الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الطريق إلى النصر.. 3 معارك أعادت الثقة للجندي المصري.. غارات البحرية على ميناء إيلات ورأس العش وشدوان.. الضفادع البشرية تنفذ 3 هجمات على قطع وأرصفة بحرية للعدو في 5 أشهر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثلاث معارك خالدة في تاريخ العسكرية المصرية، ترويها أجيال وراء أجيال، بكل فخرٍ واعتزاز، لتؤكد أن النصر يولد من رحم الهزيمة، وأن بمصر رجالًا أشداء لا يهابون الموت ولا يخشون العدو، تظل بطولاتهم تضيء سماء الوطن على مر الزمن وتقول للشباب: هؤلاء هم الأبطال.. هؤلاء هم آباؤكم فارفعوا رؤوسكم عاليًا وكونوا فخورين بتاريخ هذا الجيش العظيم وبأبناء الشعب الأبطال.


لن ينسى المصريون معارك تدمير السفن الحربية الإسرائيلية في ميناء إيلات، ولن تسقط من الذاكرة معركة «شدوان» وصمود الأبطال أمام هجوم صهيونى كاسح، وتظل الذاكرة محتفظة بعظمة رجال مصر في دفاعهم عن منطقة رأس العش وعودة الإسرائيليين يجرون ذيول الخيبة ويسحبون قتلاهم، تاركين معداتهم تحترق لتعلن: هنا انتصر المصريون ورد كيد المعتدين. وتقدم «البوابة» لمحات من تلك المعارك الثلاثة الخالدة ليعرف الجيل الجديد عظمة الآباء والأجداد في الزود عن أرض الوطن بكل شجاعة وبسالة لا مثيل لها.
الغارات المصرية على ميناء إيلات الإسرائيلى، هى ثلاث عمليات عسكرية بحرية تمت ضمن حرب الاستنزاف في أعقاب حرب ١٩٦٧؛ حيث تم تنفيذها بواسطة ضفادع بشرية من البحرية المصرية بالتعاون مع المخابرات العامة المصرية، لتدمير السفينة «بيت شيفع» وناقلة الجنود «بات يام» و«الرصيف الحربى» لميناء إيلات.
كان لهذه العمليات أيضًا أهمية أخرى وهى إعادة الروح المعنوية ليس للقوات المسلحة فقط ولكن للمصريين جميعًا.
في أوائل عام ١٩٦٨م، أمدت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل بناء على طلبها ناقلتين بحريتين إحداهما تحمل ٧ مدرعات برمائية، واسمها «بيت شيفع» وأخرى ناقلة جنود واسمها «بات يم»، واستغلت إسرائيل تفوقها الجوى وشنت نحو ٣ أو ٤ عمليات قوية بواسطة الناقلتين على السواحل الشرقية لمصر منها ضرب منطقة الزعفرانة.

ولذلك قررت القيادة العامة للقوات المسلحة القيام بعملية بهدف التخلص من الناقلتين بأى وسيلة، واستقر الأمر على قيام القوات الجوية والقوات البحرية بذلك، ولكن بعد دراسة قيام القوات الجوية بشن هجوم على الناقلتين في العمق الإسرائيلى، كانت احتمالات الخسائر كبيرة جدًا، لذا وافق الرئيس جمال عبد الناصر على اقتراح قائد القوات البحرية بتنفيذ أول عملية للضفادع البشرية المصرية في العمق الإسرائيلي، وبعد إجراء عمليات الاستطلاع تم التحقق من أن الناقلتين تخرجان دائمًا من ميناء إيلات إلى شرم الشيخ فخليج نعمة ومنه إلى السواحل الشرقية المصرية.



العملية الأولى ١٦ نوفمبر ١٩٦٩
تم تشكيل ثلاث مجموعات من الضفادع البشرية كل مجموعة مكونة من فردين (ضابط وصف ضابط)، وسافروا إلى ميناء العقبة الأردنى القريب من إيلات، كما تم تحضير مجموعتين في الغردقة، وكانت الخطة الأولى تقضى بأن تهاجم مجموعتا الغردقة الناقلتين إذا غادرتا مبكرًا وقامتا بالمبيت في خليج نعمة عن طريق الخروج بلنش طوربيد ثم بعوامة والاقتراب من الناقلتين والقيام بتفجيرهما، أما الخطة الثانية فكانت ستنفذ إذا قامتا بالمبيت في إيلات فيكون التنفيذ من جانب المجموعات الثلاث الموجودة في العقبة.. ما حدث أنهما قامتا بالمبيت في إيلات فعلا فألغيت مهمة الغردقة، وقامت مجموعات العقبة في ١٦ نوفمبر عام ١٩٦٩ بالخروج بعوامة من العقبة حتى منتصف المسافة، ثم السباحة إلى الميناء، لكنهم لم يتمكنوا من دخول الميناء الحربى فقاموا بتلغيم سفينتين إسرائيليتين هما (هيدروما ودهاليا)، وكانتا تشاركان في المجهود الحربى الإسرائيلى في ميناء إيلات التجاري، وهذه هى العملية التى استشهد فيها الرقيب فوزى البرقوقى نتيجة إصابته بالتسمم بالأكسجين، وقام زميل مجموعته الملازم أول بحرى نبيل عبد الوهاب بسحب جثمانه حتى الشاطئ حتى لا تستغل إسرائيل الموضوع إعلاميًا، كما أكد في حوارات لاحقة أن الشهيد كان صديقه، ولم يكن ليترك جثة صديقه، فسبح بها ١٤ كيلومترًا متواصلة من الساعة الواحدة صباحًا إلى الساعة السابعة صباحًا.
أثر العملية على الجيش الإسرائيلي
كانت العملية جيدة جدًا وأدت لضجة كبيرة داخل وخارج إسرائيل، ورفعت الروح المعنوية للقوات المسلحة المصرية، وفى الوقت ذاته أدركت إسرائيل أن المصريين تمكنوا من الوصول إلى إيلات، وأنهم يريدون «بيت شيفع» و«بات يم»، فأصدروا تعليمات للناقلتين بعدم المبيت في ميناء إيلات، بحيث تقوم بالتجول في البحر بداية من آخر ضوء وحتى أول ضوء لأن قوات الضفادع البشرية لا يمكنها العمل نهارًا.
ولم تتوقف الناقلتان عن مهاجمة السواحل المصرية واستولتا على كميات كبيرة من الذخائر، ونقلوها بواسطة «بيت شيفع»، وأثناء تفريغ الذخيرة انفجر بعضها، مما أدى لمقتل نحو ٦٠ إسرائيليًا، وتعطل باب الناقلة الذى كان يعمل بطريقة هيدروليكية.

تم نقل هذه المعلومات للقيادة المصرية عن طريق نقطة المراقبة الموجودة في العقبة، وقدرت إسرائيل أن المصريين سيستغلون فترة وجود الناقلتين بالهجوم عليهما فقاموا بعمل تجهيزات كثيرة جدًا لإعاقة أى هجوم محتمل فتم إغلاق الميناء بالشباك، وتم تحريك لنشات لضرب عبوات ناسفة مضادة للضفادع البشرية، وخرجت الطائرات الهليكوبتر لإطلاق قنابل مضيئة للرؤية، وتم وضع كشافات قوية جدًا حول الناقلتين، بحيث يتم اكتشاف أى حركة تحت عمق ١٠٠ متر، فضلًا عن زيادة الحراسة على الناقلتين.

العملية الثانية ٥-٦ فبراير ١٩٧٠م
تمت دراسة كل هذه التغيرات وحصلت القوات البحرية على الضوء الأخضر للقيام بعملية قبل إصلاح العطب في الناقلة، وتم تشكيل مجموعتين الأولى بقيادة ضابط بحرى اسمه عمرو البتانونى، وكان برتبة ملازم أول ومعه الرقيب على أبو ريشة، والثانية بقيادة الملازم أول رامى عبد العزيز ومعه الرقيب محمد فتحى، وتحركوا من الإسكندرية بمعداتهم إلى العراق، حيث هبطوا في مطار H٣ واستقبلهم أعضاء من منظمة فتح الفلسطينية، ومنها سافروا برا إلى عمان في الأردن، حيث قاموا بالمبيت لليلة واحدة قاموا خلالها بتجهيز الألغام (لغم مع كل فرد) والمعدات وانتقلوا إلى ميناء العقبة، حيث استقبلهم ضابط أردنى برتبة رائد تطوع للعمل معهم بغير علم سلطات بلاده، لأن المنطقة كلها هناك كانت مغلقة عسكريا فكان من الضرورى أن يحصلوا على معاونة من أحد أفراد القوات المسلحة الأردنية.
دخلوا المنطقة العسكرية الأردنية وقاموا بالتجهيز النهائى ونزلوا الماء بالفعل في الساعة الثامنة والثلث مساء ٥ فبراير ١٩٧٠ دون عوامة، لأنها كانت تحتاج لتجهيزات خاصة، واعتمدوا على السباحة والغطس، وفى منتصف المسافة، اكتشف الرقيب محمد فتحى أن خزان الأكسجين الخاص به أوشك على النفاد (بفعل النقل في وسط الجبال) فتم اتخاذ قرار بعودته إلى نقطة الإنزال في العقبة، وأكملوا المهمة دونه إلى أن وصلوا في منتصف الليل تماما إلى ميناء إيلات بعد السباحة والغطس لنحو ٥.٥ ميل بحري.
وفى الساعة ١٢.٢٠ مروا من تحت الشباك، وهجم الملازم أول رامى عبد العزيز بمفرده على «بات يم»، بينما هجم الضابط عمرو البتانونى والرقيب على أبو ريشة على الناقلة «بيت شيفع» وقاموا بتلغيمهما، وضبطوا توقيت الانفجار على ساعتين فقط، بدلا من أربع ساعات، كما كانت الأوامر تنص، ففرد القوات الخاصة له أن يقوم بالتعديل في الخطة الموضوعة حسب مقتضيات الظروف، وفى الساعة الثانية من صباح يوم ٦ فبراير، بدأت الانفجارات تدوى في إيلات، وخرجت الدوريات الإسرائيلية للبحث عن منفذى الهجوم، ولكنهم وصلوا بنجاح إلى الشاطئ الأردني.
وبعد عملية الإغارة الناجحة للمرة الثانية لرجال الضفادع البشرية المصرية على ميناء إيلات، تم تغيير قيادة السلاح البحرى الإسرائيلى، واتبعت القيادة الجديدة أسلوب إخلاء الميناء قبل الغروب بساعة حتى صباح اليوم التالى، وكان ذلك يكبدهم خسائر فادحة، فضلا عن الإرهاق لأطقم السفن والوحدات البحرية.
العملية الثالثة ١٤-١٥ مايو ١٩٧٠م
من هنا نشأت فكرة العملية الثالثة، حيث وصلت المعلومات من المخابرات الحربية تفيد بأن ناقلة الجنود «بيت شيفع» قد تم إصلاحها بعد التدمير الذى أصابها أثناء عملية الإغارة الثانية على ميناء إيلات، غير أنها كبقية السفن تغادر الميناء كل ليلة وتعود إليه في الصباح، وكان لا بد من إيجاد وسيلة لتعطيل «بيت شيفع» عن الإبحار، وإرغامها على قضاء ليلتها في ميناء إيلات ولو لليلة واحدة حتى يمكن مهاجمتها وإغراقها.
وتلخصت الفكرة في وضع لغمين كبيرين يحتوى أحدهما على مائة وخمسين كيلو جراما من مادة الهيلوجين شديدة التفجير على القاع أسفل الرصيف الحربى الذى ترسو عليه ناقلة الجنود «بيت شيفع» عند دخولها إلى الميناء في الصباح يوميًا، فيتم وضع اللغمين منتصف الليل، ويضبط جهاز التفجير على ١٢ ساعة، أى أن انفجار الألغام يحدث نحو الساعة الثانية عشرة ظهرًا، ففى هذا الوقت لا بد أن تكون «بيت شيفع» راسية بجوار الرصيف الملغوم وتحدد يوم السبت (العطلة الإسرائيلية الأسبوعية) ١٤ مايو ١٩٧٠، لتنفيذ العملية، وفعلا تم وضع اللغمين كمرحلة أولى في الأماكن السابق تحديدها ولكن اللغم الأول انفجر مبكرًا عن موعده في الساعة السابعة وخمس وثلاثين دقيقة من صباح يوم ١٥ مايو، وفى الوقت نفسه تأخر وصول الناقلة «بيت شيفع» حتى الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق، أى أن الناقلة الأخرى وصلت بعد الموعد المحدد لوصولها بنحو ست ساعات، أما اللغم الثانى فانفجر في الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم ١٥ مايو، وقد أدى الانفجار إلى تدمير الرصيف الحربى لميناء إيلات، وشوهدت عملية انتشال جثث كثيرة من الماء لأفراد ضفادعهم البشرية الذين كانوا يعملون تحت المياه على تقطيع جسم السفينة «بات يام»، التى أغرقتها الضفادع البشرية المصرية خلال الإغارة الثانية على ميناء إيلات فحدث الانفجار الثانى وتمزقت جثث الضفادع البشرية الإسرائيليين تحت المياه، كما شوهدت أكثر من ست عربات إسعاف تنقل الجرحى والمصابين من مبنى الضباط المقام خلف الرصيف الحربى مباشرة، وهذا ما أدى إلى اهتزاز ثقة القيادة البحرية الإسرائيلية والقيادة العامة بشكل عام.
معركة شدوان
من أهم العمليات التى قامت بها قوات الصاعقة ضد الإسرائيليين هى معركة «شدوان»، وكانت في شهر يناير ١٩٧٠. وشدوان عبارة عن جزيرة صخرية منعزلة مساحتها تقريبا ٧٠ كيلو مترًا وتقع بالقرب من مدخل خليج السويس وخليج العقبة بالبحر الأحمر.
قامت القوات الإسرائيلية بهجوم ضخم على الجزيرة ليلة الخميس ٢١/٢٢ يناير، شملت الإبرار الجوى والبحرى والقصف الجوى الذى استمر لعدة ساعات على الجزيرة، وضد بعض موانئ البحر الأحمر التى يحتمل أن تقدم المعونة لقواتنا، وقد استمر القتال لمدة ٦ ساعات كاملة بين كتيبة المظلات الإسرائيلية وسرية الصاعقة المصرية. 
وتمكن الإسرائيليون بواسطة قواتهم الجوية من إصابة أحد القوارب المصرية في الجزيرة، واعترف الإسرائيليون بوقوع ١٥٠ من جنودهم بين قتلى وجرحى.. وفى الثامنة والربع من صباح ٢٣ يناير صدر بيان عسكرى مصرى أذيع فيه: «العدو بدأ في الساعة الخامسة صباحا هجوما جويا مركزا على جزيرة شدوان.. وقد تصدت وسائل دفاعنا الجوى لطائراته، وأسقطت طائرة منها شوهد قائدها يهبط بالمظلة في البحر وما زال الاشتباك مستمرا حتى ساعة صدور هذا البيان». 
وقد أنزلت القوات المصرية بالقوات الإسرائيلية خسائر جسيمة في الأفراد، وتمكنت وسائل الدفاع الجوى المصرية من إسقاط طائرتين للإسرائيليين، إحداهما من طراز ميراج، والأخرى من طراز سكاى هوك. وبعد قتال عنيف ومرير استمر ٣٦ ساعة كاملة خاضته قوة مصرية صغيرة اضطرت القوات الإسرائيلية التى تقدر بكتيبة كاملة من المظليين للانسحاب من الأجزاء التى احتلتها في الجزيرة. 
وكان الإسرائيليون قد أعلنوا مساء ليلة القتال الأولى أن قواتهم «لا تجد مقاومة على الجزيرة» إلا أنهم عادوا واعترفوا في الثالثة من بعد ظهر اليوم التالى أن القتال لا يزال مستمرا على الجزيرة. وفى اليوم التالى للقتال (الجمعة) اشتركت القوات الجوية في المعركة وقصفت المواقع التى تمكن الإسرائيليون من النزول عليها في شدوان، وألقت فوقها ١٠ أطنان من المتفجرات في الوقت الذى قامت فيه القوات البحرية بتعزيز القوة المصرية على الجزيرة. 
وقال رئيس الأركان الإسرائيلى حاييم بارليف، أن الجنود المصريين يتصدون بقوة للقوات الإسرائيلية، ويقاتلون بضراوة شبرا شبرا للاحتفاظ بالجزيرة بأى ثمن. 
وشهدت المعركة بطولات من العسير حصرها، وبلغ من عنف المقاومة المصرية أن القوات الإسرائيلية لم تتمكن طوال ٣٦ ساعة من الاقتراب من القطاع الذى يتركز فيه الرادار البحرى على الجزيرة.

معركه رأس العش 
هى إحدى معارك حرب ١٩٦٧ التى خاضها الجيش المصرى في مواجهة جيش العدو الإسرائيلى في العام ١٩٦٧، وانتصر المصريون في المواجهة الأمر الذى كان له أثر بالغ في نفوس الجنود المصريين.
كانت المعركة في الساعات الأولى من صباح ١ يوليو ١٩٦٧، وبعد ثلاثة أسابيع من النكسة. 
كانت هذه المعركة هى الأولى في مرحلة الصمود، التى أثبت فيها المقاتل المصرى ـ برغم الهزيمة والمرارة ـ أنه لم يفقد إرادة القتال، وكان مثلا للصمود والقتال بمهارة والتشبث بالأرض.

البطل حسنى سلامة: جمال عبد الناصر تابع معركة «رأس العش» بنفسه طوال الليل.. معلومة وصلت للمخابرات الحربية المصرية كانت بداية التخطيط لعملية إيلات الثالثة والهجوم على ناقلة الجنود «بيت شيفع».
البطل حسنى سلامة روى ذكرياته عن معركة رأس العش، قائلًا: في الساعة الثانية صباحا أجرى الرئيس عبد الناصر اتصالا تليفونيا مباشرا بالموقع؛ حيث أبلغ القائد بترقية جميع المقاتلين في الضفة الشرقية للدرجة الأعلى ومنحهم نوط الشجاعة، وحثنا على ألا نسمح للصهاينة بالمرور إلى بورفؤاد إلا فوق جثثنا.
في هذه الأثناء بدا أن العدو أدرك صعوبة المرور بشكل مباشر فلجأ للخداع، فأولا تقدم أحد أفراد استطلاع العدو ووضع جهازا صوتيا بين أشجار عشبية قريبة لكى نصوب أسلحتنا الصغيرة إليه، وبما أنه من المستحيل أن تصل إمدادات إلينا فتوقع أن نفر هاربين بعد أن تنفد ذخيرتنا، لكننى أدركت الخدعة بفضل من الله فمنعت الجنود من إطلاق أى طلقة على الأشجار وتقدمت قرابة المائة ياردة وبأحد مدافع الـ RBJ وبغريزة التوجيه على الصوت أطلقت أحد الدانات ليصمت الصوت إلى الأبد.
بعدها ساد صمت طويل.. لا صوت بشرى واحد من الطرفين.. لا أصوات رصاص.. لا أصوات قنابل.. أو محركات.. ليس سوى صوت النيران المشتعلة هنا وهناك. لا أعرف ماذا حدث بعد ذلك، لكننى تأكدت أن المهمة نُفذت بنجاح وأن العدو فر هاربا.
وفى اليوم التالى، وجدت طلبا لمقابلتى من النقيب أشرف مروان صهر الرئيس جمال عبد الناصر، وما أن رآنى حتى احتضننى بقوة وعرفت أنه كان مع الرئيس جمال عبد الناصر في مكتبه يتابعان المعركة مباشرة، واتضح أن خط اللاسلكى كان مفتوحا طوال الوقت وموصلا بنقطة الإرشاد ومنها بشكل مباشر.