شكلت حركة الجماهير فى ٣٠ يونيو و٣ يوليو ٢٠١٣ بمثابة الزلزال الكبير الذى هز منطقة الشرق الأوسط وحطم المشروع الاستعمارى الأمريكى فى العالم العربي، لقد تحطمت نظرية الفوضى الخلاقة، تلك النظرية التى تسعى لفرض الاستراتيجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط من خلال هدم ليس فقط الأنظمة، بل هدم الدولة ذاتها من أجل بناء نظم أخرى بديلة تتماشى مع السيطرة الأمريكية.
ومن ثم جاء الحراك الراديكالى التاريخى المصرى فى ٣٠ يونيو
و٣ يوليو ٢٠١٣، ليقطع الطريق على مخطط الشرق الأوسط الكبير من خلال إرادة الشعب المصرى ومعها مساندة الجيش المصرى العظيم التى أسقطت سلطة الإخوان المجرمين المتحالفين عضويًا مع الإرهاب والإمبريالية فى نفس الوقت.
وكشف السقوط السريع لتجربة الإسلام السياسى فى حكم مصر والترنح فى بلدان الربيع العربى عن حجم التحولات البنيوية العميقة التى تحدث فى المجتمع المصري. هذه التحولات البنيوية العميقة والحادة تعكس إلى حد كبير حجم التحولات القيمية لدى الجماهير العربية التى خرجت إلى الساحات والميادين تطالب بحقها الطبيعى فى العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية وتعلن عن رغبتها فى تأسيس ديمقراطيتها الحقيقية.
فيحدد لنا الباحث حسن عبد ربه المصرى فى كتابة «عشرة أيام أعادت مصر إلى شعبها.. ٢٤ يونيو - ٣ يوليو ٢٠١٣» والصادر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، البراكين الاجتماعية والسياسية التى دفعت الشعب المصرى لإسقاط تجربة الإسلام السياسى فى مصر وأهمها حادثة اختطاف جنود الأمن المركزي. انفجر هذا البركان فجر يوم الخميس ١٦ مايو ٢٠١٣ تحت وقع كلمات محمد مرسى المطالبة للأجهزة الأمنية بــ«الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين». وتساءل البسطاء من الناس.. كيف يساوى رأس الدولة بين الإرهاب وحماة الوطن؟.
البركان الثاني: قانون السلطة القضائية وبدأت أزمة قانون السلطة القضائية فى التصاعد قبل نهاية شهر مايو ٢٠١٣ والبركان الثالث «حملة تمرد» حيث انطلقت الحملة فى معظم محافظات مصر لجمع توقيعات من المواطنين على استمارات تطالب بسحب الثقة من رئيس الجمهورية وتدعو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. فى مدينة الإسكندرية قام النشطاء بتنظيم مسيرات بالأحياء الشعبية تدعو للمشاركة فى الحملة. وفى مدن السويس والأقصر وأسوان واصل نشطاء شباب الثورة إذاعة الأغانى الوطنية بينما كان المواطنون يقومون بالتوقيع على توكيلات الحملة.
البركان الرابع، أزمة عزل النائب العام، ونقصد هنا المستشار عبدالمجيد محمود الذى تولى منصبه بناء على القرار الجمهورى رقم ٢٢٥ لسنة ٢٠٠٦ بعد أن تمرس العمل النيابى منذ عام ١٩٦٩ والقضائى منذ عام ١٩٩٢. وقد انعكست تداعيات قضية إبعاده من منصبه دون وجه حق على أكثر من مستوى مجتمعي، كان منها خروج المظاهرات وتبنى العديد من المنظمات المدنية لمطلب عودته.
البركان الخامس أزمة الطاقة وتتمثل فى انقطاع التيار الكهربائى وشح المعروض من البنزين والسولار فى الأسواق وتصاعد الغضب الشعبى بسبب انقطاع التيار الكهربائى خشية الاختناق داخل المصاعد وانقطاع الأنفاس داخل حجرات العمليات الجراحية، مما جعل المتضررين يهددون صراحة بالامتناع عن سداد الفواتير، بينما قام بعض المواطنين بتحرير محاضر ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الكهرباء.
بالإضافة إلى تزايد أزمة طوابير السيارات الطويلة بالقرب من محطات الوقود وانتشار حالات العنف والشجار وحدوث حالات وفاة بسبب المصادمات البدنية التى وقعت بينهم للحفاظ على الدور أو محاولة تخطيه قبل أن ينفد مخزون الوقود.
البركان السادس سد النهضة الذى بنته إثيوبيا، وانفجر الحديث عن سد النهضة الذى دشنت إثيوبيا البدء فى بناء جسمه الكبير على النيل الأزرق إبان مشاركة محمد مرسى يوم ٢٥ فى القمة الاستثنائية الأفريقية التى عقدت بأديس أبابا بمناسبة الاحتفال بمرور ٥٠ عامًا على إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية التى تحولت إلى الاتحاد الأفريقي.
البركان السابع، وهو تدخلات سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة فى الشأن المصري، حيث فجر لقاء السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون مع خيرت الشاطر مساء ٢٠ يونيو بمقر إدارة شركاته فى مدينة نصر، ردود فعل غاضبة على المستوى الشعبى وبين قوى المعارضة والقوى السياسية والشبابية والثورية المختلفة. وطالب البعض الولايات المتحدة بسحب ممثلتها فى ضوء التسريبات التى أكدت عقدها صفقة فى الظلام لصالح الجماعة الإرهابية. البركان الثامن وهو تجمعات جماعة الإخوان والمتحالفين معها، فقد شهد يوم الجمعة ٢١ يونيو حشدا مؤيدا لمحمد مرسى فى ميدان رابعة بمدينة نصر، تشكل من جماعة الإخوان المجرمين والمتحالفين معها تحت شعار «نعم للشرعية.. لا للعنف».
تحملت لجنة النظام التى شكلها قيادات الجماعة الإرهابية بالميدان مسئولية التعرف على القادمين عبر التحكم فى مداخله ومخارجه بداية من شارع النصر حتى نقطة النصب التذكاري، ثم تتالت الخطب من فوق المنصة المقامة بالقرب من مسجد رابعة بهدف توصيل رسالة للشعب المصري، وتحدى الإرهابى عاصم عبدالماجد ضمن فعاليات مؤتمر تأييد محمد مرسى، المعترضين وهددهم قائلا
«أرى رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها»، وختم خطابه قائلا «قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار». أما صفوت حجازى فقال فى تصريح لقناة العربية: «اللى هيرش الرئيس بالمية هنرشه بالدم»... وللحديث بقية.