ليس هناك إجبار لمستثمر على امتلاك أو الشراكة أو الشراء لأسهم فى شركة طيران، فمجالات الاستثمار العالية الربحية متعددة من عقارية إلى صناعية وزراعية وتجارية.. خاصة أن هامش الأرباح فى شركات الطيران فى عصور الرواج، ضئيلة للغاية «فى عام ٢٠١٩ بلغت إيرادات شركات الطيران على مستوى العالم، ما يعادل ٨٧٣ مليار دولار أمريكى، وإجمالى أرباحها ٢٦ مليار دولار فقط، أى أقل من ٣٪ من الإيرادات». وبالتالى فلست من مؤيدى أصوات الاستغاثة التى يطلقها الاتحاد الدولى للنقل الجوى «أياتا» الذى يمثل ويدافع عن مصالح شركات الطيران حول العالم للاستنجاد بالحكومات كلما وقع ظرف طارئ. حيث ألف باء الإدارة، هو ضرورة امتلاك خطط مستمرة لمواجهة المخاطر والظروف الطارئة. وأذكر من أكثر من ٣٥ سنة، أننى نشرت مقالا فى مجلة حكومية عددت فيها أكثر من ١٠٠ عنصر من المخاطر التى قد تتعرض لها شركات الطيران ومنها الأوبئة على مستوى الدولة أو الإقليم أو العالم. لقد بلغت تكاليف الوقود لشركات الطيران عام ٢٠١٩ ما مجموعه ١٨٨ مليار دولار أمريكى، وها هى أسعار الوقود تنخفض بحدة دون أن يتحدث عنها أحد من شركات الطيران، التى لا تزال تستولى على علاوة الوقود التى فرضتها على تذاكر الركاب عندما ارتفعت أسعار الوقود بشدة فى عامى ٢٠١٢/٢٠١٣.
وإذا كانت ملكية المطارات
فى عاصمة الدولة ومدنها الرئيسة لا تزال الثقافة السائدة فى بعض الدول أنها من مظاهر السيادة، فلم تعد شركات الطيران كذلك. وإذا كانت المطارات
لا تزال غالبيتها
تتمتع بوضع احتكارى،
فلم تعد شركات الطيران أيضا كذلك. فالمصرى الذى يريد أن يسافر من القاهرة إلى نيويورك أو باريس أو لندن، يستخدم مطار القاهرة، وفى ذات الوقت أمامه خيارات مصر للطيران وعشرات أخرى من شركات الطيران العالمية الكبرى. وعندما اختفت شركات طيران أمريكية عملاقة مثل بان أمريكان وايسترن وبرانيف وتى دبليو إيه، لم يحدث شىء. وكذلك عندما أصبحت الخطوط الجوية البريطانية والخطوط الجوية الإسبانية والخطوط الجوية الأيرلندية وغيرها مملوكة لمجموعة استثمارية إسبانية (تمتلك قطر ٢٥٪ من تلك المجموعة) كما أن بيع مطار لندن هيثرو ومعه ستة مطارات بريطانية
أخرى لمجموعة استثمارية
إسبانية قد تم بطريقة طبيعية (وبعد سنوات قررت لجنة مراقبة الاحتكار، أن تقوم المجموعة ببيع المطارات
الستة والاحتفاظ فقط بملكية مطار لندن هيثرو) وأقصد من هذا أن لكل دولة الحق فى أن تنتهج فكرها، حتى وإن كانت الأفكار تغيرت والسياسات تبدلت. وأن سرعة فكر من يخطط للنقل الجوى، لا بد وأن تسبق سرعة الطائرة.
وقبل عرض أهم أنواع المخاطر التى قد تتعرض لها شركات الطيران، لا بد من التأكيد على أن لكل شركة طيران حالتها وخصوصيتها.
فطبقا لآخر تقارير رسمية سنوية صادرة عن عدد من شركات الطيران العالمية،
نجد أن نسبة تكاليف الأجور إلى إجمالى التكاليف تتراوح بين ١٠٪ فى بعض الشركات إلى ٣٥٪ فى شركات أخرى. وهناك شركات تستطيع أن تستغنى عن العمالة، وشركات أخرى لا تستطيع، وأخرى تستطيع جزئيا. وشركات يمكن للحكومات
إعفاؤها من رسوم معينة، وأخرى لا تتمتع بتلك الميزة. كما أن هناك شركات معظم تشغيلها فى خطوط داخلية، وأخرى معظم تشغيلها فى خطوط خارجية. وشركات معظم طائراتها
مستأجرة تستطيع إعادتها،
وشركات كل أو معظم طائراتها مملوكة. وهناك شركات معظم خطوطها خاسرة أصلا، وأخرى كل خطوطها مربحة. وشركات لديها احتياطيات نقدية كافية وأخرى عكس ذلك. وشركات محملة بديون مليارية، وأخرى بديون قليلة. وهكذا عشرات الاختلافات بين شركة وأخرى. وبالتالى على أى حكومة رشيدة أن تدرس ما يأتيها من شركات الطيران ولا تأخذه على علاته. كما أنه ليس من العدالة أو الحصافة أن تُسرف شركة طيران ما فى الإنفاق ولا تقوم بواجبها فى تنمية الإيرادات، ثم تستنجد بحكومتها. ولا يسمح المقام هنا لتحليل مصطلح {خسائر} الذى تستخدمه منظمة «أياتا» حيث يعطى مفاهيم خاطئة لمطالعيه. وإذا كان لنا فى عجالة أن نلخص أهم أنواع المخاطر،
التى يجب على إدارات شركات الطيران أن تأخذها فى الحسبان:
مخاطر سياسية: الحروب وإغلاق المطارات والمسارات الجوية - قطع العلاقات الدبلوماسية وإيقاف خطوط الطيران حظر على قطع غيار الطائرات
حظر على بيع الطائرات والمحركات.
مخاطر مالية: تغيير حاد فى معدلات الصرف - التعويم ارتفاع أسعار الفائدة عدم توافر العملات الصعبة هبوط حاد فى أسعار الأسهم عدم القدرة على سداد الديون والدخول فى حالة إفلاس.
مخاطر قانونية: تغيير فجائى للقوانين ذات العلاقة فرض رسوم جديدة زيادة الضرائب زيادة أسعار الجمارك إلغاء الإعفاءات وضع حد أدنى للأجور زيادة التأمينات الاجتماعية والصحية.
مخاطر فنية: إيقاف دولى لطيران طراز معين من الطائرات أو المحركات - عدم السماح بهبوط طرازات معينة للطائرات فى مطارات معينة - إيقاف تجديد تراخيص طائرات لتخطيها عُمرا معينا.
مخاطر تجارية واقتصادية: زيادة حادة فى أسعار الوقود - دخول منافسين أقوياء - إفلاس عملاء عليهم ديون كبيرة - ظهور وسائل نقل بديلة رخيصة زيادة حادة فى أسعار قطع الغيار والخدمات حالات كساد فى التجارة الدولية تباطؤ فى معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالي- نقص السيولة مخاطر بيئية وطبيعية: ثورات بركانية - عواصف ترابية - عواصف ثلجية - ضرائب كربون.
مخاطر تشغيلية: اضرابات للطيارين
أو المهندسين أو الضيافة -تسرب كبير للعمالة الماهرة لشركات أخرى - تأخيرات بسبب ازدحام المجال الجوي- تغيير فى متطلبات السلامة الجوية - سحب تراخيص أو إيقافها وقوع حادث تحطم طائرة اصطدام معدة أرضية بطائرة إضراب للعاملين
فى المطارات أو المراقبة الجوية أو الخدمات الأرضية تعطل فى أنظمة الحجز الآلى للركاب.
مخاطر صحية: الأوبئة - تلوث أطعمة الركاب - وفاة أو عجز للطيار أثناء الرحلة - حالات تسمم. مخاطر أمنية: اختطاف طائرات - تفجير طائرات - اختراق شبكات الكمبيوتر والأنظمة - تعطل فى أنظمة الكشف على المعادن والأسلحة
للركاب وحقائبهم- تعطل فى أنظمة الجوازات
بالمطارات.
مخاطر تأمينية: ارتفاع فجائى فى أسعار التأمين على الطائرات أو على رحلات أو خطوط معينة. مخاطر قضائية: الحكم بغرامات وتعويضات جسيمة - الحجز على طائرات أو أرصدة فى البنوك.
مخاطر تكنولوجية: وهى كثيرة، ومن بينها انقطاع أو تخريب شبكة الإنترنت والاعتداءات السوبرانية لمدد طويلة، وهى أخطر ماليا على شركات الطيران من فيروس الكورونا!!!
ونخلص من ذلك العرض المختصر، بأن على الحكومات أن تحاسب الشركات عندما تساعدها.