تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
يتابع الكاتب الصحفى محمد الشافعى فى كتاب «بطولات تتحدى الزمن»، والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، بقوله: «كان محمد عبده موسى من أوائل الذين ضمهم الشهيد إبراهيم الرفاعى إلى المجموعة ٣٩ قتال عند إنشائها فى عام ١٩٦٨.. وشارك فى أكثر من أربعين عملية من عمليات المجموعة، أشهرها عملية «لسان التمساح الأولى».. وعملية «ضرب مطار الطور».. وتمت عملية «لسان التمساح» فى التاسع عشر من أبريل ١٩٦٩.. وكانت ردًا على استشهاد الفريق عبد المنعم رياض فى التاسع من مارس ١٩٦٩؛ حيث كانت أوامر الرئيس عبد الناصر ضرورة تأديب الموقع الذى خرجت منه الدانة التى استشهد بسببها الشهيد رياض.. وتم تكليف الرفاعى بالعملية.. فوضع خطته ودرب رجاله عليها.. وقرر أن يحتفل بذكرى مرور أربعين يوما على استشهاد رياض لينفذ العملية.
ومع بداية حرب أكتوبر، تم تكليف البطل محمد عبده موسى بإبرار مجموعة من الكتيبة ١٤٣ صاعقة خلف خطوط العدو فى منطقة رأس سدر.. وهذه العملية كانت ضمن عملية كبيرة لإبرار أبطال الصاعقة خلف قوات العدو.. ولكن العملية لم تحقق النجاح المطلوب؛ حيث كان مخططًا لها أن تتم تحت حماية الطائرات المقاتلة، والتى تقرر عدم قيامها بالضربة الثانية ليتم تدمير العديد من الطائرات الهليكوبتر المحملة بأبطال الصاعقة.. ورغم ذلك نجحت بعض الطائرات فى الوصول إلى أهدافها.. فتقرر يوم ٩ أكتوبر إرسال طائرة إمداد عليها النقيب راشد أبو العيون ومعه المقاتل محمد عبده موسى.. ورغم نجاح مهمة نقل الإمدادات إلى الجنود خلف خطوط العدو.. إلا أن الطائرة أصيبت بصاروخ من العدو.. ليصاب البطل محمد عبده موسى بحروق فى أغلب جسده.. ويصاب النقيب أبو العيون أيضا.. واستطاع البطل محمد عبده موسى الوصول إلى مستشفى السويس.. وبعد إجراء الإسعافات الأولية رفض البطل موسى البقاء فى المستشفى.. رغم تأكيد الأطباء خطورة حالته.. وعاد ليشترك مع زملائه فى العمليات ضد العدو.. وقبل أن يتوقف القتال أصيب محمد عبده موسى مرة أخرى بطلقة فى ساقه.. ونقل إلى المستشفى، ورفض للمرة الثانية البقاء فيها.. وتركها ليذهب إلى قيادته فى منطقة الحلمية.. وعاش البطل يذكر سائق التاكسى الذى رفض أن يتقاضى «أجرة توصيله» عند خروجه من المستشفى لأنه من أبطال أكتوبر.
وعندما بدأت ساعة الصفر، استرجع محمد محمد عبد السلام العباسى، ابن قرية القرين، مركز أبوحماد محافظة الشرقية، فى ذاكرته خطبة الجمعة التى كانت عن غزوة بدر، والعلم المصرى الذى كان أمام الجنود أثناء الصلاة، وكيف تحدث خطيب الجمعة عن الشهادة ومنزلة الشهداء.
وأثناء ضرب المدفعية والطلعة الجوية كان الأبطال ينقلون القوارب المطاطية إلى حافة القناة، ونزل الجنود إلى القوارب وسبق أبطال سلاح المهندسين لفتح الثغرات وإزالة الألغام والأسلاك الشائكة، وتذكر العباسى وهو فى القارب ما قاله القادة عن استشهاد المجموعة الأولى والمجموعة الثانية، ثم تتقدم المجموعة الثالثة فازداد عزيمة وقوة وإصرارًا على قهر العدو قبل أن يلقى ربه شهيدًا، وسارع العباسى بالقفز من القارب وتقدم زملاءه، وهو يبحث بالسونكى عن الألغام، ورغم خطورة ذلك، فإنه كان يصعد الساتر الترابى بخفة ورشاقة وكأنه روح محلقة وليس جسدًا بشريا، وكان العباسى قد أخذ العلم المصرى من قائد الكتيبة ناجى عبده ولفه حول جسده، وعندما وجد نفسه على قمة خط بارليف سارع برفع العلم المصرى على أرض سيناء، ليكون أول من رفع العلم المصرى يوم السادس من أكتوبر، وارتفعت معنويات كل زملاء العباسى إلى عنان السماء، وتحول العلم الذى يرفرف إلى مضخة عملاقة للعزيمة والإرادة والرغبة فى الثأر من هذا العدو الصهيوني، واندفع الجنود خلف العباسى فى اتجاه الدشمة رقم ١ بالقنطرة شرق، وتمت السيطرة على هذه النقطة الحصينة، وحاول الطيران الصهيونى إنقاذ الموقف فانطلقت صواريخ سام ٦ و٣ من حائط الصواريخ العملاق لتسقط طائرتان للعدو.
وفى صباح السابع من أكتوبر، قامت كتيبة العباسى بتطويق جزيرة البلاج من الأمام لتتم السيطرة عليها فى وقت قليل، وليتم أسر كل من كان فيها من جنود العدو وكانوا ٢٢ جنديا بينهم طبيب. ورغم ظهور البطل محمد العباسى فى كثير من وسائل الإعلام، ورغم دعوته لإلقاء المحاضرات والمشاركة فى العديد من الندوات قبل رحيله؛ فإنه ظل طوال الوقت يرجو ويلح فى الرجاء أن تتم كتابة تاريخ بطولات حرب أكتوبر وبطولات حرب الاستنزاف لتعرف الأجيال الجديدة من شباب مصر كم ضحى الشباب الذين سبقهم من أجل عزة وحرية واستقلال هذا الوطن العظيم، كما ظل البطل محمد العباسى يلح على إقامة «حديقة خالدين» فى كل مدينة من مدن مصر لتوضع فى هذه الحديقة تماثيل لأبطال هذه المدينة، ويكتب على كل تمثال نبذة صغيرة عما قدمه هذا البطل من أجل مصر.
وللأسف الشديد، إننا لم نسمع إلى إلحاح البطل العباسى، ولم نستجب لرجائه، وأعتقد أننا لو استمعنا إليه ونفذنا مقترحاته شديدة الوطنية لعملنا على رفع زيادة الوعى الوطنى ولاستطعنا محو الأمية الوطنية عند كثير من شباب هذه الأيام، والأهم أن بطولات الأبطال وتماثيلهم قادرة على منع تسرب بعض الشباب إلى جماعات العنف والتطرف والإرهاب.