لقب المسرح بـ"أبو الفنون"، ذلك اللقب الذي يستحقه عن جدارة، مما جعله يتفرد بمكانه دون غيره من مختلف ألوان الفنون، بل يظل بمثابة العمود الفقري لبنيان المجتمع، ويعتبر بيتا من بيوت الفنانين، ومعبرا عن حال الشعب، من خلال طرح القضايا التي تواجه المجتمع والمشكلات اليومية التي يعيشها الإنسان، حيث يتميز المسرح عن كافة أشكال الفنون المختلفة بالتفاعل المباشر بين الممثل والمشاهد الذي يجعلك واحدا من أبطاله تشتبك معه في القضية المطروحة من حين لآخر، على عكس السينما التي تراها من خلال شاشة التلفزيون، ولكن يظل المسرح جزءا من حياة الإنسان.
تستعرض "البوابة نيوز" مجموعة من الأعمال المسرحية على شكل حلقات، تلقي من خلالها الضوء على هذه الأعمال المميزة والخالدة التي خرج من عباءتها العديد من كبار نجوم الفن، منهم من أصبح ذكرى خالدة وعالقة في أذهان الجميع، والآخر نتمنى لهم دوام التوفيق.
"العيال كبرت"
عمل مسرحي كوميدي، مهما يشاهده الجمهور لن يمل منه أحد نهائيًا، حتى لو تكرر عرضه أكثر من مرة، حالة من الضحك والكوميديا الساخرة تجتمع على شرف عائلة "رمضان السكري" الذي جسد شخصيته الفنان الراحل حسن مصطفى في واحدة من أجمل أدواره المسرحية، ذلك الأب الذي يعمل مديرا في إحدى الشركات، يسعى للزواج من فتاة شابة ومغادرة المنزل، تاركًا زوجته "زينب" التي تهتم بأعمال المنزل وأولاده، وتعمل على خدمة زوجها، برعت الفنانة الراحلة كريمة مختار في أداء دور الأم بطلاقة بل امتد إلى أعمال عدة حتى وفاتها.
استطاع أبناؤه الأربعة وهم "سلطان" الابن الأكبر، الذي فشل في دراسته ويتعامل مع الحياة بشكل مستهتر، ويتسبب في العديد من المشكلات لوالده، ولكن عنما علم أن والده يريد الزواج من فتاة شابة ومغادرة المنزل فقرر أن يحسن من صورته أمام والده حتى يغير فكرته عن الزواج، أخذ ينتبه إلى دروسه ويبحث عن إتمام دراسته، كما عودنا الفنان الراحل سعيد صالح الذي لعب هذا الدور الكوميدي ببراعة شديدة ومازالت بعض الافيهات داخل العمل يرددها الكثير من الأجيال حتى الآن، بينما الابن الثاني "كمال" الأكثر تفوقا في دراسته الجامعية، ولكنه لم يرضى برضاء والده عنه، بسبب انه يريد الزواج من جارته "محاسن" الذي تزوجت 3 مرات ولها أربعة أبناء، ولكنه أخذ يعيد حساباته مرة أخرة ويحاول إصلاح هذه الصورة أمام والده حتى يرضى عنه، ويفكر في الابتعاد عنها بعد ما كشف له أخوه "سلطان حقيقتها أمامه، حتى قرر الزواج من الفتاة التي رشحها له والده في دور بارع قدمه الفنان الأسمر الراحل أحمد زكي صاحب العلامات البارة في الفن المصري، بينما "سحر" تلك البنت الوحيدة في أسرة السكرى التي تسعى للشهرة والمجد عن طريق الرقص في أحد الملاهي وهذا ما يغضب والدها، ولكنها فكرت في الابتعاد عن هذه الصورة أيضا، جسدت هذا الدور الفنانة نادية شكري، أما أخر عنقود عائلة رمضان السكرى هو "عاطف" الذي جسده الفنان الراحل يونس شلبي، ذلك الابن السمين والبليد في دراسته ولكنه يزعم أنه يحب الفنانة سعاد حسنى ويعيش قصة حب معها، ويفكر "سلطان" في حيلة اختباء "عاطف" بالمنزل بحجة اختطافه ومنع والده من السفر، ولكن يكتشف الأب كل هذه المحاولات التي تمنعه من السفر.
هل ينجح الأبناء في محاولة اقناع والدهم في الابتعاد عن فكرة السفر والزواج بأخرى، عندما اكتشف أحد الأبناء بالخطأ الخطاب الغرامي الذي أرسلته الفتاة الشابة لوالدهم "رمضان السكري" ووضعه في حقيبته الخاصة، ويفهم الأبناء أن والدهم يزعم بالسفر معها والطلاق من زوجته، نعم ينجح هؤلاء دون مواجهته بالحقيقة وأيضا دون علم والدتهم، الأمر الذي جعل الأبناء تجتمع من أجل البحث والسبب في ذلك، محاولين إفساد هذا التفكير وإقناعه بعدم السفر والاستمرار معهم.
شخصيات عديدة تتفوق على نفسها في ذلك العمل، استطاعوا إتقان أدوارهم للشخصية المقدمة بدقة وبراعة شديدة على خشبة المسرح، مما جعلتهم يحجزون الصفوف الأولى في سماء الفن، سواء في المسرح والسينما والدراما، في إطار كوميدي هادف.
يشار إلى أن هذا العمل قدم في 1979، وشارك في بطولته حسن مصطفى، كريمة مختار، سعيد صالح، أحمد زكي، يونس شلبي، نادية شكري، تأليف سمير خفاجي، بهجت قمر، وإخراج المبدع سمير العصفوري الذي قدم مجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية الكوميدية، مخرج بارع يمتلك كافة أدواته الفنية والإبداعية جعلت اسمه محفورا في قلوب الجميع، وأخرجها للتلفزيون عبدالله الشيخ.
