الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"كِتابيه"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رُبما يستهويني كثيرًا أن أكتب؛ رغم أنني اُدرك أن الكتابة مثل القهوة أحيانًا تكون حبّاتها مريرة ولكنها تأخذ طابعًا دافئًا خلّابًا؛ تجعلك تفكر كثيرًا في ذلك المزيج القاتم وتلك الرائحة العتيقة وذلك الوجه الساكن. تأخذك بعيدًا عن صراعات الحاضر وآلام الماضي وتحديات المُستقبل؛ إلى حيث ينتهي بك الخيال والحلم.
هكذا تؤثر الحروف عند تراصّها على وريقات ناضجة ذات ملمس خشن جاف مكتوبة بذلك الحبر الأسود في نفوس البشر؛ منها من يحمل مفاتح القلوب فيسكنها دونما إذن؛ ومنها من يعيش وحيدًا طيلة عُمره لا يقوي على الوحدة ولا يُريد الموت. نعم.. جميلة هي تلك القصة التي نزرف لاجلها دموعًا ونجني بقرائتها ألمًا؛ وعظيمة هي الصراحة التي تجعلك تستفيق من غياهب النفاق وأنهار الرياء والبُهتان.
كُتّاب كثيرون تعلموا الكتابة من أثر الألم وكثيرون تعودوا على الكتابة من واقع الحياة وكثيرون تربوا على الكِتابة لأنها تسموا بأرواحهم بعيدًا عن صراعات العالم المزدحم؛ وأجد نفسي تائهًا في وسط طريق طويل لا أري بُعده ولم أري بدايته؛ كل ما علمته أنّي أسير بلا توقف زاهدًا في تلك الكلمات الرنانة والعبارات المتزينة بالسُّم. 
لا أخشي شيئًا إن قُلت أننى أراهم جميعهم بعين الحق ولن أُنصّب نفسي حَكمًا على واقع لن أستطيع -ولا أنت- تغييره؛ لكني أحسب نفسي واحدًا منهم أكذب أحيانًا وأتجمل أحيانًا أخرى؛ ويا ليتنا نملِك حيلةً في هذا الامر أو نملك ناقَةً فيه أو جَمَل، ولكنّها السياسة ما تجعلنا نكتُب ما لا نشعُر وقتما نَشعُر، وننطِقُ ما لا نُريد وقتما نُريد؛ هي التي قال عنها فلاسفة كثيرون "إنها الحُب" وقال عنها آخرون "إنها السُلطة"، وأقول "إن السياسة هي الحياة".
كثيرون يستصغِرون شئون الكثيرين دون دراية بأقدراهم وأحلامهم؛ فقط مساكين يعيشون يومًا بيوم لا ينظرون للمُستقبل قَط؛ ولا يدرون عَلّ الله يُحدث بعد ذلك أمرًا. إن الكتابة مثل السياسة تتقلّب فيها الكلمات كناية لمعانٍ أخرى كما تتقلّب المصالح في السياسة كنايَة لمآربُ شتى.
يا من تكتبون من واقع الأمل تمسّكوا به ولا تقنطوا من روح الله؛ ويا من تكتبون من شدة الألم كَم من عسير مَر وكَم من يسير سيأتي؛ ويا من تكتبون للحُب أقول لكم طِبتم وطاب مسعاكم ومرجاكم، فوالله إني لأرى أن الله خلقنا للحُب ومن الحب، كما أرجو أن يكون كِتابيَه صفحاته بيضاء وكلماته كُتبت بمداد من الأمل والحُب والتوكل على الله.