الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المتربصون بـ"العلاوة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلقى ملايين المصريين، وخاصة الموظفين وأصحاب المعاشات، وأسرهم، إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى، برفع الحد الأدنى للأجور لجميع العاملين بالجهاز الإدارى بالدولة إلى 2000 جنيه، وعلاوة دورية سنوية، بنسبة 7%، وعلاوة استثنائية بمبلغ 150 جنيهًا، وإطلاق أكبر حركة ترقيات لكل من استوفى المدة البينية اللازمة للترقية، ومنح أصحاب المعاشات زيادة 15%، مع رفع الحد الأدنى للمعاش إلى 900 جنيه، بترحاب شديد مؤكدين أنها خطوة مهمة لمواجهة غلاء الأسعار.
ويخشى هؤلاء الفرحين بالزيادات فى المرتبات أن يواجهوا جشع التجار ورجال الأعمال كما هو الحال كل عام فى موسم تطبيق العلاوات والذى يواكب تطبيق الموازنات العامة الجديدة فى شهر يوليو، فما أن يتقاضى الموظف راتبه حتى يخرج إلى السوق فيرى التجار وقد رفعوا أسعار بضائعهم متحججين أن تجار الجملة أو رجال الأعمال من المنتجين أو المستوردين قد رفعوا عليهم أسعارها. 
الزيادات الجديدة فى المرتبات والمعاشات تكلف الدولة، حسب ما قالته الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، ما يصل إلى 30.5 مليار جنيه، وهذا المبلغ إن غابت الرقابة الحكومية الشديدة على الأسواق يمكن أن يتسرب إلى جيوب المحتكرين والجشعين، وأما إذا ما تم ضبط الأمور وتحلى التجار ورجال الأعمال بالوطنية والمسئولية المجتمعية فإن هذا المبلغ سيتسرب إلى وضعه الطبيعى فى شرايين الاقتصاد، وبهذا يحدث انتعاشة فى الأسواق وفى جميع القطاعات الاقتصادية وتستفيد منه البلد بشكل عام.. فهل استعدت الحكومة، لحماية تلك الزيادات، من محاولات بعض التجار والمحتكرين رفع أسعار السلع والخدمات التى تقدم للمواطن بعد أن عانى كثيرا من الارتفاع المتوالى للأسعار، وتحمل تبعات الإصلاح الاقتصادى بكل شجاعة دعمًا ووقوفًا بجانب بلده. 
وبمناسبة شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، يحاول أصحاب النفوس المريضة لاستغلال الظرف الذى يزداد فيه معدلات استهلاك المواطنين من السلع الغذائية، وخاصة منتجات اللحوم والدواجن فى زيادة الأسعار، ما يزيد من حجم الدور الحكومى للتصدى لهذه المحاولات.
تدخل الأجهزة الرقابية، وجهاز حماية المستهلك، ووزارة التموين، والاتحاد العام للغرف التجارية، بات أمرًا ضروريًا لضبط الأسواق، وعدم استغلال الزيادات فى احتكار السلع ورفع الأسعار، والإعلان عن نشرات استرشادية وليست «جبرية»، لأسعار السلع والخدمات، وتوعية المستهلكين بها، مع تغليظ العقوبة على كل من يتاجر بـ«قوت الغلابة»، واحتكار سلعهم، للحد من «غول الغلاء»، فضلًا عن شن حملات متكررة على الأسواق، للتأكد من مستندات السلع وجودتها ومطابقة الأسعار بالمواصفات الخاصة بالسلعة.
كما يجب على الحكومة دعم الصناعة المحلية، لرفع الإنتاج، وزيادة العرض أمام الطلب، وتوقيع اتفاق بين التجار والغرف التجارية واتحاد الصناعات، للالتزام بالأسعار المناسبة، وزيادة منافذ توزيع السلع الاستهلاكية فى المحافظات، و«منافذ التوزيع التعاونية»، ودعم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وغيرها من آليات لمواجهة الغلاء، حتى يشعر الموظف وصاحب المعاش وأسرهم، بقيمة الزيادة فى الدخل، والقضاء على المستغلين من بعض المستوردين والتجار الجشعين، الذين يستغلون المواسم وخاصة شهر يوليو لزيادة الأسعار بشكل كبير، فضلا عن تخزين البضائع رغم نقصها فى السوق، وإطلاق الشائعات عن وجود نقص قادم فى سلعة معينة، بهدف رفع أسعارها.
مسئولية استقرار الأسواق، هى مسئولية متكاملة بين الحكومة وأجهزتها وكذلك المواطنون لمنع أى محاولات تلاعب بها، فعلى المواطن ألا يسمح بأن يكون فريسة لجشع التجار، من خلال الهرولة على شراء سلعة معينة فى أوقات محددة، وبكميات تزيد عن احتياجاته، وعليه الإبلاغ عن المخالفات للأجهزة الرقابية، كما أن عليه تفعيل سياسة المقاطعة الفعالة للسلع المغالى فى أسعارها.
كما على رجال الدين توعية التجار بأن الاحتكار يضر المجتمع وأن تخزين السلع، وإخفائها من أجل رفع ثمنها لتحصيل أكبر مكسب منها، فيه إضرار بالناس، وخاصة الفقراء وأصحاب الحاجات، وهو منهى عنه شرعًا، لأنه من الظلم الواضح البين الذى أمر الله بالبعد عنه.. فالإسلام فى نظامه المالى يقر الملكية الفردية مادامت وسائل التملك مشروعة، ويقر حرية التصرف فى الأموال ما دام ذلك التصرف متماشيًا مع روح الشريعة، وما دامت مصلحة الفرد لا تطغى على مصلحة الجماعة، فإن حصل ظلم أو طغيان من قبل الفرد أو الجماعة أو بدأت مؤشراته تلوح فى الأفق فإن فى النظام الإسلامى من التدابير ما يكفل إيقاف الناس عند حدودهم، ومنع من تسول له نفسه التعدى على تلك الحدود.
ومن أهم إجراءات استقرار أسعار السلع أيضًا، خلق حالة من المنافسة مع القطاع الخاص من خلال قيام الشركات القابضة التابعة لوزارة التموين بتوفير السلع عبر منافذها، حيث تملك الحكومة 34 شركة قابضة للمواد الغذائية، يمكنها المساهمة بفاعلية فى خفض الأسعار، وايجاد تشريعات تنص على وجود هامش ربح معين للتجار وإصدار قائمة سوداء، بالمخالفين، وزيادة الدور الفاعل للمحافظين والمحليات للقضاء على زيادة الأسعار، ودعم العملة الوطنية الجنيه أمام الدولار وغيره من العملات الأجنبية حتى لا ترتفع فاتورة الواردات بشكل كبير، وأخيرًا محاولة ترشيد الاستهلاك وهذا دور المواطن.