الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

القتل الرحيم .. عندما تكون الحياة أقسى وأبشع من الموت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فجر قرار البرلمان البليجكي بتشريع القتل الرحيم ، بغض النظر عن السن ، عاصفة جدل كبيرة حيث أصبحت بهذا القرار الدولة الأولى في أوروبا التي تشرِّع القتل الرحيم ، دون التقيد بسن المريض بشكل لا يستثنى الأطفال ، على خلاف لوكسمبورج التي يقتصر فيها القانون على البالغين ، فيما ينص القانون الهولندي في هذا الشأن على عمر 12 سنة كحد أدنى.
وبالرغم من أن القتل الرحيم غير قانوني في بقية الدول الأوربية ، فإن الفترة الأخيرة شهدت ازديادًا في استخدام هذه الطريقة، بالاستفادة من ثغرات في القانون وغض الطرف والتسامح الذى تظهره حكومات بعض البلدان في هذا الصدد، ففي السويد وسويسرا اللتين يحظر القانون فيهما الموت الرحيم ، يمكن إعطاء المريض الذي فقد الأمل من شفائه وصفة انتحار طبي.
وفى البرتغال يتم إيقاف العلاج القوى والمركز عن المريض لدى اليأس من حالته، أما في دول إسبانيا وبريطانيا وفرنسا فيتم اللجوء إلى أسلوب يمكن تسميته بـ"القتل الرحيم السلبى" لمساعدة المريض الميؤوس منه ، على الموت.
بينما تحظر دول أوربية أخرى مثل إيطاليا وأيرلندا ورومانيا واليونان وكرواتيا، القتل الرحيم بشكل صارم ولا تظهر تسامحًا بهذا الشأن.
المدهش أن هذا القانون الذى صدّق عليه البرلمان البلجيكى بأغلبية 86 صوتًا مقابل 44، يلقى معارضة شديدة من رجال الدين وبعض الفئات الاجتماعية في البلاد.
وإذا كان هذا الوضع بالنسبة لدول أوروبا.. فإن المسألة أكثر تعقيداً في بلدان الشرق المعروفة بالتزامها الديني وفي مقدمتها مصر حيث ينظر كثيرون إلى مسألة القتل الرحيم على أنها إزهاق لروح بغير الحق حتى وإن كانت لحالات الموت الإكلينيكي أو الجذع الدماغي فينظر إليها على أنها جريمة قتل عمد مكتملة الأركان.
ومنذ نحو 14 عاماً تطرق مسلسل "أوبرا عايدة" لأول مرة إلى موضوع "القتل الرحيم" مستندا في ذلك إلى قصة واقعية هزت المجتمع المصري اتهمت فيها ممرضة بقتل مرضاها.
ودارت أحداث المسلسل المأخوذة من قصة حقيقية اتهمت فيها ممرضة تدعى عايدة بقتل 23 مريضا يعانون من أمراض ميؤوس من شفائهم منها وذلك بحقنهم بمهدئات.
وقد شغلت القضية الرأي العام المصري في حينها وتابعتها الصحف التي أسهمت في إثارة الرأي العام ولعبت مع محامي الدفاع دورا في كشف الفساد الإداري وإثبات عدم مسئولية الممرضة عما حدث.
واستخدم كاتب السيناريو واقعية الحدث في تركيب حوار معتمد على تراكمات درامية تدريجية استمرت لـ26 حلقة وصلت إلى حوار مباشر في الحلقات الثلاث الأخيرة، واعتمد على خلق نهاية مفتوحة تتيح لمتابع المسلسل تحديد موقفه من القضية.
وتأتي أهمية الحوار المفتوح الذي اعتمده كاتب السيناريو باعتبار أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الدراما المصرية والعربية التي يتم فيها التطرق إلى هذا الموضوع إذ تطرقت من قبل إلى مسائل أقل شأنا من هذا.
ومن هذه المسائل نقل الأعضاء البشرية بين الحلال والحرام الذي اختلف فيه شيخ الأزهر الإمام محمد طنطاوي والشيخ محمد متولي الشعراوي.
وإذا كانت هذه هي وجهة نظر الدراما في ظاهرة القتل الرحيم، فإن لرجال الدين الإسلامي رأي آخر في مسألة القتل الرحيم حيث يرى د. علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق أن الله جل جلاله هو أرحم الراحمين بعباده بل هو أرحم بالإنسان من أمه وأبيه والناس أجمعين.
والآيات في القرآن الكريم كثيرة ومتعددة حول هذا المعنى والأحاديث النبوية ذكرت هذا المعنى واضحًا جليا، فهذا البدن الذي أعطاه الله تعالى للإنسان ليس ملكًا له بتصرف فيه كيف ما يشاء ولكنه أمانة يسأل عنها أمام الخالق جل في علاه يوم والمريض الذي يطلب من الطبيب إنهاء حياته بطريقة أو بأخرى فإنه يعد منتحرًا.
وعليه فإن القتل الرحيم لا يجوز شرعًا وهو من الكبائر كما جاء في جملة أحاديث عن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى الأطباء أن يعلموا أنه لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ فمهما طلب المريض مثل هذا المطلب فلا يستجيبون له ولا يقتلون النفس بغير حق . والله سبحانه وتعالى أعلم.