"من الحب ما قتل" مقولة تتحقق أحيانًا وتتمثل في قصة الدبة التي قتلت صاحبها من فرط حبها له.
وهي حالة تتطابق تمامًا مع حال الكثيرين من محبي الفريق السيسي والداعينه إلى الترشح للرئاسة.
و مبدئيًا حتى لا يسيء أحدهم فهمي، فأنا لست ضد ترشح الفريق السيسي للرئاسة، بل أتمنى أن يكون هو الرئيس القادم، ولكن ليكن العقل هو الحكم دون العواطف.
فقد خرجت لجنة الخمسين لتعديل الدستور بوثيقة تحول الرئيس لمحض موظفٍ إداري لا يملك سوى التوقيع على دفاتر الحضور والانصراف لموظفي القصر.
وهو ما يعني أن الرئيس المقبل إن كان الفريق السيسي أو غيره لن يكون لديه من صلاحيات سوى بعض الإجراءات البروتوكولية وحضور المراسم الرسمية وإلقاء الخطب في المناسبات الوطنية والدينية..
"ودمتم"!.
وتكون السلطة الحقيقية والمطلقة في يد رئيس مجلس الوزراء.
وهو ما يعد بالنسبة لشخصٍ يحمل إمكانيات الفريق السيسي ونشاطه وقدراته الذهنية وفكره الاستراتيجي وعقليته الألمعية قتلًا واغتيالًا معنويًا أسوأ في حقيقته من الاغتيال الحقيقي.
فأي متابعٍ ولو من بعيدٍ لهذا الرجل – مثلي - لا يستطيع أن يغفل المجهود الشاق والعمل الدؤوب الذي يقوم به على مدار الساعة وهو ما بدا ملحوظًا في الطفرة الواضحة بشدة والنقلة النوعية العالية التي أحدثها بعد عامٍ واحدٍ فقط من قيادته للجيش، سواءً في مستوى الكفاءة القتالية والقدرات العسكرية وفي التسليح وغيره، أو حتى على المستوى الأخلاقي الذي يحرص على أن يتحلى به ضباط وجنود الجيش ورفع ثقافتهم الدينية والمعرفية.
بالإضافة إلى الفكر الاستراتيجي العالي والذي جعله قادرًا على مواجهة كل مخططات الغرب والتغلب عليها، لنتحول و أول مرة من رد فعلٍ إلى فعلٍ يربك الخصم ويدمر حساباته.
نعم يستطيع..
يستطيع أن يجعل من "أم الدنيا" بلدًا "قد الدنيا"، ولكن أنّى له ذلك وقد نزعت منه لجنة الخمسين سلاحه الذي يستطيع به تحقيق ذلك وجعلته رهينة مكتبه الفخم في قصر الرئاسة لا يملك من أمر نفسه فضلًا عن أمر غيره شيئًا.
ولهذا فعلى كل من يطالب الفرق بالترشح أن يعلم أولًا أن أهم من ترشحه للرئاسة هو قدرتهم هم على حصد أغلبية الثلثين في البرلمان المقبل من أجل تعديل وثيقة الخمسين لتحقيق الهدف المنشود، فإن كانوا على يقين من هذا – وأشك - فليطالبونه بالترشح وأنا معهم أول المطالبين، وإن لم يكونوا على مقدرة من ذلك لما سأذكره، فعليهم أن يكفوا وألا يكونوا كالدبة التي تقتل صاحبها الذي تحب، فلا أشك في حبهم له كما لا أشك في حب الدبة لصاحبها حتى بعد أن قتلته.
أما عن سبب عدم قدرتهم على تحقيق ثلثي مقاعد البرلمان فذلك لأمر غفل عنه الجميع إلا أصحابه أعني "حزب النور" والذي عمل منذ اليوم الأول بمبدأ "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" وعلم أن الدور القادم عليه فعمل على الأرض مستغلًا كل الظروف المتاحة مقدمًا السبت ليجد الأحد في البرلمان.
فالذي يغفله الجميع ولكنه أقرب للواقع أننا قد نفاجأ في المرحلة المقبلة بأن رئيس مجلس الشعب المقبل وربما رئيس مجلس الوزراء من حزب النور، وحينئذٍ لن ينفع الندم وسيكون السيناريو الأسود الذي تواجهه مصر والذي قد لا ينفع معه أي حل.