رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مـعـنـى الـحـب...!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفل بلادنا هذه الأيام بعيد الحب، وكم يكون رائعًا لو جسدنا قيمة الحب كل أيام العمر في سلوكنا اليومى. 
نعم! ما أجمل عاطفة الحب فهى إلهية المنبع، وأمومية العواطف، وكما أن قارورة الطيب هى خلاصة مجموعة كبيرة من الورود والزهور بعد أن يتم تقطيرها بطريقة علمية وكيميائية معينة، هكذا الحب هو باقة كبيرة من العواطف الحلوة الجميلة، والمشاعر الرقيقة النبيلة، والقيم السامية، والفضائل الرائعة ممثلة في قيمة واحدة هى قيمة «الحب».
ولعل هذا يذكرنى بما قالته الزوجة العجوز في حوار تليفزيوني، وكان قد مر على زواجها أكثر من خمسين سنة، عندما سُئلت عن معنى «الحب»، فقالت: أول مرة سمعت فيها هذه الكلمة عندما كنت طفلة صغيرة، وكانت أمى تضعنى في سريري، وتحكى لى قصة قبل النوم وتقبلنى وتتركنى لأنام في هدوء وسلام، وعندما استيقظ في الصباح كان أبى يضمنى إلى حضنه ويقول لي: «أحبك»، وهنا عرفت أن الحب هو الرعاية والاهتمام والحضن الواقى الدافئ، والعطاء الذى بلا حدود أو قيود. 
وعندما وصلت إلى سن المراهقة، كان زميلى في المدرسة يقول لى كلامًا حلوًا جميلًا، وفى يوم من الأيام صرّح لى قائلًا: «أحبك» وكدت أطير من الفرح في ذلك الوقت إلا أن والديّ، قالا لي: إن الحب هو ميل وانجذاب طبيعى إلى الجنس الآخر، لكن لكل شيء وقت، وهنا عرفت أن الحب هو غريزة وطاقة مقدسة وضعها الله في تكويننا.
ومرت الأيام وتقدم لخطبتى أحد الزملاء في العمل، وكانت أول عبارة يقولها لى «أحبك، وما أجمل قصة حبنا»، وهنا علمت أن الحب هو أشواق وطموح وهدف وإرادة.
وفى حفل زواجنا، وزوجى يضع خاتم الزواج في إصبعى قال لي: وهو في قمة السعادة «أحبك»، وقلت له وأنا أيضًا «أحبك»، وأيقنت أن الحب فرحة عارمة، وغرام غامر، ومسئولية والتزام.
وعندما تأخرت في الإنجاب، لمست في زوجى الصبر والاحتمال والمؤازرة والمواساة، وغمرنى بمزيد من الحنان، وعلمت أن الحب هو المشاركة الوجدانية، واللمسة الحانية، والمشاعر الرقيقة، والتماس الأعذار.
وعندما رزقنا الله بطفلنا الأول، رأيت زوجى بجوار سريرى يمسك بيدي، ويقول لي: «أحبك» فأدركت أن الحب هو شكر وامتنان وعطف وحنان، وهكذا فعل معى عندما أعطانا الله طفلنا الثاني.
ودارت الأيام وعند زواج الأبناء كان في كل مرة ينظر إلىّ، ويقول لى: «أحبك»، أنت أجمل زوجة في كل الدنيا في نظري، فقلت لنفسى إن الحب إعجاب صادق، وغزل جميل.
وعبر مشوار حياتنا كنا إذا اختلفنا في رأى معين نعبر عن اختلافنا بأسلوب رقيق، وبكل احترام وتقدير كل واحد منا لرأى الآخر، فكنا نختلف ونأتلف، وأدركت أن الحب هو حوار وتفاهم وخضوع وطاعة.
وعندما كنا نمر في أوقات باحتياج خاص أو مشكلة معينة، كنا نرفع الدعاء إلى الله ونفكر معًا، وكنت أجده يطمئنى ويشجعنى برعاية وعناية الله لنا، وعندئذ أدركت أن الحب هو التعاون والتكاتف والمساندة والتشجيع.
ويمضى العمر ونتقدم في الأيام، وأصبحنا عجوزين، بينما حبنا في ربيعه وفى أوج قوته، ينمو ويترعرع يومًا بعد الآخر، وأشعر أن روحى متعلقة بروحه، ولا يكف عن أن يقول لى: «أحبك»، وينادينى «يا حبيبتى» وأنا أناديه «يا حبيبي»، وأحس أن كل يوم جديد هو أول يوم في زواجى وارتباطى به، «ولقد أيقنت بما لا يدع مجالًا للشك أن الحب هو مودة، ووفاء، وإخلاص، وعطاء».