الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«كوفيد ١٩» يهدد اقتصاد دول «جنوب الصحراء» بأفريقيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انخفاض الإنفاق على الصحة يهدد بانتشار المرض.. وقيود متوقعة على 10 آلاف شركة صينية في المنطقة
منذ أن ظهر فيروس كورونا، بمدينة ووهان الصينية، حتى سادت حالة من الرعب بين شعوب العالم، بعد أن اجتاح عدد كبير من الدول، وأصبح بمثابة وباء عالمى يهدد كافة المجتمعات والشعوب. وانتشار مثل هذه الأوبئة يكون لها آثار وتبعات اقتصادية وسياسية واجتماعية، فالآثار الاقتصادية التى لحقت بالصين طالت الكثير من دول العالم، كون أن بكين تضع يدها على كافة المحاور الاقتصادية التى تدخل في حياة الشعوب، عبر شركاتها ومشروعاتها الاستثمارية ومنتجاتها التى تغزو الأسواق، الأمر الذى يعنى أن أى تأثر داخلى على الصين ينعكس على المجتمع الدولى وعلى مجمل الاقتصاد العالمي.
ومع تفشى هذا الفيروس فإن المصالح الاقتصادية للصين مع الدول الأخرى سوف تتأثر وبخاصة الأسواق الاقتصادية للدول النامية، والتى لها مصالح اقتصادية كبيرة مع الصين، ومن بينها دول أفريقية واقعة جنوب الصحراء الكبرى مثل أنجولا، كوت ديفوار، الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، غانا، كينيا، موريشيوس، نيجيريا وجنوب أفريقيا وتنزانيا وأوغندا وزامبيا، ومن المؤكد أن هذه الدول وغيرها ستتأثر بصورة أو بأخرى بنتائج هذا الفيروس اقتصاديا.

خيارات محدودة
يشعر المسئولون الأفريقيون بالقلق من الانتشار السريع للفيروس الأمر الذى يؤثر على قطاعات عديدة في الدول الأفريقية وعلى رأسها قطاع السياحة، فالقارة الأفريقية تمثل نحو ١٦٪ من سكان العالم، ولكنها تعانى من انخفاض في مستوى الإنفاق المخصص للرعاية الصحية بنسبة قد لا تتعدى الـ ٢٪ من مستوى الإنفاق العالمى على الرعاية الصحية الأمر الذى يعنى أن انتشار هذا الفيروس سيؤثر على المجتمعات الأفريقية بشكل كبير إلى جانب ما تعانى منه هذه الشعوب بالأساس من انتشار لفيروسات أخرى كفيروس نقص المناعة الطبيعية والإيبولا وغيرها.
وتعد الصين الشريك التجارى الرئيسى لأفريقيا، حيث تمتلك ما يقارب من ١٠٠٠٠ آلاف شركة في جميع أنحاء القارة، وهو الأمر الذى يفرض قيودا على الدول المستقبلة للشركات الصينية حيث لا يمكنها إيقاف عمل هذه الشركات على أرضيها، إضافة إلى أن الدول الأفريقية جنوب الصحراء على وجه الخصوص لديها قيود مالية وخارجية محدودة بمعنى أنه ليس لديها أصول متاحة بسهولة يمكن استخدامها لأغراض التعامل مع الأزمات الاقتصادية كـصناديق الثروة السيادية الكبيرة.
كما أن الاقتصاديات الأفريقية تعتمد بشكل أساسى على تصدير المواد الخام وبخاصة النفط وقد شهدت أسعار النفط تراجعا كبيرا منذ تفشى هذا الفيروس فقد أدى إغلاق الصين على سبيل المثال لموانيها إلى قيام مستوردى النفط بإلغاء عمليات الشراء وفرض قيود على الدول والشركات النفطية الموردة حتى يتم قبول الشحنات ففى أنجولا على سبيل المثال أجبرت مجموعة «Sonangol» النفطية التابعة للدولة على تخفيض سعر الشحنة حتى يتم الموافقة على شرائها.

التأثير على السياحة
اتخذ عدد من الدول الأفريقية إجراءات خاصة بحظر السفر والدخول إلى أراضيها، وإجراءات خاصة للعمل على الحد من انتشار الفيروس والتصدى إليه إذ اتجهت أغلب الدول إلى فحص المطارات وغيرها من الإجراءات.
وبما أن أغلب الزيارات وتأشيرات الدخول إلى الدول الأفريقية تأتى بهدف السياحة، فقد قام عدد من الدول الأفريقية بإلغاء تأشيرات الدخول إلى أراضيها مما يعنى تأثر قطاعى الطيران والسياحة في عموم القارة، وتشير التقديرات إلى أن شركات الطيران الأفريقية خسرت ٤٠٠ مليون دولار أمريكى منذ تفشى هذا الفيروس وأن أغلب الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء أوقفت رحلاتها مع الصين.
وكانت الشركات البارزة التى اتخذت منحى واضحا في غلق رحلاتها مع العالم الخارجى هى جنوب أفريقيا وتنزاينا وموريشيوس وكينيا وغانا وجنوب أفريقيا حيث أقدمت هذه الدول على إغلاق الحدود وفرضت حظر تجوال على دخول أى شخص قادم من أى دولة انتشر فيها الفيروس حول العالم، وتتسم هذه الدول بأنها تمر بحالة من الركود الاقتصادي، مما يعنى أن مثل هذه الإجراءات سيكون لها أثر على هذه القطاعات.

سيناريوهات محتملة
منذ أن ظهر هذا الفيروس وهناك مخاوف من الآثار الاقتصادية التى أثرت على كافة الدول التى ظهر فعلى سبيل المثال بلغت الخسائر التى لحقت بدول العالم في شهر فبراير ٥٠ مليار دولار وفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، ويقول التقرير إن انكماشا بنسبة ٢٪ في إنتاج الصين له آثار مضاعفة على مجمل الاقتصاد العالمي، وهو ما «تسبب في انخفاض يقدر بنحو ٥٠ مليار دولار أمريكي» في حجم التبادل التجارى بين الدول.
فقد أوقفت أغلب الدول الأفريقية جنوب الصحراء رحلاتها مع الصين وعملت على الحد من العمليات التجارية معها، الأمر الذى قد يمثل أزمة للدول الأفريقية في التعامل مع الأزمات الاقتصادية التى قد تعصف بالعالم بسبب هذا الفيروس، وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه الحديث عن تأثير هذا الفيروس على الاقتصاد العالمى بشكل عام وعلى الاقتصاد الأفريقي بشكل خاص، إلا أنه يمكن قراءة المؤشرات المحتملة لهذا الفيروس على واقع الاقتصاد الأفريقي عبر النقاط التالية.
١.انخفاض مستوى الاسهتلاك من النفط والمواد الخام: من المتوقع أن تشهد أسواق النفط الأفريقية هذا العام انخفاضا في الإقبال على الشراء بنسبة ١.٥ مليون برميل يوميا، ومما يعزز تلك الفرضية أنه حتى عام ٢٠١٠ كان هناك نمو في الاستثمارات الخارجية النفطية في أفريقيا إلى أن انخفضت بشكل كبير حتى وصلت إلى ٤٪ عام ٢٠١٩ ومن المتوقع أن تنخفض في عام ٢٠٢٠.
وفى ذات السياق، هناك انخفاض على طلب النحاس بنسبة ٧٪ من كل من أنجولا وزامبيا حيث من المتوقع أن يكون هناك انخفاض في الطلب على النحاس بمقدار ٣٠٠٠٠٠٠ طن في عام ٢٠٢٠.
٢.التقلب في أسعار العملات: نظرًا لأن أغلب العملات الأفريقية مرتبطة بالعملات الخارجية فإن مرونتها تعتبر صغيرة وتتأثر بالأزمات الاقتصادية، فقد تأثر الراند الجنوب أفريقي بفقد ٥٪ من قيمته السوقية أمام الدولار بعد هذه الأزمة، وشهدت الدول الأفريقية الأخرى ارتفاعا في أسعار السندات، وهو ما يعنى اقتصاديًا زيادة تكلفة التمويل، وبالتالى ارتفاع تكلفة سداد وخدمة الديون على السندات.
ونتيجة لذلك، ووفقا لصندوق النقد الدولى من المتوقع أن تشهد بعض الدول الأفريقية انخفاضا في معدلات النمو الاقتصادى فقد تشهد نيجيريا على سبيل المثال انخفاضا في معدلات النمو الاقتصادى من ٢.٥٪ إلى ٢٪ وهذا يرجع إلى أن اقتصاديات الدول الأفريقية جنوب الصحراء تتسم في مجملها بـ تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية، إضافة إلى الاعتماد الكبير على التدفقات الأجنبية مما يحد من قدرة الحكومات على التعامل مع انخفاض الإيرادات إضافة إلى انخفاض أسعار النفط. 
٣. ارتفاع في مستوى الاقتراض الداخلى والخارجي: من المتوقع وفقا لخبراء اقتصاديين أن تشهد الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء ارتفاعا في مستوى الاقتراض الداخلى والخارجى فقد شهدت الدول الأفريقية مستويات عالية من الاقتراض الخارجى منذ الأزمة الاقتصادية العالمية عام ٢٠٠٨ حيث وصل حجم الدين الخارجى على الحكومات والدول الأفريقية وحدها ما يقارب من ٢٠٪ من مستوى الاقتراض العالمي، بل إنه في العامين الماضيين وصل قيمة أذونات الخزانة التى أصدرتها الحكومات الأفريقية وحدها ٦٠ مليار دولار أمريكي.
٤. تعثر مشروعات البنية التحتية الصينية في أفريقيا: ستواجه مشاريع البنية التحتية الصينية في أفريقيا اضطرابات بسبب تقييد حركة الطيران والدخول إلى أفريقيا ومع ذلك، فإن المشكلة الأكبر هى أن سلاسل التوريد للمدخلات الرئيسية لهذه المشاريع تأتى من الصين وهى معطلة إلى حد كبير، مما يجعل من الصعب العثور على المدخلات والمكونات والمعدات والآلات من أماكن أخرى.
٥. تأثر سوق السلع والخدمات في القارة: وذلك لأن ٤٩٪ من السلع الأفريقية هى سلع صينية يتم استيرادها، وهو ما قد يفرض على الحكومات الأفريقية ولو بشكل مرحلى البحث عن مصادر تمويل إضافى للتعامل مع الأزمة وهو ما عبر عنه وزير المالية الجنوب أفريقي « تيتو مبويني» عندما صرح بأن الحكومة ستحتاج إلى تخصيص تمويل إضافى للتعامل مع الأزمة
ويمكن القول إنه من المرجح أن تكون التداعيات الاقتصادية للقارة شديدة وطويلة الأمد، لأن الكثير من الدول الأفريقية تعتمد بشكل كبير على الواردات السلعية إلى الصين، ولديها ميزانيات اقتصادية ضعيفة نسبيًا إضافة إلى تصاعد أعباء الديون المرتفعة وأسعار العملات المتقلبة إضافة إلى غيرها من المشكلات الأخرى. 
ولكى تتلاشى الدول الأفريقية جنوب الصحراء الآثار الاقتصادية المحتملة لفيروس كورونا فإن عليها العمل على فهم آليات الانتقال والتأثيرات المتعددة للأزمة على الأسواق المالية حيث قد يأخذ التأثير أشكالًا فورية ومباشرة، كتلك التى حدثت بعد الأزمة العالمية لعام ٢٠٠٨ والتى ألحقت أضررا بالأسواق المالية الناشئة.

يشعر المسئولون الأفريقيون بالقلق من الانتشار السريع للفيروس الأمر الذى يؤثر على قطاعات عديدة في الدول الأفريقية وعلى رأسها قطاع السياحة، فالقارة الأفريقية تمثل نحو ١٦٪من سكان العالم، ولكنها تعانى من انخفاض في مستوى الإنفاق المخصص للرعاية الصحية بنسبة قد لا تتعدى الـ ٢٪ من مستوى الإنفاق العالمى على الرعاية الصحية الأمر الذى يعنى أن انتشار هذا الفيروس سيؤثر على المجتمعات الأفريقية بشكل كبير إلى جانب ما تعانى منه هذه الشعوب بالأساس من انتشار لفيروسات أخرى كفيروس نقص المناعة الطبيعية والإيبولا وغيرها.