الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الطريق إلى الخلافة قوة حركة السلفية الجهادية.. دراسة أمريكية: فشل جهود "واشنطن" خلال 18 عامًا في مكافحة الإرهاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحذر كاثرين زيمرمان، الباحثة فى معهد «انتربرايز» الأمريكى للدراسات والتحليلات فى دراستها المُعنونة؛ الطريق إلى الخلافة: قوة الحركة السلفية الجهادية، الولايات المتحدة الأمريكية من خطر تمدد وانتشار الفكر الجهادي؛ حيث تعتبر الدراسة أن رغم جهود مكافحة الإرهاب التى قادتها واشنطن وامتدت لأكثر من 18 عامًا فى تكوين تحالفات دولية لمحاربة تنظيم القاعدة فى أفغانستان، وتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام وغيرهم إلا أن هذه التنظيمات لا تزال تشكل تهديدًا للمصالح الغربية وغيرها من المصالح المحلية فى سوريا والعراق وأفغانستان واليمن ومالى والصومال وغيرها.

وتعتبر «زيمرمان» أنه لا يجب أن تكون أزمة الولايات المتحدة فقط مع التنظيمات والأفراد الجهاديين، الذين يستهدفون المصالح الغربية، لكن فى التوصل إلى أفكار تضمن هزيمة الأيديولوجية الجهادية نفسها والتى تستهدف المجتمعات المسلمة لاستقطاب عناصر جديدة.
يتوافق الجهاديون فى هدف موحد فى فرض رؤيتهم للإسلام بعنف على المسلمين، ثم على غيرهم من أصحاب الديانات والملل الأخرى فى النهاية فى جميع أنحاء العالم. ولم تُثمر جهود مكافحة الإرهاب التى قادتها واشنطن منذ عام ٢٠٠١ فى القضاء على الظاهرة الجهادية، لكن وجدناها تتعزز فى غرب أفريقيا، واليمن، والعراق، وسوريا، وأفغانستان وصولًا إلى انتهاج أسلوب الذئاب المتفردة التى استهدفت الغرب نفسه. وتعتمد الدراسة على استراتيجية تحليل مكامن الثقل والقوة لدى هذه التنظيمات.

تحليل مركز جاذبية الثقل
ظهرت فكرة تطبيق مركز الثقل فى مجال علم الفيزياء؛ حيث تم تطبيقها لأول مرة فى بيلاروسيا على تصور يحاول الإجابة على تساؤل كيفية الانتصار على الجيوش المشاركة فى الحرب لتحقيق الانتصار عليها. وتوصل تحليل النموذج إلى ضرورة اتباع استراتيجية تحليل مكامن قوة وثقل الجاذبية لدى العدو من خلال رصد الخصائص السائدة لكلا المتحاربين بدءًا من مركز الثقل، وقوة كلتا الحركتين ومن ثم القدرة على اتخاذ إجراءات مناوئة ضد هذه المراكز.
ويرتبط مركز الثقل الاستراتيجى دائمًا بالجهود التى يبذلها الخصم لتحقيق هدفه، ويُطلق عليها «القدرة الحرجة» التى تُمكنه من تحقيق أهدافه. ويُمكن أن يساعد الإطار التحليلى لمركز الثقل فى تطوير استراتيجية إضعاف العدو عبر مستويات الحرب المختلفة. وتكمن أهمية مهاجمة المركز الاستراتيجى للعدو فى هذا النموذج فى التأثير الكبير على العدو وعملياته؛ حيث سيمس ذلك جوهر عملية التخطيط مما يُربك حساباته ويشل تفكيره. وتتكون خطة مركز الثقل الاستراتيجى من مركز الجاذبية الذى يُعد مصدر القوة التى يعتمد عليها العدو، والقدرة الحرجة (Critical Capability) التى تُعد بمثابة العوامل التى تُمكن مركز الثقل من العمل.
انطلاقًا من هذا النموذج، تعتبر «زيمرمان» فى تحليلها عن تعاطى الاستراتيجية الأمريكية مع الإرهاب أن المشكلة الكبرى لواشنطن أنها لا تعرف عدوها الحقيقى وقدراته وإمكانياته الكامنة، ولكنها تعرف مجموعة من مظاهر العدو كالأشخاص والجغرافيا التى يظهر فيها وما إلى ذلك. وتستدل فى ذلك بتمدده ونجاحه وعدم قدرتها على حسم ولو معركة واحدة ضد التنظيمات الجهادية منذ بدء حربها الشاملة على الإرهاب عام ٢٠٠١.

نموذج مركز الجاذبية
فى تحليل السلفية الجهادية
يسعى تحليل مركز الثقل إلى تحديد مواطن القوة والضعف الاستراتيجية لحركة السلفية الجهادية ككل؛ حيث يُركز على الحركة العالمية للسلفية الجهادية وتمدداتها مثل شبكات تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية بهدف تحديد مراكز الجاذبية ومن ثم تحديد الاستراتيجية المناسبة للتعامل معها. وتبدأ فكرة السلفية الجهادية وفقًا لـ«زيمرمان» من فكرة الطليعة المؤمنة التى دعا «سيد قطب» إلى تكوينها لتطبيق دولة الخلافة من خلال السلاح وليس الأفكار. ووفقًا لقطب؛ فإن هذه الطليعة ستحتاج إلى فصل نفسها عن المجتمع غير المؤمن (الذى نفى عنه الإسلام الحقيقي) وفى النهاية بدء الجهاد لإعادة الإسلام الحقيقى إلى المجتمع.
وتعتبر «زيمرمان» أن مصدرة قوة وجاذبية التنظيمات الجهادية هو العلاقة مع المجتمعات السنية؛ حيث تُمثل علاقة الحركة السلفية الجهادية بالمجتمعات السنية مصدر القوة الذى يُمكّن الطليعة من فرض إرادتها، ورأت أن العلاقة التى تستطيع التنظيمات الجهادية بناءها مع المجتمعات المحلية للمسلمين السنة تُمثل مركز ثقل الحركة على المستوى الاستراتيجى للحرب، وتستشهد فى ذلك بعلاقة تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام مع سنة العراق الذين كانوا يعانون من إهمال ونقص فى الخدمات المقدمة لهم من قبل الحكومة المركزية فى بغداد. ورأت أنه يُمكن لهذه الطليعة الاعتماد على أدوات غير أيديولوجية لكسب القبول وبناء الثقة مع المجتمعات المحلية التى تتواجد بها، وتستشهد فى ذلك بما قام به تنظيم القاعدة فى اليمن بتوفير للمعلمين، والخدمات، وحفر الآبار فى أجزاء من الريف اليمنى الفقير فى مقابل الحصول على قبول محلى لوجودها.
ويٌعد تحليل مواطن القوة والضعف للتنظيمات الجهادية جوهر نموذج مركز الثقل، فيعتبر انتشار المظالم الاجتماعية والاقتصادية وتوفير البيئة الخصبة لنمو الطليعة الجهادية مصدر قوة لهذه التنظيمات، فيما تُعد إزالة هذه المظالم وتوفير بيئة للحكم الرشيد للطوائف السنية فى جميع أنحاء العالم مصدرًا لإضعاف هذه التنظيمات من خلال تجريف التربة التى يُمكن أن تساعد فى نموها.
ختامًا؛ تدعو «زيمرمان» فى خلاصة دراستها التحليلية عن الفكر الجهادى الطامح لبناء الخلافة إلى التركيز المستمر على أهمية قطع العلاقة بين الجهاديين والسكان المحليين. وتعتبر أن القضاء على «أسامة بن لادن» لم يُنه تهديدات تنظيم القاعدة، وكذلك الأمر مع «أبوبكر البغدادي» زعيم تنظيم الدولة الإسلامية. فالأمر لا يقتصر على تهديدات للمصالح ولكنه يستهدف إحداث تغيير شامل فى تركيبة النظام الدولى إذا نجحت هذه التنظيمات؛ حيث تعمل على إعادة ترتيب العالم الإسلامى تحت رؤيتها للإسلام والحكم ومن ثم التوسع الخارجى معتمدة على انتشار المظالم الاجتماعية والسياسية لدى السكان المسلمين. وأخيرًا، تتخوف «زيمرمان» من أن يترتب على عدم استقرار الأوضاع السياسية فى الجزائر والسودان ظهور تمدد جهادى جديد إلى هذه المجتمعات الهشة مثل الذى حدث بعد الربيع العربى عام ٢٠١١.