تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
تتابع الأكاديمية داميسا موبو الحاصلة على دكتوراه الاقتصاد من جامعة أكسفورد فى كتاب « الغرب من السيطرة إلى التعثر.. خمسون عاما من الحماقة الاقتصادية والخيارات المستقبلية الحتمية» والصادر مؤخرا عن المركز القومى للترجمة بقولها: إن الانقطاع الحاد فى الطاقة لا يقتصر فقط على أفريقيا أو حتى على دول العالم الصاعدة وبرهاننا على ذلك النقص والانقطاع المستمر فى الطاقة فى كاليفورنيا وتكساس ؛ فنقص الطاقة مشكلة حقيقية متحققة على المستوى العالمى، وأى جهود تبذل لزيادة حجم الكهرباء ولتحديثها أو كليهما وإنتاج الطاقة هى نفسها يتطلب تدفقًا منتظمًا ومضمونا للطاقة، وهذا غير متحقق مع الأسف. وطبقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية فالتكلفة التى سيتكبدها العالم لعلاج العجز المزمن فى الطاقة تبلغ 27 تريليون دولار أمريكى، وهذا الرقم يعادل تقريبًا مرتين إجمالى قيمة الناتج القومى للولايات المتحدة اليوم.
ومع ذلك فإن بدائل الطاقة: الطاقة النووية والمائية والكتل الحيوية ومصادر الطاقة المتجددة – لا تمثل سوى قطرة فى بحر الطلب على النفط، والأدهى من ذلك أن الجهود الحثيثة والأكثر ضراوة للتوجه نحو «النمو الأخضر» (المسك الاقتصادى الذى يعتمد على استخدام الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة) قد أجهضت نتيجة للطلب الفورى على النفط والجغرافيا السياسية لإنتاج الطعام والحاجة إلى وسائل النقل والمواصلات اليوم. الخلاصة هى أنه استنادا للتوقعات المرتبطة بالموارد (الطاقة، الأرض، الماء) فلا مجال لأن يحيا مليار مواطن صينى مثل 300 مليون مواطن أمريكى، ويتساو نفى كل شىء، فهذا غير ممكن، لكنها مستويات المعيشة الغربية هى ما يكافح الصينيون (لا تلق بالا لمئات الملايين من الأشخاص من الدول الصاعدة الأخرى) من أجل الوصول إليها.
وفى تقرير بعنوان التحديات العالمية – مسئوليتنا، حددت حكومة السويد المعوقات الستة الأساسية الأخرى التى يواجهها العالم، والتى يمكن أن تعترض سبيل التقدم خلال القرن القادم، وهى كالآتى: القمع، والإقصاء الاقتصادى، وتدفقات الهجرة وتغير المناخ، والقضايا البيئية، والصراعات، والمواقف السياسية الهشة، والأمراض المعدية، والتهديدات الصحية الأخرى. ومن الجلى أن كل موضوع من هذه الموضوعات له دراسته المستفيضة التى تؤكده، ولكن على الرغم من ذلك لا بد ألا تفوتنا النقطة الأعم، وهى أنه يمكن أن ينظر لهم جميعا على أنهم من الصفات المميزة للعالم الصاعد، فكل معوق من هذه المعوقات نُظر له على أنه عقبة أمام «صعود البقية» الجامح الذى ستنسحب آثاره على النمو الاقتصادى والرفاهة.
ما زال العديد – حتى يومنا هذا – ينظرون للقمع على أنه السمة المميزة للعالم الصاعد، حتى فى الدول التى تسود فيها أجواء الديمقراطية ظاهريا ؛ فالعديد من الحريات التى تؤخذ فى الغرب على أنها أمر مسلم به هى حريات مقيدة فى العالم الناشئ أو غير معترف بها مثل: حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الانتقال وحرية التجمع وحتى حرية العقيدة الاقتصادية فكل له تدرجاته فى القيود.
فى الوقت نفسه فالصراعات تجتاح دول العالم الصاعد – كما هى فى باكستان أو العراق أو أفغانستان أو ثورات الغضب العارم مثل انتفاضة المسلمين فى الصين عام 2009 م. فالملايين من الشباب الذين يكافحون لإيجاد عمل ويصارعون لخلق فرص نجاح اقتصادية محدودة فى موطنهم هم الوقود لإشعال الاضطرابات السياسية، بل حتى الحرب الشاملة ؛ فلعل أوغندا بتعدادها السكانى الذى يبلغ 32 مليون نسمة بمتوسط عمر يبلغ خمسة عشر عاما، وإيران التى تشكل شريحتها السكانية التى تحت سن الثلاثين 65 فى المائة من تعدادها السكانى، مثالان فقط من العديد فى العالم الصاعد الذى تلعب فيه الجغرافيا الطبيعية لتوزيع السكان دورًا واضحًا ومدمرًا فى فرص النجاح المستقبلية فى الدولة إذا لم تتناغم الفرص (أى شبابهم) مع بعضها بشكل مناسب. نعم صحيح أن الإقصاء الاقتصادى، مع التوزيعات غير العادلة للدخول (التى تقاس باستخدام مؤشر جينى؛ حيث يشير مؤشر جينى المنخفض على المقاس المدرج 100 لمزيد من التوزيع العادل، ويشير مؤشر جينى الأكثر ارتفاعا إلى المزيد من التوزيع غير العادل) حقيقة من حقائق الحياة القاسية، والتى تظل لها أهميتها فى العالم الصاعد: الصين بنسبة 41.5 والهند بنسبة 36.8 والبرازيل بنسبة 55.0 وروسيا 37.5. والولايات المتحدة ليست أفضل حالا بكثير من هذه الدول، والتى يبلغ مؤشر جينى بها 40.8.
وبالنسبة للمخاوف البيئية، فالمواجهات المستمرة بين الهند والصين، والتى تسببت فى نقص حاد فى الماء على نطاق واسع، لا بد أن ينظر لها على أنها مقدمة للعديد وللكثير من التهديدات الخطيرة لصراع على وشك النشوب حول قضايا المياه والطاقة والأرض والاحتياجات الأساسية لبقاء الإنسان.