أيام معدودة وندخل فى خير
أيام العام، ألا وهو شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية
جميعًا، بالخير واليمن والبركات.. وفى السطور التالية، حاولت أن أقطف من أحاديث
العلماء الكرام بعض المعانى والعبر من هذا الشهر المبارك، فإن كان هناك تقصير فمن
نفسى، وإن كان هناك فضل فلمن اقتبست منه من مشايخنا وعلمائنا.
شهر رمضان، فيه نزل
القرآن على الرسول محمد عليه الصلاة والسّلام، وفيه خصّ الله تعالى عباده المسلمين
بليلة القدر التى يُغفر فيها الذنوب والسّيئات، وتحفّ الملائكة فيها المسلمين طوال
هذه الليلة المباركة، وهى ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم.. ويُعد رمضان
فرصة عظيمة ينقّى فيها المسلم نفسه وروحه من الخطايا ويكون بمثابة نقطة انطلاق
جديدة.
رمضان.. شهر جعل الله
صيامه أحد أركان الإسلام، فقد صامه النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأمر الناس
بصيامه وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما
تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
علينا استقبال هذا الشهر
الفضيل، بالبهجة والفرح والعزم على صيامه وقيامه والمسارعة فيه إلى الخيرات
والتوبة النصوح من الذنوب والتعاون على البر والتقوى والتواصى بالأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر والدعوة إلى كل خير للفوز بالأجر العظيم وقبل ذلك وبعده رضى
الرحمن سبحانه وتعالي.
لشهر رمضان فوائد وحكم
عظيمة منها تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة وتعويدها على الأخلاق
الكريمة كالصبر والحلم والجود والك.
وقد أشار الله سبحانه
وتعالى إلى هذه الفوائد فى قوله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُون)َ [البقرة:183] فأوضح سبحانه أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هى طاعة
الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه عن إخلاص لله عز وجل ومحبة ورغبة ورهبة،
وبذلك يتقى العبد عذاب الله وغضبه، فالصيام فرع عظيم من فروع التقوى، وقربى إلى
المولى عز وجل، ووسيلة قوية إلى التقوى فى بقية شئون الدين والدنيا.
وقد ورد عن النبى صلى
الله عليه وسلم ما معناه أنه قال: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب
النار، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين
ومردة الجن، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب النار فلم يفتح
منها باب، وينادى منادٍ: يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر، ولله عتقاء من
النار وذلك فى كل ليلة.
وفى الصحيحين عن أبى
هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانًا
واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله
له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من
ذنبه.
فعلينا جميعًا انتهاز
الفرصة واغتنام هذا الشهر العظيم وتعظيمه بأنواع العبادات والقربات فهو شهر عظيم
جعله الله ميدانًا لعبادة يتسابقون إليه فيه بالطاعات والخيرات والإكثار فيه من
الصلوات والصدقات وقراءة القرآن الكريم والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام،
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون فى رمضان.
ورغم حث الإسلام على
التقوى والبر وتهذيب النفس فى رمضان، إلا أن هناك عادات يحرص عليها الكثير وهى
البذخ الزائد فى رمضان، وخاصة فى الطعام والشراب فما أن يقترب الشهر المبارك، حتى
تسارع الأسر بتخزين الطعام من كل صنف، والأرقام تكشف حجم المشكلة، حيث يأكل
المواطنون خلال الأسبوع الأول - حسب بعض الدراسات - ما يقرب من 3.7 مليار رغيف و20
ألف طن فول، و80 مليون دجاجة، وبذلك تنفق الأسرة 45.9% من إجمالى ميزانيتها على
الطعام سنويًا، بمقدار 220 مليار جنيه، ويستحوذ شهر رمضان على 25% من حجم الإنفاق
بمقدار 32 مليار جنيه، أى فى اليوم الواحد مليار جنيه وربع، وفقًا لدراسة أعدها
مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية.
ووفقًا لعدد من الدراسات والإحصائيات التى اهتمت بفاتورة إنفاق المصريين واستهلاك الطعام فى شهر رمضان، فإن حجم استهلاك الأسر من اللحوم يصل لنحو 30 ألف طن من اللحوم البلدية والمستوردة، كما نستهلك نحو 65 إلى 70 ألف طن دجاج على مدى الشهر.. وتشهد الأسواق إقبالا شديدا من المواطنين، وهو ما يتسبب فى حدوث عدم توازن بين الإنفاق والإنتاج، وبالتالى الصادرات والواردات، وأن عوائد ذلك الإنفاق لا تعود بالنفع على الاقتصاد، لأن هذه السلع غالبها مستوردة، وهو ما يشارك فى الإضرار بميزان الواردات والصادرات، ومن ثم الاقتصاد، لأننا من خلال تلك الثقافة الشرائية ندعم اقتصاد الدول الأخرى ولا ندعم اقتصادنا.