السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ننشر كلمة الأنبا باخوم في قداس الإرساليات لشهر أكتوبر

الأنبا باخوم
الأنبا باخوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تنشر "البوابة نيوز"، نص كلمة الأنبا باخوم، النائب البطريركي لشئون الإيبارشية البطريركية خلال قداس الإرساليات الخاص لشهر أكتوبر من كاتدرائية القديس أنطونيوس الكبير.

نص الكلمة

آبائي كهنةَ الإيبارشيّةِ البطريركيّة، أبناءَ الرعايا، كلَّ الأنشطةِ الرسوليّةِ الخادمةِ في إيبارشيتِنا الحبيبة،

سلامُ ومحبّةُ الرّبِّ القائم، بتوصيةٍ خاصّةٍ من قداسةِ البابا فرنسيس، وتحتَ رعايةِ غبطةِ أبينا البطريرك إبراهيم إسحق، نفتتحُ ونباركُ كلَّ الفاعلياتِ والخِدماتِ لشهرِ الإرساليّاتِ لعام ٢٠١٩

أحبائي..

يدعو المسيحُ تلاميذَهُ، كي يبقَوا معه، كي يرَوا فيه حبَّ اللهِ ورحمتَهُ، كي يرَوا الخلاصَ الذي وعدَ بِه لكلِّ البشريّة: غفرانُ الخطايا، طبيعةٌ جديدة، أبناءٌ لآبِ واحد. وهذا ما فعلَه اللهُ معي ومعكم. دعانا، أظهرَ لنا هذا الخلاص، هذا الحبَّ المجانيَّ، واليوم يدعونا لكي نكونَ مُرسلينَ له. فليس هناك مسيحيٌّ لنفسِهِ فقط، وأيضًا لا يكونُ مسيحيٌّ لخلاصِ نفسِهِ فقط. فالمسيحيُّ هو مسيحٌ آخرُ لمَنْ حَولِهِ. فطبيعةُ المسيحيّ هو أن يكونَ رسولًا. كِيانُنا هو أن نكونَ رُسلًا. وأن نكونَ رُسلًا ليست صفةً إضافيّة، ليست ميزةً لبعضنا، بل هي نعمةٌ نَحصلُ عليها مع العماد.

أحبائي..

نحيا اليومَ في عالمٍ يسودُهُ الإنفراديّة، والعزلةُ العميقة. تنوعتْ وسائلُ التواصلِ وتعددتْ، والغريبُ أنَّ النتيجةَ عزلةٌ أكثر، شعورٌ بنقصٍ أكثر. فخطرُ الانغلاقِ على الذاتِ والأفكارِ الخاصّةِ أصبح كبيرًا، خطرُ تقديرِ الذاتِ ومعرفةِ حبِّ الآخرينَ أصبح مرتبطً بعددِ التفاعلاتِ على ما ننشرُهُ أو نعرضُهُ على صفحاتِ التواصل. نتواصلُ عن طريقِ شبكةٍ، نرسلُ إشاراتٍ وننتظرُ إشارات. الانفرادية لا تَعني الأنانيّة، ولكن تَعني أنَّ كلَّ شيءٍ أصبحَ محورُهُ أنا. أنا أُرسل، وأنا أرى ما يفعلُهُ الناس لي، أنا أُقيِّم. أنا المركز. تجربةُ الإنسانِ الأولى حاضرةٌ اليوم بصورةٍ كبيرة. أنا هو من يُقرّرُ ما هو خيرٌ وما هو شرٌ. أنا أقرّرُ ماذا أفعلُ وما لا يجب أن أفعل. أنا المركز

أمامَ هذا الواقعِ نحن (مُعمّدين مُرسلين). هذا يَعني أنَّنا نعرضُ طريقةَ حياةٍ أُخرى، واقعً جديدًا، فكرًا جديدًا وأصيلًا، فكرَ المسيحِ، فالمسيحُ بدأَ حياتَه بالعمادِ، ثُمَّ ذهبَ للرسالةِ، وهكذا أيضًا أوصى تلاميذَه عندَ صعودِهِ قائلًا: "اذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس" (متى28: 19)، فوصيّةُ المسيحِ رسالةٌ ومعموديّة، رسالةٌ هدفُها الوَحدةُ بالرُّغمِ منِ اختلافاتنا وتنوعِنا، ومعموديّةٌ بها نتّحدُ لنصيرَ جسدًا واحدًا رأسُهُ يسوع المسيح، وهذا هو المعنى الحقيقيُّ لحياةِ الشركة، فحياةُ الشركةِ قادرةٌ أن تنزعَ منّا المركزيّةَ وتجعلُها لمالكِها الحقيقيّ يسوع المسيح. فنلتفُّ حولَهُ ليُصبحَ مركزُنا وفيهِ نرى أنفسَنا، فنشاركُهُ تلك المكانةَ بشركة.

مُعمّدون مرسلون اليوم، ليس فقط بكلماتٍ، أو بأفعالٍ. هذا أساسيُّ وضروريّ، لكن أيضًا بطريقةِ حياة، طريقةِ وجود سويًّا، حياةِ الشركة. تلك الشركةُ في حدِّ ذاتِها قادرةٌ على جذبِ البَعيد. فهذه هي الرعية: شركةٌ ووَحدةٌ بين الأُسقفِ والراعي والشعبِ وكلِّ الأنشطة. هذه هي الأنشطُة الرسوليّةُ: شركةٌ مع أساقفةِ الكَنيسةِ والرعاة

نعم أحبائي، التحدي الأولُ هو أن نواصلَ ونستمرَ في أن نكونَ سويًّا، باختلافاتِنا، بتنوعِنا، بتعددِ مواهبِنا. تحدي اخترقَ الكنيسةَ مُنذُ نشأتِها وتغلبتْ عليه حينما أدركتْ أنَّ الرُّوحَ يجمعُنا

في بدايةِ خِدمتي كنائبٍ لغبطةِ البطريرك لخدمةِ هذه الإيبارشيّة، كم أرجو وأُصلّي من أجلِ هذا. شركةً تجمعُنا، فيظهرَ الروحَ الذي يجذبُ للمسيحِ الجميع.

في الختامِ أشجّعُكُم جميعًا، وأشكرُ الرّبَّ معكُم وأشكرُهُ من أجلِكم، وأشكرُكُم على كلِّ ما تقوموا به لخِدمةِ هذا الروح، لخدمةِ الشركة، لخدمةِ شعبِ الله. فلنطلبْ من الرّبِّ البركةَ والنعمةَ لنواصلَ مسيرتَنا، خدمتَنا كمُعمّدينَ مرسلينَ بالشركة.