الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قضية قبول الآخر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دعانى الصديق الأستاذ فايز فرح، كبير مذيعى الإذاعة المصرية سابقًا، لاستضافتى فى صالونه الشهرى الذى يعقده بنادى الشبان المسيحيين بالقاهرة يوم الثلاثاء 17/12/2019، فاخترت موضوع قبول الآخر حيث إن قضية قبول الآخر هى القضية الأهم والأساسية لما نحن فيه الآن من حالة الاستقطاب التى نعيشها، وأعتقد أن عدم قبول الآخر وغياب حالة الحوار الموضوعى فى كل القضايا سواء كانت دينية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية ترجع إلى عدم قبول الآخر وعلى رأسه الآخر الديني، الشيء الذى ينسحب على كل الآخر، مما يسهل الأمور، فى ظل هذا المناخ، لمن يريد أن يخترق الصف الوطنى المصري، خاصة فى إطار الآخر الديني، خاصةً وهى لعبة قديمة حديثة على مر العصور منذ الحروب الصليبية وحتى الآن.
ذهبت إلى الصالون وفوجئت بأن هناك ضيوفا آخرين لم أعلم بهم عند الدعوة وهم الأساتذة نبيل عمر الكاتب المرموق بالأهرام والدكتور محمود عطية مدير تحرير الأخبار والأستاذة فاطمة ناعوت.
تحدث الأستاذ نبيل عمر ثم تحدثت الأستاذة فاطمة ناعوت حديثًا شخصيًا ثم حديثًا يقحم الأقباط ومطالبهم أو حقوقهم كما قالت فى الموضوع الذى هدفه الأساسى نبذ الطائفية بقبول الآخر، ثم جاء دورى للحديث فبدأت بأن رفض الآخر يبدأ برفض الآخر الدينى ولو قبلنا الآخر الدينى سيكون ذلك القبول ممهدا لقبول أى آخر، ولم أكمل عدة جمل فوقف أحد الحاضرين معترضًا بصوت غوغائى قائلًا لماذا تتحدث عن الدين؟، الشيء الذى أذهل الجميع وحاولوا منعه من الحديث، فقلت له تكلم وقل ما تريد فلم يتحدث وخرج من القاعة، وهو ما يعنى أنه جاء للتشويش فقط، ثم أكملت الحديث واقترحت ترك وقتى للحوار فى أى قضية خلافية وإعطاء الحق لكل مختلف مع جمال أسعد أن يبدى رأيه كما يريد كنوع من أنواع قبول الآخر والحوار معه بشكل عملى وواقعي، ثم تحدث الدكتور محمود عطية، وبعدها تم فتح الحوار وطلب أحد الحاضرين أن أتحدث عما بداخلى لأنهم يريدون السماع، خاصةً بعد موقف الشخص الذى أراد مقاطعتى وقد بدى عليه أمام الجميع رفضه وكرهه الشديد لجمال أسعد دون إبداء أى رأى أو خلاف سياسى أو فكرى واضح، فطرحت وجهة نظرى فى القضية المهمة والمهمة وأوضحت موقفى من الكنيسة، ذلك الموقف الذى يُفهم خطأ بل اكتشفنا أن الرافضين لجمال أسعد لا يعلمون عن فكره أو آرائه شيئًا البتة ولكنه رفض من أجل الرفض تأثرًا بترويج مقولة أنى ضد الكنيسة ممارسين سياسة القطيع، انتهت الندوة فقمت بالسلام على أحد الذين كانوا يريدون التشويش وقلت له أنا تحت أمرك فما هو الخلاف بيننا؟ فقال لا خلاف أنا أصلا أكرهك وظل يردد أكرهك مرات ومرات، فسارع جميع الحضور لمواجهته حيث لا معنى للكراهية فى الوقت الذى تدعو فيه المسيحية إلى حب الأعداء، كما أن الكراهية لا علاقة لها بالخلاف الفكرى إذا كان هناك فكر مختلف لهؤلاء أصلًا، ناهيك عما قامت به إحدى السيدات التى لم تحضر الندوة من الأساس قائلة «قول كلمة حق واحدة» فحاولت مناقشتها فيما تختلف فيه فلم نسمع منها سوى تلك العبارة، هنا حدث هرج ومرج فى مواجهة هذه القلة الثلاثية، مما جعل الأستاذ نبيل عمر يقول إن هذا يؤكد أن رفض الآخر ليس للمختلف الدينى «مسلم، مسيحي» بل للآخر المسيحى المسيحي.
هذا ما حدث أسرده ليس من باب التسلية أو الحديث عن الذات ولكن ما حدث يعطى مؤشرات خطيرة لا بد من رصدها وتحليلها كظاهرة عامة تتفشى فى المجتمع وتنسحب على جميع المجالات بصورة أو بأخرى، أما فى إطار ما حدث من بعض المسيحيين فى مواجهتى فهذا ليس بجديد، ولكن هذا تكرر طوال الثلاث عقود الماضية، وليس على مستوى مصر فقط بل على مستوى بعض الأقباط فى العالم كله عن طريق فيس بوك والاتصال المباشر معى لأستمع منهم لما لذ وطاب من الشتائم والإهانات تحت ادعاء أنى ضد الكنيسة وضد الأقباط وأننى لست مسيحيًا، وكأنهم هنا يدافعون عن المسيحية بهذه الطريقة الهمجية فى الوقت الذى أصبح كل منهم يصدر أحكامه بالكفر والتكفير حالهم حال الجماعات التكفيرية. فهل هناك فارق بين هذا وذاك؟! وهل الفكر التكفيرى يختلف من هنا عن هناك؟! أم أن الأرضية واحدة والطائفية ذات الطائفية وأن المتاجرة بالدين لا تختلف عن أى متاجرة بأى دين، ناسين أننى لا علاقة لى لا بالدين ولا الكنيسة ولكن كل قضيتى ألا تتدخل الكنيسة فى السياسة بدءا من إصدار كتابى «من يمثل الأقباط الدولة أم البابا؟» هادفًا إلى أن يكون الجميع مصريين تابعين للدولة لا أن يكون الأقباط متوهمين أنهم تابعون للكنيسة مما يسقط حق المواطنة ويقسم الوطن إلى مسلمين ومسيحيين فى الوقت الذى لا يتبع فيه المسلمون للأزهر بديلًا للدولة.
ما حدث يعنى أنه لا يوجد حتى الآن قبول للآخر على أى مستوى مع غياب فكرة الحوار بين المختلفين للوصول إلى نقطة التقاء توحد ولا تفرق، ولكن المسيحى الذى يرفض الآخر، المسيحى هل يمكن أن يقبل الآخر المسلم ؟!! حفظ الله مصر من التطرف والتعصب الأعمى ومن المتاجرة بالدين.