الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فضفضة حول القومية العربية 4.. مصر وليبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترتبط ليبيا ومصر بمصير مشترك فرضته عوامل الجغرافيا والتاريخ، وبذلك أصبحت العلاقة بينهما استثنائية، لا يمكن قياسها بالمعايير التقليدية لتقييم العلاقات الثنائية بين الدول، وإن شهدت تموجات متتالية حملت في طياتها التقارب إلى درجة الاندماج، والتباعد والتنافر إلى درجة العداوة، إلا أنها في المجمل بقيت المساحة الممتدة من غرب النيل وحتى جنوب خليج سرت منطقة عمق استراتيجى لأبناء الشعبين، ولعل ذلك ما يؤكد أهمية الدور المصرى في حل الأزمة الليبية التى امتدت منذ سبع سنوات ولاتزال تتفاقم يومًا بعد يوم.
وعقب انتهاء أحداث ٢٠١١ سيطر على ليبيا تيار الإسلام السياسى الذى تمكن من السيطرة على الدولة بعد فوز عناصره في انتخابات المؤتمر الوطنى سنة ٢٠١٢، واستغلال قانون العزل السياسى لتصفية العناصر الوطنية التى فازت في الانتخابات، واستبدالها بعناصر ما يعرف بالصف الثانى من عناصر الجماعات المتطرفة، وجماعة الإخوان، ونظرًا لارتباط هذا التيار مع نظرائه في مصر الذين تمكنوا كذلك من الفوز بالانتخابات المصرية بطريقة كانت محل شكوك المراقبين، إلا أن ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ في مصر كانت علامة فارقة في ضرب مشروع «الإسلامويين» ليس في مصر فقط بل في كل المنطقة بما في ذلك ليبيا، وقد ظهر ذلك جليًا سنة ٢٠١٤ عقب انتهاء فترة المؤتمر الوطنى الذى أصر على التمديد لنفسه، وما أعقب ذلك من انتخابات برلمانية نتج عنها مجلس النواب الليبي، ثم انضمام العديد من الكوادر العسكرية مع شباب الأحياء في مدينة بنغازى الذين انتفضوا على الجماعات الإرهابية بما عرف لاحقًا بعملية الكرامة، التى قادتها القوات المسلحة العربية الليبية، وهى التى تمكنت من إنقاذ المنطقة الشرقية من سطوة الجماعات المتطرفة، وتأمين السواد الأعظم من مدنها وقراها، والتى تعد امتدادًا طبيعيًا لمصر، ونظرًا لوحدة الهدف بين قوات الأمن في البلدين، والارتباط الاستراتيجى في موضوع الأمن الوطنى في البلدين لاقت جهود الجيش الليبى دعمًا من عدة أطراف دولية وإقليمية، وجاءت مصر في مقدمة الداعمين، ليس للقوات المسلحة فقط بل لمجلس النواب والحكومة المؤقتة المنبثقة عنه، قبل ولادة حكومة الوفاق المنبثقة عن الاتفاق السياسى الذى وقع في الصخيرات المغربية في ديسمبر ٢٠١٥، والتى أصبحت بفعل التأييد الدولى هى الحكومة المعتمدة على الرغم من عدم المصادقة عليها واعتمادها من قبل مجلس النواب.
ويتسم الدور المصرى في ليبيا بفاعلية كبيرة لارتباط السلطات المصرية بعلاقات وثيقة ومتوازنة مع مختلف الأطراف السياسية في ليبيا، لا سيما بعد اهتمام الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي بشكل شخصي، عبر حرصه على الالتقاء مع قادة مختلف التيارات في ليبيا، وتكليف لجنة وزارية مصرية تعنى بالملف الليبي، وتشكلت اللجنة المصرية المعنية بليبيا بقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسي في أغسطس من عام ٢٠١٦، وعقدت اللجنة جملة من الاجتماعات واللقاءات مع مختلف الأطراف الليبية، وكان نشاطها منصبًا في اتجاه تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المختلفة، وتقريب وجهات النظر للتوصل إلى حل يساهم في الخروج من الأزمة الليبية.