الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الجامعات المصرية في عصر العولمة «3»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التعليم الإلكتروني
تغيرت الحياة على وجه الكرة الأرضية مع مجئ الثورة التكنولوجية الهائلة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. فبعد أن كنا نراسل جامعات العالم بخطابات ورقية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وننتظر الرد بعد شهر، تحول الخطاب الورقى إلى رسالة على البريد الإلكتروني، وأصبح الرد يأتى بعد عدة دقائق. وبعد أن كنا نذهب إلى الجامعات لإجراء مقابلات شخصية، أصبحنا قادرين على إجراء المقابلة على الكمبيوتر أو حتى على التليفون المحمول. وأصبح بإمكاننا ونحن نجلس في مكاتبنا أو في معاملنا في الجامعات المصرية، أن نناقش الحالات المرضية والأشعة والتحاليل مع الزملاء في الجامعات الأمريكية أو الإنجليزية. 
وفى التعليم، أصبح استخدام التكنولوجيا الحديثة بواسطة البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمى في القلب من تطوير التعليم الحديث في كل بلدان العالم. وأصبح التعليم الإلكترونى الكامل، بدون أى تقابل بين الطالب والمدرس (virtual learning)، أو الجزئى الذى يتم فيه تدريس مقررات إلكترونية وأخرى تقليدية، (Blended learning) هو الصيحة الحديثه في التعليم. 
وفى هذا المقال نلقى الضوء على مزايا وعيوب التعليم في الجامعات التقليدية والافتراضية والمختلطة.
أولًا: الجامعات التقليدية؛ وهى الجامعات التى يقل أو ينعدم فيها استخدام التعليم الإلكتروني، وتعتمد على تواجد الطالب والمدرس وجهًا لوجه في نفس المكان والزمان، ويقوم المدرسون بالدور الأكبر في العملية التعليمية فيما هو معروف بالتدريس الذى يعتمد على المدرس. والمادة العلمية في الغالب ماتكون متمثلة في الكتاب الجامعى الورقي. وطرق التدريس غالبا ماتكون في شكل محاضرات أو تدريب عملى في المعامل أو في معامل المهارات أو المستشفيات بالنسبة لطلاب الطب. وغالبا مايكون الامتحان ورقيًا أو عمليًا دون الاستعانة بالبرامج الإلكترونية. ومن أهم مزايا الطرق التقليدية هى اللقاء المباشر بين المدرس والطالب، ونقل الخبرات مباشرة دون وسائط افتراضية، وكذلك نقل المهنية وطرق المعاملات الإنسانية بشكل مباشر. وإجراء الامتحانات تحت مراقبة أعضاء هيئة التدريس، والتأكد من شخصية الطلاب ومراقبتهم وتوجيههم أثناء التدريس والتدريب والامتحانات. ولكن هناك عيوبا في الطرق التقليدية، أهمها هو محدودية الأماكن التى تسمح بتواجد الطلاب والمدرسين في نفس المكان والزمان، خاصة في البلدان المكتظة بالسكان مثل مصر، وفى الكليات النظرية ذات الأعداد الكبيرة مثل كليات الآداب والحقوق والتجارة. وهذا بدوره أدى إلى نقص إمكانية التفاعل بين الطالب والمدرس، وأدى أيضا إلى تجاهل الطلاب للحضور إلى القاعات المكتظة، وإلى ضعف التدريس والتدريب، وإلى لجوء الطلاب إلى الدروس الخصوصية.
ثانيًا: الجامعات الافتراضية والتعليم عن بعد؛ وهى الجامعات التى تعتمد على التكنولوجيا والهندسة العلمية في شكل شبكات افتراضية، وبرامج إلكترونية سابقة الإعداد يتم إتاحتها للطلاب المشاركين في البرامج لدراستها والتفاعل معها على أجهزة الكمبيوتر أو التليفون المحمول، ودون أى لقاء مباشر بين الطالب والمدرس. وهناك بعض البرامج التفاعلية، والتى تسمح للطالب والمدرس بالتفاعل عن بعد عبر أجهزة الكمبيوتر (ولذا تسمى أحيانا التعليم عن بعد)، وأحيانا يتم بث المادة العلمية عبر أجهزة التليفزيون كما في الجامعات المفتوحه. ويمكن أن يؤدى الطلاب امتحاناتهم على الكمبيوتر أيضا، وأن يتخرج الطالب، أو يحصل على الماجستير والدكتوراة دون الذهاب إلى الجامعة ودون اللقاء بالمدرسين. 
ولهذه الطريقة مزايا أهمها إتاحة التعليم لأكبر عدد من الدارسين، وفى أى مكان في العالم، ودون الحاجة إلى الذهاب إلى الجامعات، وتوفير نفقات الانتقال والسكن والازدحام في المدن التى تتواجد فيها الجامعات.
وعيوب الجامعات الافتراضية أنها قليلة الفائدة في الكليات العملية (مثل الطب وفروعه)، والتى تتطلب نقل الخبرات العملية من المدرس إلى الطالب. وكذلك هناك مشكلة في الاعتراف بالدرجات العلمية التى يحصل عليها الطلاب من الجامعات الافتراضية. وهناك أمثلة عديدة لمشاهير في الإعلام والمحاماة حصلوا على دكتوراة من جامعات افتراضية، دون حتى زيارة تلك الجامعات.
وعدد الجامعات الافتراضية في ازدياد، خاصة في أمريكا الشمالية وإنجلترا. وفى العالم الإسلامي، توجد الشبكات الافتراضية التی تستخدمها الجامعات المفتوحة والتعليم عن بعد والجامعات الافتراضیة والتى أقرتها منظمة العالم الإسلامي، ومركزها الرئيسى في جامعة بیام نور في باكستان. وفى البلاد العربية توجد جامعة افتراضية في سوريا وأخرى في تونس، وهناك تفكير في إنشاء جامعة افتراضية في مصر بعد إلغاء الجامعة المفتوحة.
ثالثًا؛ الجامعات التى تستخدم الطرق التقليدية والإلكترونية معا؛ (Hybrid university)، وهى الجامعات التى بدأت تقليدية، مثل الجامعات المصرية، ثم واكبت التطور مع مجئ التكنولوجيا، وأدخلت البرامج الإلكترونية بنسب مختلفة في مناهجها وطرق تدريسها وامتحاناتها. وجدير بالذكر أن وزارة التعليم العالى المصرية قد تبنت الزيادة التدريجية في نسب المقررات الإلكترونية التى يدرسها الطلاب وكذلك الامتحانات المعرفية الإلكترونية الموحدة والتى تم تطبيقها بالفعل على طلاب القطاع الطبي.
ونتج عن استخدام البرامج الإلكترونية جاهزة الإعداد، وجعلها متاحة للطلاب للاطلاع عليها في أى وقت وفى أى مكان، ان انخفضت نسبة المحاضرات النظرية التى تتطلب حضور الطلاب وانخفض معها الزحام والتكدس في الجامعات. ومن المخطط الاستمرار في تحويل المزيد من المقررات التقليدية إلى مقررات إلكترونية، وأن يتحول الكتاب الجامعى إلى كتاب إلكتروني، وأن يترك للطالب مقررات لدراستها عن بعد. وأن تتحول جميع الامتحانات النظرية إلى امتحانات موضوعية إلكترونية يؤديها الطلاب في مراكز مخصصة أو في أى مكان يتوفر فيه أجهزة الكمبيوتر.
والخلاصة أن استخدام التكنولوجيا في التعليم في ازدياد مضطرد، وعلى جامعاتنا أن تستعد لمواكبة التطور السريع في التعليم الإلكترونى والذى قد يصبح بديلا عن التعليم التقليدي، خاصة في التخصصات النظرية والعلوم الإنسانية. وفى التخصصات العملية، سوف يزداد دور المقررات الإلكترونية لتحل محل المحاضرات النظرية، ولكن سوف يظل هناك حاجة ضرورية للتفاعل المباشر بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لاكتساب المهارات والجوانب السلوكية والأخلاقية التى لا تستطيع الأجهزة الإلكترونية أن تقوم بها.