قالت لجنة التحقيق الدولية المعنية بالتحقيق فى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فى سوريا في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين في جنيف، إن النزاع المسلح في سوريا مازال بعيداً كل البعد عن نهايته.
وأشارت اللجنة إلى أن انتهاكات حقوق الانسان فى تزايد وبأنواعها، ولفتت اللجنة فى تقرير يغطي الفترة من 11 يوليو 2019 وحتى 10 يناير 2020 إلى أن السوريين لايزالون يواجهون مستويات غير مسبوقة من المعاناة والألم.
ولفتت اللجنة إلى أن المدنيين الذين نزحوا قسرا فى السابق من خلال اتفاقات المصالحة أو فروا من المعارك، يعيشون الآن فى مساحات تتقلص باستمرار في محافظة إدلب وغرب حلب تحت حكم مجموعة هيئة تحرير الشام الإرهابي.
وذكرت اللجنة أن القوات الموالية للحكومة هناك وفي إطار معركتها المعلنة ضد الارهاب، قامت بشن هجمات جوية وبرية في جنوب إدلب، وأسفرت عن مقتل وجرح العشرات من المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، بما فى ذلك الاسواق وخيمات النازحين وعلى الاخص المستشفيات، ويشمل ذلك هجمات عشوائية ضد أغراض محمية واستخدام ذخائر عنقودية.
وقالت اللجنة - التي يرأسها باولو بينيرو وبعضوية المفوضة كارين ابو زيد والمفوض هانى مجلي- أن القصف الجوي المستمر في أجزاء من جنوب إدلب لم يترك للمدنيين أي خيار سوى الفرار محذرة من أن الازمة فى إدلب تتحول إلى كارثة إنسانية.
ولفتت إلى أن الجماعات المسلحة أيضا شنت هجمات على مناطق خاضعة للحكومة بما فى ذلك جنوب حلب، كما أوقعت العديد من الضحايا ودفعت العديد من المدنيين إلى المغادرة، مشيرة إلى انه فى المناطق المضطربة فى إدلب، حاول ارهابيو هيئة تحرير الشام إحكام قبضتهم على السكان المحاصرين بالفعل من خلال احتجاز النشطاء والصحفيين وغيرهم من الأفراد تعسفا بسبب اعتراضهم العلني، كما واصلت هيئة تحرير الشام تجنيد الأطفال واستخدامهم للمشاركة بشكل نشط في الأعمال العدائية.
ولفتت اللجنة الأنظار إلى تداعيات انسحاب الولايات المتحدة على نحو مفاجئ من سوريا خلال شهر أكتوبر الماضي، ما تسببت في ارتفاع الأعمال العدائية ونزوح أكثر من 100.000 شخص في ظرف 24 ساعة، إلى جانب انتشار النهب والاستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع.
في غضون ذلك، أشارت اللجنة إلى أن المناطق التي كانت محاصرة، مثل الغوطة الشرقية وحمص، ظلت ظروف العودة غائبة إلى حد كبير، لوجود عقبات هامة أمام المدنيين للمطالبة بممتلكاتهم، وفي المناطق التي فُرضت فيها اتفاقات "المصالحة" سابقًا، كانت نقاط التفتيش المنتشرة على نطاق واسع، تبث الخوف في صفوف السكان المدنيين وتقيّد حرية التنقل والوصول إلى الخدمات الأساسية.
وأرجعت اللجنة أسباب انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، لعدم المساواة بسبب التنوع والاختلافات بينهم، وفي قطاع عفرين، تأثرت النساء، ولا سيما النساء المنتميات إلى مجتمعات دينية وإثنية معينة، سلبًا بالنزاع.
من جانبه، قال المفوض هاني مجلي:"لقد عانت النساء والفتيات المنتميات إلى الأقليات الكردية واليزيدية من تقييد تحركاتهن وتعرضنَ للمضايقات عند مجازفتهن بالخروج. وهذه الأفعال تقوض قدرة النساء على المشاركة والمساهمة بفعالية في مجتمعاتهن. ولا بد من وضع حد لهذا الأمر".
ومضى بقوله: "أن جميع الأطراف المتحاربة واصلت تجاهل مبدأ الحماية أو إنكاره، بما في ذلك ضمانات توفير المساعدة الإنسانية المستمرة ودون عوائق للمدنيين المستضعفين".
تزامن مع ذلك، قول المفوضة كارين كونينج أبو زيد: "يجب أن تكون الأولوية العاجلة لجميع المدنيين هي الحصول على الغذاء والمياه والمساعدة الطبية التي يحتاجون إليها على وجه السرعة. ويعتبر تسهيل وصول المراقبين والجهات الفاعلة في مجال الحماية أمرًا أساسيًا لحماية حقوق المدنيين."
وأوصت اللجنة بعدد من التوصيات للحكومة والأطراف المتحاربة والمجتمع الدولي من أجل تحسين حماية المدنيين، إذ حض رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينيرو: "جميع أطراف النزاع على الدخول في حوار قائم على حسن النية ووضع حد لهذا الصراع المأساوي والسماح بتقديم المعونة والمساعدة الإنسانية دون عوائق إلى جميع المحتاجين على الفور."
ومن المقرر تقديم تقرير اللجنة في 10 مارس خلال حوار تفاعلي في مجلس حقوق الإنسان.
الجدير بالذكر أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، تتألف من السيد باولو سيرجيو بينيرو (رئيساً)، والسيدة كارين كونينج أبو زيد، والسيد هاني مجلي، وقد كُلّفت اللجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخل الجمهورية العربية السورية منذ مارس 2011.