السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

على شفا حفرة من الكهف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يظل صاحب العقل يفكر ويفكر دون كلل أو تعب، فإذا توقف عند فكرة معينة هداه العقل للخوض في أفكار متفرعة عديدة ليس لها قرار، عندئذ يسمى تنويريا يناقش الثوابت والتراث وينقيه من الشوائب وأسلوب الحكي والمتعة، فيغربله بغربال حريري دقيق، متمسكا بما يناسب العقل، فأهل الرأي قديما قد زاد بعضهم على بعض في الأفكار والرؤى ولم يقفوا عند فكرة معينة؛ ولكن كلما تطرقنا للعصر الحديث وجدنا ارتدادا حجريا يدحض كل ما هو جديد، فأصبحت خيوط العنكبوت هي التي تفرق بين الغث والسمين، وأصحاب الكهف هم دعاة ورجال دين وأوصياء، قد نصبوا أنفسهم أوصياء من قبل الله، يقفون على شفا حفرة بين الدعوة الحقيقية السليمة والتحكم في مصائر العباد، فمن كان معهم كانت له الجنة ومن خالفهم في الرأي كان من أهل النار، ضاربين بكل آية من آيات الله عرض الحائط التي تنفي ذلك تماما، فتفننوا في القص الشعبي والحكايات أكثر من شرح العقائد والعبادات، وبالتدريج أصبحت منهجا عقيما، وشكلا من أشكال الاستعلاء على القوم الذين في أمس الحاجة إلى الدعوة الحقيقية البسيطة.
إن الإنسان البسيط يحتاج إلى نصيحة سهلة تقربه إلى فهم الدين، دون الدخول إلى الوعد والوعيد من الله، فكيف إذا اصطحبت ابنك إلى المدرسة في أول الأمر وقلت له إن لم تذاكر سيعذبك المدرس وتنال منه عذابا أليما بما تكسب، فقد زرعت فيه الخوف، والرعب، مع أن القرآن والدين عامة، لا يحض على ذلك فهل ذكرت لطفلك، أو من تحدثه عن الجنة ونعيمها وفيها ما لا عين رأت ولا خطر على أذن بشر أكثر من النار وعذاب القبر وضمته.
ستظل الهوة الكبيرة بين أهل الفكر على مر العصور ما بين من يُجدد وبين من يعيش مع أهل الكهف، فقديما كان الخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة، والأشاعرة والماتريدية وأهل السنة وغيرهم، بينما الناس بين آرائهم كالقمح في الرحى المطحون.. إن الدين يسر وليس عسرا، وأن بلاغة القرآن يجب أن تدرس من خلال تفسيره للطلاب، حتى لا ينخدع من به ثمة هوى إلى اليمين أو إلى اليسار، فقد قال الله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) لم يقل الله عز وجل أم على عقول أقفالها.
ومن ثم يجب ألا نجنح إلى فئة معينة، فالبشر سواسية أمام الله، فلِمَ نضّيق الخناق ونضع الحبل على رقابنا ورقاب العباد، فالدين سهل ميسور، فما كان من الذين يمشون على شفا حفرة بأشبه بقاطعي الطرق على ما هو مفهوم بالضرورة ولا يحتاج إلى تشدق وتكلف.