الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عشوائيات الفن ونفايات الكتابة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل يكون مشروع القضاء على العشوائيات واستبدالها من قبل الدولة، مثل شق الثعبان وغيرها، أن يكون مثله في الفن الهابط ونظافة شقوق الثعابين في عقول شبابنا؟ الذين يرددون الأغاني والعبارات، التي كونت جيلا لا يعرف ولا يميز الغث من السمين بحجة التطور والتقدم، فمتى كان التخلف تقدما؟!
أتساءل أين دور الرقابة على المصنفات الفنية ودور النقابات الفنية، إن ما تقوم به الدولة من الرقابة على البناء قد لاقى ثماره من الشكل الحضاري، لمصر، والقوانين الصارمة، ألم يجدر بالنقابات تجريم ما ينتج من فن هابط، ينتشر كورم خبيث في جسد الشباب، ويصاب الناس بالصمم، في غيبة الكلمة الراقية وعدم تشجيعها من قبل الملحنين، إن كل من هب ودب، يستعمل نهيق الحمار، ما أنكره؟ يصبح فنانا، وأن الموسيقى الصاخبة العالية التي يصحبها نفايات كلامية، تعد بمثابة لغم، إرهابا معلنا، ينفجر في كل لحظة ،وفي كل مكان عبر السيارات والحفلات والمناسبات ، حتى أصبح واقعا ملموسا. 
فإذا كنا نربي أولادنا على الفن الجيد وبناء الشخصية، فنلاحظ زلزالا يضرب آذانهم بريختر عنيفا لا يبقي ولا يذر، وإذا أرسينا فيهم قواعد الأمانة ضاربين لهم أمثلة للأمناء ومثالا مضادا للسارقين والمحتالين كي يبتعدوا عنها مثل (المافيا ) وقطاع الطرق نجد فنانا يمجدها ويغني لها- تبا لمن كتب وغني ولحن. الذين أطاحوا بالقيم، ولوثوا السمع والأبصار.
وإذا انتقلنا إلى المسرح فنجد مسرحا يطفو على السطح، يأتيك بغتة، بإسفاف، وتعليقات مبتذلة خارجة من حمام عمومي في الشارع ، فلو كان نصا عظيما ما طفى ناهيك المسمى بالخروج عن النص. 
أما عن الأداء فحدث ولا حرج من سخافات، ضحكات تخرج عنوة. فما قيمة غرس مشهدا فيها يناقش فرضا أن الرجال ستحمل وستلد؟ّ! ، ليتهم قدموا في صورة محترمة تناقش فلسفة تؤدي في النهاية إلى حكمة المشهد الساخر، لكن الأداء المبتذل هو الذي يرمي بالقيمة عرض الحائط كنفاية استهلكت ، وأصبحت عديمة المنفعة. فما ذنب أولادنا أن يحملوا هذا الإرث الغث ، وإذا قمنا بالنقد وهو نوع يحترم في النصوص المسرحية . ردوا علينا بأن نحول مؤشر التلفاز. فهل هذا علاج؟! ، وهل عقمت مصر بمفكريها وكتابها أن يكتبوا نصوصا عظيمة، وهل يجدوا لها رواجا في سوق مليء بالبضاعة الفاسدة؟!.
إن الأجيال القادمة التي تعيش في مصر الحديثة من حقها أن تنعم بالفن الأصيل، ولعل الفن التشكيل هو الفن الوحيد الذي لم يلوث حتى الآن، لأنه فن الصورة الصادقة، والخيال الراقي. 
نحن نعيش في أزمة حقيقة مقسمة بين جهود دولة تؤصل للفن الجميل الذي تربينا عليه متمثلة في الثقافة بكل فروعها بميزانية ضعيفة، وبين قطاع خاص يبيح لنفسه الوصايا على الفن والكتابة، دون قوانين صارمة، تحد من الفقاعات والنفايات ورائح البالوعات.