مهما كانت غنية، ومهما بلغت احتياطاتها النقدية وقوة صناديقها السيادية وغزارة مصادرها الطبيعية، فلن تستطيع مساندة من لا دخل لهم لمدد طويلة، ولن تستطيع مساندة الشركات والمؤسسات إلا لمدد قصيرة جدا، لذلك لم يأت من فراغ بدء بعض الدول بالأخذ بأخف الضررين، وهو رفع الحظر قدر الإمكان، وتحمل النتائج في زيادة عدد الوفيات، بدلا من تدمير الاقتصاد، وتدمير البنية المجتمعية، وربما التعرض لثورة جياع لا تبقي ولا تذر، فالدول كنظم حكم ما زالت قوية وقادرة على فرض سيطرتها على الشارع وقادرة على إقرار النظام، وهو أمر مشكوك فيه لو ظلت أوضاع غلق الأسواق والأعمال لمدد طويلة.
وسط تلك المشكلات الكبرى على مستوى العالم، وأطفال جائعون، وعمال ضائعون، وآباء وأمهات لا يجدون طعام اليوم فما بالنا بغد وبعد غد؟ وشهر بعد شهر. وبين موظفين تائهين لا يعرفون مصيرهم غدا، وعاملين انخفضت رواتبهم، أو أغلقت المصانع والفنادق والمتاجر والمطاعم التي يعملون فيها. وبين جفاف مصادر السياحة وحظر الانتقال بين الدول واضمحلال الصادرات، نجد على النقيض من ذلك فئة متفرجة مطمئنة، إنهم عائلات وورثة لصوص المال العام على مستوى العالم. فهم يعيشون في سعادة غامرة واطمئنان كبير لعدة أسباب رئيسية، أهمها:
أنهم يتملكون مساكنهم ومصايفهم وسياراتهم، ولا يعانون مشكلات إيجارات وديون.
أنهم يمتلكون أرصدة مالية في داخل بلادهم وخارج بلادهم ومطمئنون للمستقبل.
أنهم لا يديرون مشاريع ولا مصانع، وبالتالي لا مشكلات في تدبير أجور للعمال ولا تصريف منتجات أو تدبير خامات.
إن آباءهم وأزواجهم اللصوص قد ماتوا وماتت معهم جرائمهم، أو خرجوا إلى المعاش وأفلتوا بسرقاتهم.
لقد جاءت كورونا لتعصف بالشرفاء وتقصف الكادحين وتجسد معاناة الفقراء، وفي ذات الوقت لتعطي انطباعا بالرضاء للصوص المال العام ولأسرهم ولورثتهم، وأصبحوا يحدثون أنفسهم قائلين في عصر كورونا "لولا تلك السرقات ولولا تلك الملايين المكدسة، لوقفنا منتظرين لإعانة وزاحمنا من أجل زجاجة زيت رخيصة ورغيف عيش مدعم" وأتخيل أن ورثة هؤلاء اللصوص سيذهبون لمقابر آبائهم وأزواجهم اللصوص ليترحموا عليهم، فقد أنقذوهم من ذل كورونا.
وأخشى ما أخشاه، أن تترك كورونا أثرا سالبا على النزاهة والشرف والتعفف عن المال العام، وأن تترك فئة من الشرفاء جانب الشرف، وتنتقل إلى جانب اللصوص لتكتنز المال لأجل جائحة جديدة قد تحدث مستقبلا مثل كورونا. وهو أمر لا بد لعلماء الاجتماع والتربية والأخلاق أن يدرسوه ويضعون الخطط التربوية لملافاته.
ويروى أن عمر بن الخطاب قد نقش على خاتمه "كفى بالموت واعظا يا عمر" ونقول لكل الناس إن كورونا موت، ونأمل أن يكون لكم واعظا وسببا للتوبة، وليس سببا للتخطيط لسرقة المال العام مستقبلا، كما نأمل ألا يكون أحد الدروس المستفادة من كورونا، هو التكالب على التوظف في الحكومة، حيث يجد الموظف الحكومي راتبه آخر الشهر غير منقوص، ولا يجد نفسه معرضا لفقد وظيفته أو تخفيض راتبه أو إغلاق وإفلاس مكان عمله، بل لا بد أن يتجه الشخص في ريعان شبابه للعمل الخاص ولامتلاك مشروعه الصغير ولتكوين ثروة حلال في فترة زمنية معقولة، وليس للعيش في أزمات شهرية كموظف حكومة محدود الراتب، واقفا في طابور الترقيات.
وحيث ما زالت نسب الوفيات العالمية إلى الأعداد الإجمالية للسكان، هي نسب ضئيلة للغاية، حتى لو تضاعفت معدلات الوفيات مرتين أو ثلاث أو عشر مرات، وبالتالي فإن الخطر الأكبر بلا منازع كأثر مباشر للاحتياطات والحظر والغلق وتضييق الاختلاط ومنع التجول، هو وجود مليارات البشر دون دخل أو بدخل أقل أو بدون عمل، إضافة إلى اقتراب إفلاس كثير من الشركات والمؤسسات وغير ذلك. تلك هي المشكلة الحقيقية الناجمة عن الفيروس.
ويزيد الأمر تعقيدا، أن الدول مهما كانت غنية، ومهما بلغت احتياطاتها النقدية وقوة صناديقها السيادية وغزارة مصادرها الطبيعية، فلن تستطيع مساندة من لا دخل لهم لمدد طويلة، ولن تستطيع مساندة الشركات والمؤسسات إلا لمدد قصيرة جدا، لذلك لم يأت من فراغ بدء بعض الدول بالأخذ بأخف الضررين، وهو رفع الحظر قدر الإمكان، وتحمل النتائج في زيادة عدد الوفيات، بدلا من تدمير الاقتصاد، وتدمير البنية المجتمعية، وربما التعرض لثورة جياع لا تبقي ولا تذر، فالدول كنظم حكم ما زالت قوية وقادرة على فرض سيطرتها على الشارع وقادرة على إقرار النظام، وهو أمر مشكوك فيه لو ظلت أوضاع غلق الأسواق والأعمال لمدد طويلة.
وسط تلك المشكلات الكبرى على مستوى العالم، وأطفال جائعون، وعمال ضائعون، وآباء وأمهات لا يجدون طعام اليوم فما بالنا بغد وبعد غد؟ وشهر بعد شهر. وبين موظفين تائهين لا يعرفون مصيرهم غدا، وعاملين انخفضت رواتبهم، أو أغلقت المصانع والفنادق والمتاجر والمطاعم التي يعملون فيها. وبين جفاف مصادر السياحة وحظر الانتقال بين الدول واضمحلال الصادرات، نجد على النقيض من ذلك فئة متفرجة مطمئنة، إنهم عائلات وورثة لصوص المال العام على مستوى العالم. فهم يعيشون في سعادة غامرة واطمئنان كبير لعدة أسباب رئيسية، أهمها:
أنهم يتملكون مساكنهم ومصايفهم وسياراتهم، ولا يعانون مشكلات إيجارات وديون.
أنهم يمتلكون أرصدة مالية في داخل بلادهم وخارج بلادهم ومطمئنون للمستقبل.
أنهم لا يديرون مشاريع ولا مصانع، وبالتالي لا مشكلات في تدبير أجور للعمال ولا تصريف منتجات أو تدبير خامات.
إن آباءهم وأزواجهم اللصوص قد ماتوا وماتت معهم جرائمهم، أو خرجوا إلى المعاش وأفلتوا بسرقاتهم.
لقد جاءت كورونا لتعصف بالشرفاء وتقصف الكادحين وتجسد معاناة الفقراء، وفي ذات الوقت لتعطي انطباعا بالرضاء للصوص المال العام ولأسرهم ولورثتهم، وأصبحوا يحدثون أنفسهم قائلين في عصر كورونا "لولا تلك السرقات ولولا تلك الملايين المكدسة، لوقفنا منتظرين لإعانة وزاحمنا من أجل زجاجة زيت رخيصة ورغيف عيش مدعم" وأتخيل أن ورثة هؤلاء اللصوص سيذهبون لمقابر آبائهم وأزواجهم اللصوص ليترحموا عليهم، فقد أنقذوهم من ذل كورونا.
وأخشى ما أخشاه، أن تترك كورونا أثرا سالبا على النزاهة والشرف والتعفف عن المال العام، وأن تترك فئة من الشرفاء جانب الشرف، وتنتقل إلى جانب اللصوص لتكتنز المال لأجل جائحة جديدة قد تحدث مستقبلا مثل كورونا. وهو أمر لا بد لعلماء الاجتماع والتربية والأخلاق أن يدرسوه ويضعون الخطط التربوية لملافاته.
ويروى أن عمر بن الخطاب قد نقش على خاتمه "كفى بالموت واعظا يا عمر" ونقول لكل الناس إن كورونا موت، ونأمل أن يكون لكم واعظا وسببا للتوبة، وليس سببا للتخطيط لسرقة المال العام مستقبلا، كما نأمل ألا يكون أحد الدروس المستفادة من كورونا، هو التكالب على التوظف في الحكومة، حيث يجد الموظف الحكومي راتبه آخر الشهر غير منقوص، ولا يجد نفسه معرضا لفقد وظيفته أو تخفيض راتبه أو إغلاق وإفلاس مكان عمله، بل لا بد أن يتجه الشخص في ريعان شبابه للعمل الخاص ولامتلاك مشروعه الصغير ولتكوين ثروة حلال في فترة زمنية معقولة، وليس للعيش في أزمات شهرية كموظف حكومة محدود الراتب، واقفا في طابور الترقيات.