الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حرب أكتوبر.. أمجاد لا تنسى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«المصريون عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء.. وتوغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين.. ونحن لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف، أو إعادتهم عبر قناة السويس مرة أخرى.. إن المصريين يملكون سلاحا متقدما.. وهم يعرفون كيف يستخدمون هذا السلاح ضد قواتنا.. بل هم يستخدمون كل أنواع الأسلحة بامتياز وبدقة متناهية».. هذه كلمات «موشى ديان» وزير الدفاع الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر عام 1973، والتى وردت في كتابه عن الحرب سماه «كتاب حياتى».
46 عاما مضت على انتصار مصر في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، والذى كان من أعظم الانتصارات العسكرية في القرن الماضى، وعلامة فارقة في التاريخ الحديث ليس لمصر فقط بل وللأمة العربية، والشرق الأوسط بأكمله، ففيه انقلبت النكسة إلى انتصار عظيم، ودبت خطوات «خير أجناد الأرض» على تراب سيناء وعبر الأبطال قناة السويس، وحطموا أسطورة العدو قبل أن يحطموا خط بارليف، وعبر العرب معهم الهزيمة للنصر، وبعون الله حولوا المحنة إلى منحة، والنكسة لنصر عظيم.. إنهم جيل افتدى تراب بلادهم بالدم.
ورغم مرور كل هذه السنوات، على هذه الحرب العظيمة، ما زالت الأكاديميات العسكرية في العالم، تدرس ما حققه الجيش المصرى، من بطولات بإمكانيات قليلة، يحاولون معرفة سر هذه البطولة والعزيمة لدى جنود الجيش المصرى، فلم تكن تلك الحرب، حربا تقليدية اقتصرت نتائجها على محيطها الجغرافى فقط، لكنها تعدت الحدود للعالم أجمع معلنة عظمة هذا الشعب وقواته المسلحة.
وأثبتت حرب أكتوبر للعالم أجمع قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور، يستند إلى شجاعة القرار، ودقة الإعداد والتخطيط، وبسالة الأداء والتنفيذ، مما أكد للجميع أن الشعب المصرى ضرب أروع صور البطولة ووقف إلى جوار قواته المسلحة.
كما أكدت الحرب استحالة سياسة فرض الأمر الواقع، واستحالة إجبار شعوب المنطقة على أمر لا ترضى به، كما أثبتت أيضا أن الأمن الحقيقى لا يضمنه التوسع الجغرافى على حساب الآخرين ولذلك تنبه العالم لضرورة إيجاد حل للصراع العربى الإسرائيلى، وكان من أبرز نتائج تلك الحرب رفع شعار المفاوضات وليس السلاح.
وظهر في هذه الملحمة التضامن العربى بوضوح ليكون دليلًا قاطعًا على بداية شعور العرب ولأول مرة في تاريخهم المعاصر، بالخطر على أمنهم القومى والاستراتيجى، ولذلك توج هذا التضامن بنصر عسكرى كبير فخر به الجميع.
فالجيش المصرى من أقدم الجيوش النظامية، حيث بدأ أول حروبه من أجل توحيد مصر على يد الملك مينا عام 3200 ق.م، وعلى مدى هذه القرون خاض العديد من الحروب والمعارك الكبرى بدءًا من العصر الفرعونى ومرورًا بالعصور البطلمية والرومانية والإسلامية وحتى العصر الحديث، وظلت القوات المسلحة عبر تاريخها مصنعا للرجال، ودرعا للأمة، وسيف مصر القاطع الذى يبتر كل يد تحاول العبث بأمن واستقرار الوطن، فتاريخ الجيش المصرى ووطنيته لا تخفى على أحد، والمعارك التى خاضها من أجل الدفاع عن أمته سطرت بحروف من نور في كتب التاريخ على مر العصور.
ومن أبرز نتائج انتصار أكتوبر، إعادة تعمير سيناء وبدء مشروعات ربطها بوادى النيل والعمل على تحويلها إلى منطقة إستراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية، كما مثل نقطة تحول حاسمة في تاريخ العلاقات الدولية، بل مثل أعظم درس تاريخى على امتداد القرن الماضى، فقد أثبتت معركة النفط واستخدامه كسلاح استراتيجى، أن النظام الدولى انعكاس لواقع موازين القوى الحقيقية، فقد اعتبر رفع أسعار النفط في عامى 1973 و1974، بمثابة انتصار جماعى للعالم الثالث، كما كان للانتصار دوره البالغ في إعادة العلاقات بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية، والتى قطعت في أعقاب حرب يونيو 1967، وإن استمرت في شكل تشاور، من خلال القنوات غير الرسمية، وتطورات العلاقات خلال الأربعين سنة الأخيرة بحيث أصبحت مصر الشريك الاستراتيجى الأول للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط والمحرك الأول لقضايا المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية.
ويصف المؤرخ العسكرى البريطانى، «إدجار ابولانس»، عملية العبور «بأنها كانت معجزة عسكرية مكتملة الأركان»، ولأن ما أخذ بالقوة لايرد إلا بالقوة كان لزاما توفير سلاح متطور حديث مع تنظيم وتدريب القوات بشكل جيد ومتواصل، وتعبئة الجبهة الداخلية في شتى المجالات، من أجل معركة تحرير الأرض وإزالة آثار العدوان، ففى سبتمبر 1968، قررت مصر التحول إلى إستراتيجية جديدة والانتقال بالجبهة من مرحلة الصمود إلى مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية، أطلق عليها مرحلة «الدفاع النشط» بهدف استنزاف القدرات العسكرية الإسرائيلية، في حرب الاستنزاف، والتى أطلق عليها حرب المعجزات، واستمرت على مدى 3.5 سنوات تلقت فيها إسرائيل ضربات موجعة من الجيش المصرى، إلى أن اكتمل الاستعداد لخوض معركة أكتوبر المجيدة.. تحية طيبة لقواتنا المسلحة الباسلة ورجالها الأبطال ولشعبنا العظيم في ذكرى نصر أكتوبر المجيد.