الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ثوار حمدين .. وفلول السيسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بمجرد اعلان الناشط السياسى ومؤسس التيار الشعبى حمدين صباحى قراره الشخصى بالترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة ، سارع بعض المحللين السياسيين الى تقديم اجتهاداتهم فى وصف وتصنيف الفئات والقطاعات الشعبية التى يعبر عنها صباحى ، ومايعبر عنه منافسه المحتمل المشير عبد الفتاح السيسي .
وتظهر نتائج تحليل اولئك السياسيين المعمليين اعتمادهم على معامل واجهزة تستخدم مواد تقسم الشعب المصرى الى شرائح ثورية، واخرى تقليدية وفلولية نسبة لفلول الحزب الوطنى الباحثين عن الاستقرار ؛ حيث أكدت نتيجة التحاليل ان حمدين صباحى مرشح الكتلة الشبابية الثورية الداعمة لمطالب ثورة 25 يناير العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، بينما اعتبرت منافسه المشير السيسى مرشح القوى التقليدية المسنة التى ضرب الشيب رؤوسها والداعمة للعيش فى استقرار وامان تحت مظلة الرئيس الأب .
بل ان بعض تلك "التحاليل" المعملية الفذة توصلت الى ان السيسى مرشح المؤسسة العسكرية ، وكأنه سيخوض الانتخابات وهو يرتدى بزته العسكرية بلونها الكاكى .
ذلك المستوى من التحليل يكشف مجددا مدى الجهل والغباء الذى يتحلى به بعض السياسيين مخلوطا بشيء من التعالى على الشعب الامى "الغلبان" ، كما يفضح ذلك القطيع المأجور لبث وتكرار دعاية جماعة الاخوان المحظورة، والصورة التى تريد ترويجها بشأن الواقع فى مصر .
لكن الانصاف يقتضى توضيح ان خطاب الناشط السياسى حمدين صباحى نفسه اعتمد على ذات المعامل فى فهمه وتحليله لتقسيمات المجتمع المصرى ، فالرجل قدم نفسه كمرشح لثورتى 25 يناير و30 يونيو وطلب من الكتل الشبابية الثائرة والداعمة له أن تتفهم وجود قوى مجتمعية اخرى تبحث عن الاستقرار والامن ولا تضع مطالب الثورة ضمن اولويات اجندتها ؛ قال الناشط والمرشح الرئاسى حمدين ذلك الكلام اثناء اعلان قراره الشخصى بالترشح ، واضاف انه سيوقع على ما أسماه بعقد الثورة ووثيقة مستقبل مصر وسيلتزم بتنفيذ بنودهما حال فوزه بالسباق الرئاسى .
اى ان الرجل احتكر لنفسه صفة مرشح الشباب والثورة معتبرا ان أنصار أقوى منافسيه من القوى التقليدية المحافظة الكارهة للثورة اصلا، لذلك سيستعصى علينا القاء كامل اللوم على جهابذة وعباقرة معامل التحليل السياسى ، وان كنت لا انكر انهم والناشط حمدين صباحى يضفون شيئا من الكوميديا على الحياة السياسية عندما تذكرنا تحاليلهم الفذة بشخصية الدكاترة ناصف العبقرية المعملية الفذة التى جسدها الفنان الكوميدى الراحل يونس شلبى فى مسلسل" مطلوب عروسة" .
وربما هذا هو سر اصرارى على وصف صباحى بالناشط السياسى لانه فى رأيى لا يزال يتعامل بنفس اسلوبه عندما كان طالبا جامعيا ، فالنزق السياسى والمراهقة الفكرية سمتان تلازمان الرجل منذ بدأ العمل السياسى بحسب شهادة كثيرين من المنتمين للتيار الناصرى ، ويكفينا ان قراره بالترشح فى الانتخابات الرئاسية جاء منفردا ودون مشورة اصدقائه من قادة التيار الشعبى ، كما ان توقيعه على ما اسماه بعقد الثورة يعبر عن رغبة دفينة بداخله فى التأكيد والالحاح على فكرة انه قائد الثورة وزعيمها ومرشحها وحاميها ، وقد أعمته تلك الرغبة عن حقيقة ان دستور 2014 بما تضمنه من مواد تكفل الحياة الكريمة والعادلة لجميع المواطنين بفئاتهم وشرائحهم وتوجهاتهم المختلفة ، انما يمثل العقد الوحيد لثورة المصريين على مدار ثلاثة أعوام وانه ماينبغى ان يلتزم الجميع به وعلى من يريد إقناعنا بأحقيته فى مقعد الرئاسة ان يضع فى برنامجه آليات توضح مدى قدرته على تنفيذ بنود ذلك العقد كاملة غير منقوصة .
خطاب وتحليل الناشط حمدين واصدقائه المحللين المعملين لطبيعة انصار اقوى منافسيه المحتملين يروج الى ان القوى التقليدية وهى الغالبية العددية ليست ثائرة بل انها كارهة للثورة ، ناسيا ان قوام هذه القوة يزيد على 30 مليون مواطن خرجوا فى الثلاثين من يونيو للثورة على الاستعمار الاخوانى ، وانهم ايضا من خرجوا فى 26 يوليو لتأكيد استمرار ثورتهم على الارهاب ، هذا الفهم المعملى لغالبية المصريين ينسحب ايضا على وصف مرشحهم ، فاذا كان حمدين هو مرشح الثورة والسيسى هو مرشح القوى التقليدية فإن ذلك يعنى بالضرورة ان عبد الفتاح السيسى يمثل امتدادًا طبيعيًا لنظام مبارك لتجسيده مفهوم الاستقرار بمعناه الامنى البحت وهو المعنى الذى تبحث عنه الغالبية المنتمية لحزب الكنبة الكارهة بطبيعة الحال لـ 25 يناير . 
هذا مايراد ترويجه فى الوقت الذى يعتبر فيه اصدقاء عمر الناشط حمدين صباحى فى نادى الفكر الناصرى عبد الفتاح السيسى الرئيس المناسب للمرحلة الثورية التى يعيشها الوطن والاقدر على تحقيق اهداف الثورة المصرية التى تبلورت بين دفتى 25 يناير و30 يونيو ، وليس سرا ان هؤلاء الاصدقاء الحميمين لصباحى هم الكاتب الكبير عبدالله السناوى وعبدالحليم قنديل وفريدة الشوباشى وجمال فهمى واخرون من قادة ورموز التيار الناصرى فى مصر ، فهل يمكن اعتبار مثل هؤلاء من القوى التقليدية القديمة الباحثة عن استقرار نظام مبارك او الداعين لعودة الدولة البوليسية اوالفاشية. 
للأسف ان بعض المحللين لا يدركون ان القوى التقليدية والمحافظة أضحت هى الجسم الحقيقى والصلب للقوى الثائرة فى المجتمع ، وان تأييدها للسيسى هو تأييد لثائر مثلها حمل رأسه على كفه شأنه فى ذلك شأن ملايين الثائرين الذين خرج معهم انتصارا للثورة على الاستبداد والخيانة وبيع الوطن . 
لكن الأخطر من وصف السيسى كمرشح للقوى التقليدية والفلولية هو حرص بعض قادة الاحزاب السياسية ورموز النخبة على وصفه كمرشح للمؤسسة العسكرية ، فهم بذلك يهيلون التراب على ثورة الثلاثين من يونيو، ويروجون عمدا او حماقة لدعاوى الاخوان الكاذبة بشأن أن الجيش المصرى مؤسسة للعمل السياسى المنحاز وليس مؤسسة وطنية محايدة وان ماجرى ليس سوى انقلاب على الشرعية الديمقراطية ، بيد أن المشكلة ليست فى المتعمدين والقاصدين لان أمارات العمالة والخيانة باتت واضحة على وجوههم ورؤوس اقلامهم ، المشكلة تكمن فى الحمقى والاغبياء من النخبة الذين شاركوا فى ثورة الثلاثين من يونيو واخلصوا لها وكانوا على استعداد لتلقى رصاص الاخوان فداء للوطن فهم كالببغاوات يرددون مايسمعون وشاءت الاقدار ان يكونوا فى الصفوف الامامية وماكان ينبغى لهم ان يمكنوا من قلم او مقعد فى حزب او شاشة فضائية لان الرغبة فى الظهور والشهرة وادعاء الاختلاف والفهم اكثر من الناس يدفعهم للتحزلق والتفزلك وتكرار عبارات لايفهمون دلالتها ولو ناقشتهم لوجدتهم من السذج الضالين.