الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

القائم بأعمال السفير الأمريكي توماس جولدبرجر: العملية القانونية لوضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب العالمي تخضع للتدقيق.. لا نُريد حربًا مع إيران ولن نسمح لها بامتلاك سلاح نووي

 توماس جولدبرجر،
توماس جولدبرجر، القائم بأعمال السفير الأمريكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى سبتمبر ٢٠١٤ وصل توماس جولدبرجر، وهو أحد الدبلوماسيين الأمريكيين من أصحاب الخبرة الواسعة فى الشرق الأوسط، إلى القاهرة، للعمل نائبًا لرئيس البعثة الدبلوماسية فى مصر، وقضى فى هذا المنصب ٣ سنوات شهدت خلالها المنطقة الكثير من الأحداث، لكنه أثبت نجاحًا جعله يتولى منصب القائم بالأعمال الأمريكية فى أكبر عواصم الشرق الأوسط، وبعد عامين آخرين من رئاسته للبعثة الدبلوماسية يستعد الآن لمغادرة منصبه الذى ينتظر استقبال خليفته جوناثان كوهين، الذي شغل منصب الممثل الدائم بالنيابة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، والذي ينتظر موافقة الكونجرس للبدء فى عمله.

لم يرغب جولدبرجر فى مُغادرة القاهرة دون حديث أخير يوّضح فيه وجهة نظر بلاده حول التعاون الممتد بين واشنطن والقاهرة، وكذلك القضايا الكبرى التى تشغل بال الشعوب قبل السياسيين، والتى تُشعل وسائل الإعلام ما بين الحقائق والمُغالطات الكثيرة حسبما يرى، لذا التقى مجموعة من ممثلى كبرى الصحف المصرية فى لقاء خاص يتناول كل هذه الأمور.
جاء تقديم اللقاء، الذى أدارته نهال رزق المستشارة الإعلامية بالسفارة، بكلمة من القائم بأعمال الملحق الصحفي مايك هاربر؛ ثم بدأ جولدبرجر حديثه بالتأكيد على قوة العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، مُشيرًا إلى أن اللقاء مفتوحًا للحديث حول مجالات التعاون بين البلدين، وكذلك لاستيضاح الرؤية الأمريكية حول الكثير من القضايا بالمنطقة، وقال: «لا توجد أجندة مُعينة لهذا اللقاء، أريد أن استمع لأسئلتكم، وتوضيح الأمور التى ساهم الكثير من وسائل الإعلام، سواء هنا أو فى الولايات المتحدة، فى إرباكها، هكذا صارت هناك العديد من السياسات الأمريكية غير مفهومة ويتوجب عليَّ توضيحها».

استطرد جولدبرجر فى الحديث عن العلاقات المصرية الأمريكية، مؤكدًا أنها «جيدة للغاية»، حسب وصفه، خاصة فى المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية، والتى شهدت مؤخرًا زيادة فى حجم المعاملات التجارية، ودخول شركات أمريكية جديدة إلى السوق المصرية، بالإضافة إلى التعاون الثقافى وقال: «تبدو متانة العلاقات فى اللقاء الذى تم بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أبريل الماضي، كما أن الرئيس المصرى تحدث هاتفيًا مع نظيره الأمريكى فى ذكرى يوم الاستقلال الرابع من يوليو ودامت المحادثة لمدة ساعة، وكل هذا يُشير إلى قوة العلاقات بين البلدين من أرفع المناصب السياسية وحتى أصغر مجال للتعاون».

شدد جولدبرجر خلال حديثه على التنسيق عالى المستوى بين بلاده ومصر فى مجال مكافحة الإرهاب، وقال «الجميع يعرفون أن الولايات المتحدة هى أكثر الدول مُحاربة للإرهاب فى العالم، وهى دومًا تقدم الدعم للدول التى تواجه التنظيمات الإرهابية، خاصة مصر التى تواجه منذ سنوات تهديدات إرهابية يومية لحياة الأبرياء. نحن ننسق بشكل دائم أمنيًا مع السلطات المصرية، والجهات الأمنية بين البلدين تتمتع بعلاقات قوية ووثيقة»؛ لكن فى الوقت نفسه لم يُعط ردًا حاسمًا حول إمكانية أن تُدرج الولايات المتحدة جماعة الإخوان فى قوائم الإرهاب العالمى «العملية القانونية لوضع جماعة الإخوان على قوائم التنظيمات الإرهابية العالمية تخضع للتدقيق، لذا لا يُمكن الجزم بما إذا كانت أمريكا ستفعل ذلك قريبًا». 
بعيدًا عن التنسيق الأمنى تشهد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة سلاسة كبيرة فى مجالات الطاقة، والصحة، وتكنولوجيا المعلومات، وتنمية البنية التحتية؛ ويؤكد رئيس البعثة الأمريكية أن هناك الكثير من المجالات التى يمكن التعاون فيها «حاليًا نتفاوض مع مصر فى اتفاقية التبادل الجمركى للتعاون بين البلدين والتى تسمح بسرعة وسهولة التبادل التجارى ببن البلدين، وكان هناك فريق من مصلحة الجمارك بوزارة المالية المصرية فى واشنطن مؤخرًا، وتوصلوا إلى العديد من النقاط مع نظرائهم الأمريكيين»؛ ولفت إلى أن إتمام اتفاقيات التبادل التجارى ستؤدى إلى مرونة أكبر فى التعاملات الاقتصادية «هناك الكثير من الاهتمام من قِبل الشركات الأمريكية بالنهوض الاقتصادى المصرى والاستثمار بها، البلد هنا سوق كبيرة للغاية بها مائة مليون شخص والاقتصاد ينمو بسرعة كبيرة؛ إضافة إلى الموقع الجغرافى المتميز فى حركة التجارة فى أفريقيا وأوروبا، كما قامت مصر فى الفترة الأخيرة بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، كل هذا النجاح خلق سوقًا كبيرة للشركات الأمريكية».

وأشار إلى أن هناك عددا كبيرا من الشركات الأمريكية موجودة بالفعل فى السوق المصرية «هذه الكيانات الاقتصادية تسعى للتوسع هنا مثل جوجل وغيرها، وأخرى تسعى للدخول إلى تلك السوق، وهناك تعاون ممتاز فى المجال الاقتصادي، وقد كان نائب رئيس الغرفة التجارية الأمريكية فى مصر مؤخرًا، وكل وزير مصرى يُساعد دومًا فى إزالة العوائق أمام الشركات الأمريكية، وهذا بداية لاستثمارات مقبلة».
يبدو ملف حقوق الإنسان من بعيد شائكًا بين البلدين، خاصة بعد القضية الشهيرة لعدد من منظمات المجتمع المدنى عام ٢٠١٢، لكن جولدبرجر يؤكد أن هذا الخلاف تم تجاوزه منذ زمن «والآن فإن مجلس النواب المصرى أقر بالفعل قانون العمل فى الجمعيات الأهلية، ونأمل أن يكون خطوة قوية فى الاتجاه الصحيح لتنظيم عمل منظمات المجتمع المدنى وتمكينه للعب دور قوى فى المجتمع، فلا يوجد بلد يستطيع العيش بدون المنظمات الأهلية»؛ وأضاف «المجتمع المدنى يُشكّل قضية مهمة لدينا، ولقد قامت السلطات المصرية بالفعل بإنهاء قضية العاملين فى منظمات المجتمع المدنى التى تمت إثارتها فى عام ٢٠١٢؛ كل دولة لديها آلية لتنظيم عمل منظمات المجتمع المدنى لديها ونحن نحترم القانون المصرى الجديد الذى قامت الحكومة المصرية بصياغته بالتشاور مع المؤسسات الأهلية ونتمنى نجاحه». وأشار إلى أن الحوار المباشر يأتى دومًا بأشياء أكثر إيجابية «لقد قضيت خمس سنوات فى مصر تعلمت خلالها الكثير عن مصر والمصريين والعلاقات المصرية الأمريكية، ولا بديل من مُقابلة المصريين والحديث إليهم ومعرفة وجهة نظرهم مباشرة، لذلك فنحن سعداء عندما يأتى كبار المسئولين الأمريكيين إلى القاهرة ويتحدثون مع نظرائهم من مصر، هذا فى أحيان كثيرة يؤدى لتعميق رؤيتهم وتغيير وجهات نظر مسبقة عن بعض الأمور؛ وبعيدًا عن الانتخابات الرئاسية المُقبلة فى الولايات المتحدة فإن لدينا سياسات مفتوحة وتعاونا كاملا مع مصر فى العديد من المجالات لأن العلاقات والمصالح المشتركة غير مرتبطة بالأشخاص».
أمّا عن القضايا الإقليمية المرتبطة بالأمن القومي، فقد شدد القائم بأعمال السفارة الأمريكية على إدراك أن الأمن المائى يُشكّل أهمية قصوى لدى مصر «فهى تعتمد بنسبة ٩٠٪ تقريبًا على نهر النيل كمورد مائي، وهو السبيل لتغذية الزراعة والكثير من الصناعات المصرية، والنيل الأزرق هو أحد أكبر موارد النيل بالطبع، فى الوقت نفسه فإن إثيوبيا تسعى لتحسين وضعها فهى بلد فقير جدًا ونام وقليل الموارد، وهى تحتاج إلى موارد طاقة جديدة ما جعلها تبنى السد على النيل الأزرق»، ويواصل «لذلك فإن كلًا من مصر والسودان وإثيوبيا يجب أن تتفق بهذا الشأن لأن عدم الاتفاق سيؤدى إلى تأثير سلبى كبير على دولة المصب وهى مصر، ونحن لا نريد أى خسارة فى مصالح الدول الثلاث».
وبالنسبة للموارد أشار إلى أن هناك الكثير من الاكتشافات الجديدة التى تقوم بها مصر لحقول الغاز الطبيعي، سواء فى البحر الأحمر أو البحر المتوسط، ما يجعلها مؤهلة لأن تكون واحدة من الدول المُصدّرة له «ونحن منحازون إلى الخطوة المصرية بشأن منتدى الشرق الأوسط للغاز».
تحدث القائم بالأعمال الأمريكى كذلك عن التوتر القائم بين بلاده وإيران، حيث شهدت الأيام الأخيرة تصعيًدا فى لهجة الخطاب السياسى بين البلدين، وتبادل التهديدات بين الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف، يقول «هناك العديد من التحديات التى تواجهها المنطقة والتى نعمل مع مصر على مواجهتها، فكلا البلدين لديهما نفس المخاوف ويتشاركان فى الرؤية، فإيران التى تُهدد بامتلاكها القوة النووية وفرض رغبتها بالقوة على العديد من دول المنطقة تُشكّل بهذا تهديدًا للاستقرار فى سوريا واليمن وليبيا، لذا فنحن نتشاور مع القاهرة دومًا بهذا الأمر»، وأشار إلى وجود خطة أمريكية لمواجهة التهديدات الإيرانية وتهدئة الموقف «نحن لا نُريد حربا مع إيران، لكننا فى الوقت نفسه لن نسمح لها بامتلاك سلاح نووى تهدد به جيرانها من دول المنطقة. حقًا نسعى لفتح حوار مع النظام الإيراني، لكننا لن نتخلى عن الضغوط الاقتصادية التى نمارسها حتى نبدأ الحوار».
وبينما لفت جولدبرجر إلى أنه لا توجد وساطة يابانية بين الولايات المتحدة وإيران، وأن زيارة رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى إلى طهران قبل أسبوعين كانت من أجل مشاريع واهتمامات اليابان لا للوساطة عن الولايات المتحدة؛ إلا أنه فى الوقت نفسه تحدث ببطء وبدا أنه ينتقى كلماته بعناية ودبلوماسية عند المقارنة بين الوضع النووى لكل من إيران وإسرائيل، يقول «إسرائيل لم تقل يومًا إنها دولة نووية، ولم تقم بتهديد جيرانها فى المنطقة بالسلاح النووي، لذلك فوضعها بالنسبة لنا يختلف بشكل كامل عن الوضع الإيراني. يجب التفرقة بين الأمرين، لكن الحل المثالى للمشكلة هو التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين للوصول إلى استقرار المنطقة»؛ لافتًا إلى أن أمن الشرق الأوسط يُحتم التعاون بين الولايات المتحدة ومصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجى «هذا التعاون يشمل الجانب الأمنى والعسكرى والاقتصادى كذلك، والذى يتضمن التبادل التجارى بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، وهناك كذلك التنسيق السياسى مع حلفائنا، وهو الأمر الذى يحدث بالفعل، ونحن نعمل معًا لتحديد الإطار الذى يُمكن لنا جميعًا العمل من خلاله». 
أمّا بالنسبة لقطر التى استقبل الرئيس ترامب أميرها مؤخرًا بعد عمليات توسعة القاعدة العسكرية وإنشاء مطار بأموال قطرية، فى الوقت الذى تقوم فيه قطر بتمويل تنظيمات وعمليات إرهابية، ما بدا أنه تغيير كبير فى السياسات الأمريكية، يؤكد جولدبرجر أن الأمر لا يتعلق بالمال فقط «لا أعتقد أن سياسة الولايات المتحدة تغيرت ولكن هناك أكثر من لوبى قوى موجود، ومثل حالة قانون الجمعيات الأهلية فى مصر فإن القانون الأمريكى يمنع أن تتدخل الشركات الكبرى فى السياسة لحماية مصالحها»، وتابع «ليس الأمر مجرد أموال ونحن لا نريد استيراد موارد الطاقة من الخارج، لكننا نتحدث عن أمن الشرق الأوسط والتهديد الإيرانى للمنطقة وأهمية عمل دول المنطقة معًا، ونحث الجميع لحل المشكلات فيما بينها»، لافتًا إلى أنه لا توجد معلومات مؤكدة لدى الولايات المتحدة عن وجود عمل استخبارى إيرانى فى قطر، وأضاف «يجب على قطر تغيير تصرفاتها والعمل على مصالحة دول المنطقة. هى تأخذ خطوات لوقف تمويل الإرهاب ولكن المطلوب منها المزيد».
أزمات الشرق الأوسط تبدأ وتنتهى عند القضية الفلسطينية؛ هكذا يرى أغلب الخبراء والسياسيين، لذا شدد جولدبرجر على أنه منذ جاءت إدارة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض وهو أعلن التزامه بحل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، محاولًا التعامل مع المشكلات الضخمة التى ظلت بدون حلول طيلة العقود السابقة، رغم عشرات المحاولات لإنهائها سواء من الولايات المتحدة أو الدول الأخرى للوصول إلى حل نهائى لهذا الصراع «لذا فقد قام الرئيس ترامب بتكوين فريق عمل يقوم بمشاورات مكثفة مع دول المنطقة، والذين تعلموا من الخبرات السابقة طيلة العقود الماضية من أجل الوصول إلى حلول، لكنها حتى الآن لم تتوصل إلى صيغ مناسبة لهذه الحلول، حيث يجب تحقيق طموحات الشعب الفلسطينى مع الحفاظ على أمن إسرائيل، وهذا ما سيؤدى لاستقرار المنطقة».
يتحدث رئيس البعثة الأمريكية عن الحل الجديد المزمع طرحه قريبًا فيقول: «كما أعرف فإن صيغة هذه الحلول ستخرج فى ستين صفحة تقريبًا، آمل فى أن يقرأها الجميع بعناية أولًا قبل مناقشتها لأنها حلول متكاملة وتحوى الكثير من الأفكار التى ستجد قبولا أو رفضا من كلا الجانبين، لكنها فى النهاية محاولة للوصول إلى صيغة مشتركة للتفاهم؛ وقد ساهم فى العمل على هذه الحلول فريق كبير من عشرة إلى عشرين شخصًا من القريبين من الإدارة الأمريكية، وقد استطلعوا بالفعل آراء مجموعة من الخبراء ومن عملوا بالمنطقة سابقًا فى عملية السلام؛ مؤكدًا فى الوقت نفسه أن دور الولايات المتحدة ليس فرض أى شيء على الأطراف المعنية «ولكنها تضع أفكارا جديدة يُمكن لكلا الطرفين تحقيقها لحل الصراع، فهى تنظر إلى المكاسب التى يُمكن أن تحققها هذه الخطة، ونحن فى انتظار الوقت المناسب الذى سوف يتم فيه الإعلان عن هذه الخطة وظهورها للنور، وأعتقد أنه قريبًا جدًا، لكن الرئيس ترامب لم يُقرر حتى الآن متى سيتم الإعلان عن هذه الخطة».
ونفى جولدبرجر خلال حديثه وجود أى خطة لتوطين الفلسطينيين فى سيناء، والتى عُرفت إعلاميًا باسم «صفقة القرن»، يُشير إلى أن الموضوع تم نفيه أكثر من مرة «كما لا توجد كذلك خطط لتحقيق منافع اقتصادية للفلسطينيين فى سيناء، وكما رأينا جميعًا فى ورشة البحرين التى أقيمت منذ أسبوعين، فإن كل المشروعات التى تم عرضها تخدم المصريين فقط»، يلفت إلى أن «هناك الكثير من القصص غير الصحيحة حول ورشة البحرين»، حسب قوله «فقد امتلأت وسائل الإعلام بقصص وأحاديث عن محاولات الاستحواذ على أراضى الفلسطينيين أو استبدالها، لكن الهدف الأساسى كان الحل السياسي، كما كانت لعرض المكاسب التى سيحصلون عليها هم ودول المنطقة فى حالة الوصول إلى حل سياسي، ووصفها بأنها «ناجحة جدًا»، حسب تعبيره، مؤكدًا أن المبادرة التى يعمل عليها الساسة الأمريكيون من أجل حل القضية الفلسطينية سوف تنعكس إيجابيًا على دول المنطقة «لا يجب أن تظل الولايات المتحدة هى اللاعب الوحيد بالمنطقة، ويجب مشاركة كل الأطراف الموجودة للوصول إلى حلول لهذه المشاكل بدلًا من الاعتماد علينا».
فى الوقت ذاته يؤكد القائم بالأعمال الأمريكية أن بلاده ليست على خلاف قوى مع تركيا يصل إلى حد العقوبات، لكنها كذلك لم تتفق معها فى عدة أمور، يقول «تركيا بدورها هى حليف للولايات المتحدة وذات أهمية استراتيجية لها وعضو فى حلف الناتو، لكن هذا لا يعنى أن الولايات المتحدة توافق على كل خطوة تقوم بها، مثل امتلاكها أسلحة متطورة مثل منظومة S٤٠٠ الروسية»، وهو الأمر الذى جعل الرئيس ترامب يوقف تزويد الجيش التركى بطائرات F٣٥ الأمريكية، وأضاف «لكن لا أرى فى علاقتنا بتركيا أى مخاوف أو تهديدات بالنسبة لعلاقتنا مع مصر، فهى كما ذكرت تشهد تعاونا لأعلى المستويات»، منوّهًا بأن مصر هى الأخرى شريك قوى لحلف الناتو «فى الوقت نفسه فإن القوانين الأمريكية تضع عقوبات على الدول التى تستورد أسلحة متطورة من روسيا أو تشاركها التعاون الأمنى والاستخباراتي، لذا فإن الولايات المتحدة الآن تُناقش أمر حصول تركيا على منظومة الأسلحة الروسية المتطورة، وما إذا كان هذا سيضعها تحت طائلة العقوبات الأمريكية»؛ ولفت إلى أن بلاده اعترضت على قيام تركيا بتصرف أحادى الجانب تجاه قبرص بخصوص عمليات التنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط، والتى وصفتها الولايات المتحدة بأنها «عملية استفزازية» وطالبت تركيا بالتوقف عنها على الفور.
لا يتوقف الاتفاق المصري-الأمريكى عند هذه القضايا فحسب، قال جولدبرجر إن هناك كذلك اتفاقا فى الرؤى بين البلدين حول الأوضاع فى ليبيا والسودان «المبعوث الخاص للسودان كان قد زار القاهرة قبل عشرة أيام وسوف يعود قريبًا، فكلتا الدولتين تؤكدان على أهمية هدوء الوضع فى السودان وسلمية انتقال السلطة لتحقيق الاستقرار فى البلاد»؛ وتابع «كذلك نشارك مصر المنظور نفسه بالنسبة للوضع فى ليبيا، حيث يجب أن يتم حل الأمور هناك بطريقة سياسية وليس عبر العمليات العسكرية. نحن لا ندعم طرفًا على حساب الآخر فى ليبيا، نريد الوصول إلى حكومة تتفق عليها جميع الأطراف»، مُشيدًا بالدور الذى تلعبه الأمم المتحدة هناك «وكذلك فإن هناك تعاونا كبيرا مع فرنسا وألمانيا والإمارات للوصول إلى الحل السياسي»؛ أما بالنسبة لسوريا فقد نفى وجود خلاف مع مصر حول الوضع السورى «فمصر تبحث عن أفضل الخيارات للشعب السورى وحل سياسى للأزمة، وكذلك الولايات المتحدة التى ترغب فى انتقال سلمى للسلطة. نحن لدينا مبعوثونا الذين يقيمون الموقف، ومبعوثنا زار القاهرة من أجل بحث إمكانية نقل السلطة فى سوريا، وهذه الخطة كنا نعمل عليها طيلة الفترة الماضية، والولايات المتحدة تقوم بالتركيز على الحلول السلمية بدلًا من العمليات العسكرية».
التغيرات الأخيرة فى مواقف الإدارة الأمريكية تجاه كوريا الشمالية تُشير إلى أن الإدارة الأمريكية الآن تتخذ منهجا أكثر انفتاحًا فى مواجهة كوريا الشمالية بجانب العقوبات والضغوط التى تفرضها مع المجتمع الدولي، حسب رئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكى الذى أضاف «فكما شاهدنا فإن الرئيس ترامب التقى الرئيس الكورى الشمالى كيم أونج يونج لمناقشة الوضع هو إشارة للانفتاح بين البلدين، لكننا مستمرون فى الضغوط الاقتصادية حتى نصل إلى حل قوى للأزمة الكورية، وما زالت لدينا خيارات مفتوحة»؛ فى الوقت نفسه حذّر من المد الصينى فى العالم، قائلا «الصين دولة كبيرة ومهمة جدًا للولايات المتحدة، لكنها فى الوقت نفسه ما زالت تتعامل كدولة شيوعية وتستغل احتياجات الدول الأخرى عبر وعود وعروض كبيرة ووردية فى الوقت الذى تسعى فيه للسيطرة على كل شيء، لذا فنحن نحذر من التحديات التى يُشكّلها المد الصينى فى العالم».