مع استمرار انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩)، ومع حصد المزيد من الأرواح كل يوم، ومع ازدياد حالة الفزع والهلع التى تجتاح العالم، في مواجهة حرب مؤلمة مع عدو غير مرئي، ومع اقتراب العالم من الدخول في حالة ركود اقتصادى غير مسبوق، إلا أنه قد ظهر أبطال لتلك الحرب. أبطال أظهروا شجاعة وإقداما وتضحية وضربوا أعظم الأمثلة في معركة التصدى لفيروس كورونا، إنهم أبطال الفرق الطبية.
ولقد كان الرئيس عبدالفتاح السيسي هو أول من أطلق لقب «أبطال الحرب على كورونا» على الأطقم الطبية، خلال الاحتفال بعيد الأم، مؤكدًا أنه يتقدم بالشكر لما يقوم به الأطباء وطاقم التمريض المصري، موضحا أن أزمة كورونا حرب والأطباء أبطالها، وأن هناك العديد من الخسائر التى تكبدتها الأطقم الطبية من جراء مواجهتهم للمرض. وفى هذا المقال نعرض عدة أمثلة، كنماذج مشرفة، داخليا وخارجيا، كأبطال لحرب مع فيروس كورونا المستجد.
أولًا: أبطال مصر، أثبتت أزمة الأسابيع القليلة الماضية أن أطباء وممرضات مصر أبطال، وأنهم لا يخشون الموت ولا يهابون المرض، ولا يتقاعسون عن تقديم أفضل ما عندهم لإنقاذ حياة المرضى، رغم علمهم بخطورة الفيروس. لقد اتحد كل أطباء مصر، وتم التنسيق بين كل مقدمى الخدمة الصحية في كيان واحد، لتقديم خدمة طبية متكاملة. لقد بات واضحا أننا نستطيع، إذا توافرت الإرادة السياسية، أن نعمل معا في منظومة واحدة متكاملة. وحتى كتابة هذا المقال، فقد نجحت وزارة الصحة في تحمل مسؤولياتها في مجابهة الجائحة. ونجح قطاع الصحة الوقائى (حتى الآن على الأقل)، في حماية المجتمع والقيام بعمل رائع في عزل المرضى، وترصد المخالطين، والتعامل بمهنية مع وسائل الإعلام. لقد أعادت الأزمة الطارئة لوزارة الصحة كل التقدير والاحترام، وللأطباء كل الفخر والاعتزاز الذي يستحقونه.
ثانيا: أبطال الصين، سوف يسجل التاريخ موقفين اثنين حدثا في الصين خلال الأزمة. الأول؛ هو موقف الطبيب الصيني لى وينل يانج. كان يانج هو أول من حذر من انتشار الفيروس في مستشفى ووهان في الصين، وهددته الشرطة حينها لكى يصمت. لكنه قام بتحذير زملائه من تفشى فيروس خطير لم يكن قد تم تحديده بعد، ليأخذوا الاحتياطات اللازمة. وأصبح هذا الطبيب بطلا، بعدما أصابه الفيروس، وأدى إلى وفاته، مما اضطر السلطات الصينية لتقديم الاعتذار له.
أما الصورة الثانية، فكانت صورة وداع الجماهير للأطقم الطبية العائدة من ووهان بالتحية العسكرية بعد سيطرتهم على الوباء، وربما تصبح هذه الصورة إحدى أهم ذكريات جائحة «كوفيد-١٩».
ثالثًا: أبطال إيطاليا، ذلك أن إيطاليا من البلاد التى عانت بشدة من انتشار الجائحة على أراضيها. وقد أظهرت بعض الصور التى تم بثها أثناء الأزمة، حالة من الإرهاق والتعب الشديدين على وجوه الأطباء والتمريض، بالإضافة إلى وجود آثار شديدة على الوجوه، بسبب ارتداء الكمامات والنظارات الطبية لفترات طويلة بدون توقف.
وربما تظل هذه الصور هى الأخرى في ذاكرة البشرية لسنوات طويلة.
رابعا: أبطال إنجلترا، أظهرت الأزمة في إنجلترا تضامنا غير مسبوق بين وزارة الصحة والمجتمع المدني، أما الموقف الذى لم يسبق حدوثه في تاريخ إنجلترا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والذى تمثل في طلب الحكومة البريطانية من الأطباء المتقاعدين وطلاب كليات الطب، التطوع لمساعدة الأطقم الطبية العاملة في الحرب ضد الفيروس. وبالفعل فقد تطوع الآلاف من الأطباء المتقاعدين والطلاب، لنجدة المستشفيات، مما كان له عظيم الأثر في نفوس الأطباء والمرضى والمجتمع على حد سواء.
خامسا: أبطال الولايات المتحدة الأمريكية، لقد ظهر بطل للحرب على فيروس كورونا المستجد وهو الدكتور أنتونى فاوتشى (٧٩ سنة). وهو مدير المعهد الوطنى للحساسية والأمراض المعدية. وهو الشخصية العلمية المرموقة التى يثق فيها العالم. وقف بجوار الرئيس ترامب في اللقاءات الصحفية، وحافظ بثقة وثبات على رأيه العلمي، وقال إنه من السابق لأوانه أن نحكم على فاعلية وأمان مضادات الملاريا في علاج «كوفيد- ١٩»، وهو الذى نصح بضرورة بقاء الناس في البيوت للحد من انتشار العدوى.
وإذا لم تكن الجائحة الحالية هى الأولي، فهى بالتأكيد لن تكون الأخيرة، في حرب الميكروبات ضد الإنسان. ولقد أثبتت الأزمة الحالية، أن البشرية لا يمكن لها الاستمرار دون تضحيات الأبطال من أعضاء الأطقم الطبية، الذين يدافعون بشرف وجسارة عن صحة الإنسان في كل بقاع الأرض. ولقد بات واضحًا أن الإنسانية بحاجة إلى مزيد من التعاون والاهتمام بالبحث العلمي، وإلى المزيد من الإنفاق والعناية بالصحة والبيئة، أكثر من أى شيء آخر.