مع اقتراب الاحتفال بالمولد النبوي تتجلى العديد من المظاهر للاحتفال به، والتي توارثت عبر الأزمنة المختلفة احتفاءً بذكرى مولد الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) والتي تحتفي به مختلف الشعوب الإسلامية.
وتعد مصر من الدول التي ارتبطت المناسبات لديها بالعديد من الأطعمة والطقوس التي يتم ممارستها بصورة دورية كابتداع حلوى المولد وعروسة المولد والحصان، وهو الأمر الذي لطالما ظل يشكل فلكلور شعبي متوارث حتى الوقت المعاصر.
تاريخها:
تعتبر مصر من أوائل الدول التي بدأت الاحتفال بالمولد النبوي، حيث يعود ذلك إلى عصر الفاطميين عقب دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمى لمصر عام 973 حيث قام الفاطميون بابتداع صنع حلاوة المولد وعروسة المولد خلال تلك الفترة احتفالا بالمولد النبوي.
واختلفت الروايات حول تفاصيل صنع حلاوة المولد فهناك من قال إن حلاوة المولد دخلت مصر في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله حينما قام صانع الحلوى بصنع قالب حلوى على شكل عروسة كناية إلى زوجة الحاكم بأمر الله التي خرجت معه في أحد المواكب بيوم المولد.
صناعة عروسة المولد:
فكرة عروسة المولد من المعروف أنها مصرية خالصة، كانت في بداية الأمر تصنع على شكل قالب من الحلوى التي كانت تزين ويتم تجميلها بأشكال وألوان مختلفة لتعطي مظهرا جذابا وكان يوضع بجانبها دائما حصان أو جمل مما كان يجعل هناك إقبالا كبيرا عليها في تلك الفترة من الزمن التي لم يكن هناك طفرة في الصناعة كما تشهده في يومنا الحاضر.
سر انقراض عروسة المولد المصنوعة من الحلوى:
مع مرور الوقت إنقرضت عروسة المولد المصنوعة من الحلاوة بسبب الوعي الصحي والتقدم العلمي الذي اكتشف أن عروسة الحلاوة يوجد بها مركبات غذائية ضارة تؤثر على الصحة فحل محلهما العرائس المصنوعة من البلاستيك والتي تزين وتشكل بمختلف الأشكال التي تضفي طابعا جماليا فائقا جذابا كما يتم كسوتها بالأقمشة المختلفة ذات اللون الأبيض.
أهميتها ومناسبتها الاجتماعية:
تزرع عروسة المولد البهجة في نفوس البنات والأطفال وتلقى قبولا كبيرا من قبل الأطفال صغار السن لما تتمتع به من أشكال وألوان مختلفة ولطبيعة الفتيات اللاتي يحببن العرائس، كما يهديها الخطيب لخطيبته أيضا في تلك المناسبة والتي تكون في الغالب كبيرة الحجم وباهظة الثمن عن باقي أنواع العرائس المخصصة للأطفال الصغار.
وتتميز عروسة المولد بأنها تلقى قبولا كبيرا في أماكن بعينها عن غيرها من الأماكن وخاصة المناطق الشعبية والريفية.
شكل عروسة المولد:
تتنوع أشكال عروسة المولد فهناك من الصناع من يجعلها تضع يدها على خصرها وتارة أخرى نجد نوعا آخر يحمل زهور أو ورد خاص وغيرها من الأشكال التي يختار من بينها المواطنين.
موسم البيع والأسعار:
يبدأ البائعون ومصانع العرائس في عرض المنتجات قبل بداية المولد النبوي والتي يتجه فيه البائعين إلى بيعها جملة وقطاعي أيضا وبأسعار متفاوتة في متناول الجميع وعلى حسب طريقة تصنيع كل عروسة
وتتركز أماكن بيع العرائس داخل المناطق الشعبية وخاصة داخل محافظة القاهرة التي يوجد بها مراكز صناعة عرائس المولد بالقرب من تمركز القاهرة الفاطمية القديمة في مناطق مثل باب البحر وباب الشعرية والموسكي وحارة اليهود وغيرها من الأماكن القريبة من القاهرة الفاطمية القديمة.
وفي هذا الصدد أكد الدكتور عاطف منصور، عميد كلية الآثار بجامعة الفيوم، أن كل ما يتعلق بالاحتفالات بالمولد النبوي من حلوي المولد وعروسة المولد وحصان المولد، إنما هي في الأصل عادات مستحدثة من الدولة الفاطمية، حيث كان الفاطميون ينتهزون المناسبات الدينية والعامة لاستمالة المسلمين، فكانوا يقومون بإعداد الولائم، أثناء المولد النبوي، فحدثوا شكل العروسة، ونوعوا من مظهرها محاولين استمالتهم للمذهب الشيعي، ولكن على الرغم من ذلك، فهي شكلت جزئًا من الفلكلور الشعبي المصري، بعيدًا عن المذهب الشيعي، وإنما كوسيلة للتعبير عن الفرحة بقدوم مولد النبي عليه الصلاة والسلام، حيث تزرع عروسة المولد البهجة في نفوس البنات والأطفال، وتلقي قبولًا كبيرًا من قبل الأطفال صغار السن، لما تتمتع به من أشكال وألوان مختلفة ولطبيعة الفتيات اللاتي يحببن العرائس.
وقال الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن مصر تعتبر أول الدول التي بدأت صناعة عروسة المولد خلال عصر المصريين القدماء، فهي مصرية خالصة، حيث ارتبطت لدى المصريين بـ إيزيس، آلهة المصريين القدماء، ثم بعد ذلك تجدد شكل العروسة خلال العهود والعصور المختلفة، مرورًا بالعصر الإسلامي، فتحدثت وأصبحت مظهر من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي وتحدث شكلها فأصبحت جزءا لا يتجزأ من الفلكلور الشعبي المصري، مؤكدا أن عروسة المولد تتميز بأنها تلقى قبولًا كبيرًا في أماكن بعينها عن غيرها من الأماكن، وخاصة المناطق الشعبية والريفية، مشيرًا إلى أنه لا صحة إلى ما ينسب حول أن أصل عروسة المولد يعود إلى عهد الفاطميين، لأن تلك الشائعات التي انطلقت من الدولة الفاطمية كانت من أجل إزكاء لمذهب الشيعة، حينما جاءت الخلافة الفاطمية الشيعية داخل مصر.