لم يكن سيد حجاب مجرد شاعر نجح في أن يضع نفسه في مصاف كبار المبدعين فقط، وإنما أحد الفلاسفة العظام الذين تركوا أثرًا عميقًا في الوجدان العربي، يصعب تجاهله على مدى عقود، وربما قرون مقبلة.
ضمن برامج الإذاعة المصرية، حل ضيفا الكاتب العظيم الراحل سيد حجاب، قائلًا: من انكسار الروح في دوح الوطن، يجى احتضار الشوق في سجن البدن، من اختمار الحلم يجى النهار، يعود غريب الدار لأهل وسكن، تلك الكلمات لم أكتبها كشاعر مطلقًا، بل كمحب، كنت أنسج موهبتى في عشرات من تترات الأعمال الدرامية الخالدة التى حققت نجاحًا كبيرًا، حتى أننى حققت معادلة لم تتحقق من قبلي، وكانت كلماتى سببًا في نجاح الكثير من هذه المسلسلات، وليس العكس، وفى ثمانينيات القرن الماضى كوّنت ثنائيًا مبهرًا مع الموسيقار عمار الشريعي، وقدمنا العديد من التحف الفنية النادرة، وعلى رأسها مسلسل «الأيام» التى غناها على الحجار، و«الشهد والدموع»، «بتغنى لمين»، «ليلة القبض على فاطمة»، و«عصفور النار»، «حلم الجنوب»، «سامحونى ماكنش قصدي» و«جحا المصري»، وارتبطت بالشعر منذ نعومة أظافري، وكان والدى بمثابة المعلم الأول لى لأننى كنت أشاهده في جلسات المصطبة الشعرية حول الموقد في ليالى الشتاء الباردة وهو يلقى الشعر للصيادين، إلا أن أعباء الحياة المعيشية للوالد دفعته في اتجاه ينافى مجال الشعر، ومن هنا حرصت على أن أحقق أمنية والدى كشاعر كبير، وكان يدون كل ما يقوله الصيادون ويحاول محاكاتهم، حتى دخلت المدرسة، وأصبحت صديقًا للمعلم الثانى شحاتة سليم نصر مدرس الرسم، والمشرف على النشاط الرياضى والذى علمنى كيف أكتب عن مشاعر الناس في قريتي، أتمنى أن يغنى كل المطربين أشعاري، وقد غنت لى عفاف راضى وعلى الحجار ومحمد الحلو، وأشهر من غنى تتراتى عبدالمنعم مدبولى وصفاء أبوالسعود، وكتبت لهم أغانى للأطفال ثم كتبت أغانى لفريق الأصدقاء، ثم أتبعتها بألبومين هما «أطفال أطفال» و«سوسة»، وتفوقت على إرادتى وعلى ما أحمله من كلمات، إلى أن حصلت على العديد من الجوائز، أهمها جائزة «كفافيس» الدولية لعام ٢٠٠٥ في الشعر عن مجمل أعمالي، كما كرمنى معرض تونس الدولى للكتاب في دورته السادسة والعشرين، باعتبارى أحد رموز الشعر، كما حصلت على جائزة الدولة التقديرية للآداب.
يشار إلى أن حجاب رحل عن عالمنا ٢٥ يناير ٢٠١٧، بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز ٧٧ عامًا.
