الأربعاء 09 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

إبداعات الشباب المصري تشكل إسهامات جوهرية في الفنون البصرية العالمية

الرئيس السيس يفتتح
الرئيس السيس يفتتح النصب التذكاري لاحياء للانسانية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بقدر ما تبرهن مصر على تجددها الإبداعي فإن إبداعات شبابها تشكل إسهامات جوهرية في الفنون البصرية على مستوى العالم كما تجلى في "النصب التذكاري لإحياء الإنسانية" بمدينة شرم الشيخ فضلا عن إبداعات تحفل بها المعارض الفنية كما تبدى في معرض افتتح بالقاهرة.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد افتتح "النصب التذكاري لإحياء الإنسانية" أمس الأول "السبت" في مستهل أعمال منتدى شباب العالم الذي تستمر فعاليات دورته الثانية بمدينة شرم الشيخ حتى يوم غد "الثلاثاء" بمشاركة أكثر من خمسة آلاف شاب من مختلف أنحاء العالم .
وفيما أصبح "منتدى شباب العالم" يتصدر الأنشطة الشبابية في العالم وحاملا للعالم رسالته المصرية النبيلة التي تتمثل في تدعيم السلام والتعايش وقبول الآخر والتعرف على الحضارات والثقافات المختلفة فإن "النصب التذكاري لإحياء الإنسانية" جاء معبرا عن رسالة مصر الحضارية للعالم.
وإذ جمعت رؤى 72 فنانا من شتى أنحاء العالم في هذا النصب التذكاري الذي يرمز للإنسانية كلها كانت شيماء أبو الخير صاحبة فكرة ومصممة "النصب التذكاري لإحياء الإنسانية" قد أكدت في مقابلة تليفزيونية مساء أمس "الأحد" على أن مصر "في مهمة لإنعاش قلوب العالم" لافتة إلى أنها اتخذت مبادرتها لتعلن أنه ينبغي على العالم أن يتحد لمواجهة الإرهاب فيما يشكل الفن والثقافة أحد سبل هذه المواجهة.
وتصميم النصب التذكاري لإحياء ضحايا الإنسانية-كما أوضحت شيماء أبو الخير-يعمد للإيحاء بالسير في رحلة نحو تحقيق الإنسانية تحت اسم "طريق النور" وهو طريق محاط بأعمدة منيرة تمثل ضحايا الإرهاب في الألفية الجديدة بعدة دول.. فأرواح هؤلاء الضحايا كما تقول هذه المبدعة المصرية تنير الطريق لمن يريد العبور نحو احياء الإنسانية.
وجمعت المصممة المصرية العالمية شيماء أبو الخير 72 مصمما ونحاتا من 72 جنسية ليسهموا بإبداعاتهم في تجسيد منحوتة رمزية عن الإنسانية في صورة 72 قلبا على حوامل من الرخام فيما وضع الرئيس عبدالفتاح السيسي القلب المصري ليضاء بنبضات مصرية عند افتتاح هذا النصب التذكاري العالمي.
وكان الموسيقار هشام خرما قد أعرب عن شعوره بالفخر لوضع الموسيقى التصويرية للنصب التذكاري لإحياء الإنسانية المكون من سبع درجات كناية عن الأعمدة السبعة للشخصية المصرية مع ارتفاعات تمثل أعداد ضحايا الإرهاب منذ بداية الألفية الثالثة.
وبالتزامن مع افتتاح "النصب التذكاري لإحياء الإنسانية" بشرم الشيخ كعمل انساني تهديه مصر للعالم وإبداع أصيل يعبر عن رؤية مصممته شيماء أبو الخير التي ترى أن "مصر قلب الحضارة الإنسانية" افتتح معرض لكوكبة من شباب المبدعين في القاهرة.
وبهدف دعم التواصل بين أجيال الفنانين أقام "جاليري المشربية" في حي الدقي بالقاهرة الكبرى معرضا فنيا لشباب المبدعين في الفن التشكيلي والنحت والتصوير يستمر حتى السابع عشر من شهر نوفمبر الجاري ليقدم للزائرين مجموعة متنوعة من أعمال ثمانية مبدعين .
وإلى جانب اللوحات الزيتية للفنانين محمد الدمراوي ومحمد صبري وادهم بدوي تعرض الفنانة شيماء درويش أعمالها في فن النحت بهذا المعرض الذي افتتح أمس الأول "السبت" كما يشارك علاء أبو الحمد واحمد شعبان ومحمود خطاب وأماني موسى بأعمال في فن التصوير الضوئي.
وقالت مسئولة جاليري المشربية ماجدة عميرة أن فكرة هذا الجاليري منذ تأسيسه على يد الراحل الدكتور سعيد عميرة في عام 1981 تقوم على اتاحة الفرص لشباب المبدعين المصريين والعرب لعرض أعمالهم الفنية بحضور كبار الفنانين لدعم التواصل بين أجيال الفن المتعاقبة.
وفيما يعد الفن التشكيلي المصري والفنون البصرية ككل من مقومات القوة الناعمة لمصر فإن حالة التوهج الإبداعي لشباب من أبناء أرض الكنانة تثير التفاؤل حيال مستقبل الفن التشكيلي والنحت والتصوير في بلد أنجب فنانين تشكيليين ونحاتين ومصورين خلدتهم ذاكرة الإبداع المصرية والعالمية مثل محمود سعيد ومحمد ناجي وصلاح طاهر وسيف وادهم وانلي وبيكار وحسن سليمان واحمد فؤاد سليم ومحمد عبلة .
واللافت أن الكثير من الأعمال الجديدة في الفنون البصرية للشباب المصري تعبر عن روح التحدي والإصرار على الانتصار للحياة في مواجهة الإرهاب الأسود ولعل ابتسامة مصر ورواد فنونها البصرية تتسع وهي ترى شبابها يعرضون إبداعات تشكيلية مضمخة بأنفاس مصرية وأحلام مصرية وثقافة وطنية تتفاعل مع آخر صيحات الفن التشكيلي في العالم ومدارسه المتطورة.
فاللوحات التشكيلية والأعمال النحتية والمشغولات الفنية لشباب مصري ناهيك عن النصب التذكاري لإحياء الإنسانية كلها ابداعات تبرهن بحق على أن مصر حافلة بالمواهب الشابة في مجالات الفنون التشكيلية والبصرية.
ومن نافلة القول الفنون البصرية تدخل في مجال الصناعات الثقافية الإبداعية فيما تثير حالة التوهج الإبداعي لفنانين من الشباب المصري كل التفاؤل حيال مستقبل الصناعات الإبداعية التي يعني دعمها المزيد من تعاظم "القوة الناعمة لمصر" بقدر ماينطوي على مكاسب اقتصادية تحققها بالفعل الدول التي قطعت اشواطا بعيدة على هذا المضمار.
والصناعات الثقافية الإبداعية كقطاع في الاقتصاد تتضمن مجالات شتى مثل الفن التشكيلي والتصميمات والحرف اليدوية والعاديات والتحف والأزياء والأفلام والفيديو والتصوير الفوتوغرافي والألعاب التفاعلية والاعلانات والبرمجيات والموسيقى وتهتم بشكل جذري وحاسم بالابتكار.
وتوجيه الاهتمام نحو الفنون البصرية كمكون أساسي للصناعات الإبداعية يمكن ان يجعل من "مصر المبدعة" مركزا أو محورا لمنطقة تشكل قلبا ثقافيا عالميا جنبا الى جنب مع كونها قلبا صناعيا وتجاريا وسياحيا في عالم القرن الواحد والعشرين وبما يحقق العائد الأمثل من استغلال الموقع العبقري لمصر الخالدة.
وتلك الصناعات الإبداعية تتضمن أيضا طيفا واسعا من الأنشطة يدخل فيها ما يعرف "بالحرف الجميلة" مثل الحفر على الخشب والزجاج والفخار والمشغولات النحاسية والسجاد ومنتجات الكروشيه والقلائد والحلي والقناديل والمشكاوات وكلها منتجات أبدع فيها المصريون عبر تاريخهم المديد بتنوع يعبر بوضوح عن مدى ثراء الشخصية الإبداعية والهوية البصرية المصرية.
وغني عن البيان القول أن الفنون البصرية بقدر ما تؤثر في أي مجتمع فهي تتأثر بمتغيراته وثوراته كما هو الحال في بلد كمصر تأثرت فيه مثلا الفنون التشكيلية بصورة واضحة بإيقاع ثورة 1919 وثورة 23 يوليو 1952 فيما لن يكون من قبيل المفاجأة أن تنجب ثورة 30 يونيو 2013 أسماء جديدة وكبيرة في عالم الفنون البصرية.
ولئن كانت منظمة اليونسكو المعنية عالميا بالثقافة قد اختارت أن تعرف الثقافة بأنها جماع السمات المادية والفكرية والاجتماعية وتشمل الفنون والآداب وطرق الحياة معتبرة انها وسيلة الانسان للتعبير عن نفسه والتعرف على ذاته فإن هذا التعريف يوميء لأهمية الهوية البصرية بقدر مايشير لمعان غير بعيدة الصلة بمفاهيم السياحة الثقافية وثقافة المكان التي تكتسب أهمية كبيرة في بلد بعراقة مصر.
والهوية البصرية من المنظور الثقافي تتجاوز مسائل كالرسومات أو الصور والشعارات والألوان على أهميتها لتدخل في تخصصات ثقافية مختلفة من بينها التاريخ الاجتماعي والتفكير الإبداعي وفلسفة الجمال والانثربولوجي وعلم الاجتماع الثقافي و"ثقافة العمران الرؤيوي" التي يعد أحد الآباء الثقافيين المصريين من روادها وهو علي مبارك الذي يقترن اسمه "كرجل دولة ومثقف كبير" في القرن التاسع عشر بالنهضة العمرانية وبناء القاهرة الحديثة.
وفي أواخر شهر يونيو الماضي جاء إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي في المؤتمر الوطني السادس للشباب تنفيذ "مشروع الهوية البصرية لمصر" ليشكل فرصة مهمة لإطلاق الطاقات الإبداعية المصرية بقدر ما يشكل علامة مجيدة في ثقافة المكان.
وجاء إعلان تنفيذ مشروع الهوية البصرية لمصر بعد أن عرضت شابتان مصريتان ( ياسمين والي وغادة والي ) هذا المشروع الثقافي الرائد خلال المؤتمر الشبابي وأشارتا إلى دراسات حول بعض الدول التي طرحت هويتها البصرية باستخدام الرسومات والألوان والشعارات لسرد حكاية المكان وهو أمر مفيد للغاية وله انعكاسات ايجابية في مجالات متعددة من بينها السياحة ودعم الصادرات ناهيك عن ترسيخ الهوية وتعزيز الانتماء.
وهذا المشروع الذي حظى بترحيب واضح من المثقفين يهدف لوضع هوية مصر البصرية بكل محافظاتها على الخريطة العالمية بحاجة لمشاركة المبدعين من كتاب وفنانين ومهندسين معماريين وغيرهم كما أوضحت الشابتان المصريتان ياسمين والي التي تعمل كاستشاري لإدارة الأعمال وغادة والي وهي مصممة جرافيك. 
وإذ انطلق هذا المشروع الثقافي الرائد من مدينة الأقصر بكل ما تشكله هذه المدينة من ثراء تاريخي وكنوز اثرية فإن مشروع الهوية البصرية "كأداة ابداعية تعريفية لطابع المدينة او المكان" سيمتد لكل محافظات مصر ليسهم بقوة في التسويق السياحي الشامل .
وبثراء تاريخها الثقافي والحضاري وتميز هذا الثراء بالتنوع والتكامل ما بين العصور الفرعونية والقبطية والاسلامية كانت الأقصر التي تحتضن نحو ثلث آثار العالم قد اختيرت في العام الماضي عاصمة للثقافة العربية لتشهد زخما ثقافيا ملحوظا في سياق تفاعل بناء بين مدن الجنوب فيما يشكل انطلاق مشروع الهوية البصرية لمصر من أرض الأقصر فرصة مواتية لتعزيز السياحة الثقافية.
والسياحة الثقافية التي تستفيد من مشروع الهوية البصرية - بإجماع المعلقين والخبراء المتخصصين- أمست في العالم المعاصر قائمة على التفكير بصورة غير تقليدية وإنتاج أفكار جديدة بعيدا عن النمطية وهي الأفكار التي يبدع فيها شباب مصر في تواصل حميم مع أفكار الإباء الثقافيين من الرواد في الفنون البصرية المصرية.
ومن الأهمية بمكان في هذا السياق كسر النخبوية المفترضة للفنون البصرية وخاصة الفن التشكيلي لتكون لوحاته متاحة لكل المصريين تماما كما هو الأمل المنشود لتجليات ثقافية أخرى كالشعر والموسيقى والرواية ومن أجل تعميق ثقافة الحق والخير والجمال في أرض الكنانة التي تعشق بفطرتها الطيبة كل ماهو جميل.
وكان الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق قد أكد على أن نجاح عناصر وأدوات القوة الناعمة ومن بينها الفنون التشكيلية يرتبط بمدى قربها من الناس وألا يتم التعامل معها باعتبارها مجرد وسائل للترفيه والرفاهية.
واللافت أن بعض اهم رسامي الكاريكاتير في مصر مثل الراحل العظيم مصطفى حسين والفنان الكبير الراحل أحمد طوغان الذي وصف عن جدارة "بشيخ رسامي الكاريكاتير في مصر" لهم إسهامات ابداعية هامة في الفن التشكيلي فيما ضمت باقة الفنانين التشكيليين المصريين أسماء خالدة في الحياة الثقافية المصرية مثل الراحل حسن فؤاد صاحب شعار "الفن في خدمة الحياة" والفنانة انجي افلاطون والمبدع عبدالغني أبو العينين ناهيك عن الأستاذ عبدالسلام الشريف والفنان المصري الراحل منير كنعان.
وقائمة الرواد المصريين في الفنون البصرية حافلة بأسماء كثيرة مثل الفنانين التشكيليين محمود سعيد وعبدالهادي الجزار ورمسيس يونان والأخوين سيف وادهم وانلي وصلاح طاهر وصلاح عبد الكريم وتحية حليم وحسين بيكار.
أما الفنان المصري حسن سليمان الذي ولد عام 1928 وقضى عام 2008 فيبقى النموذج المبهر لهذه الكوكبة النادرة من المبدعين الجامعة ما بين سحر الريشة والقلم وبقدر ما استحق وصفه "بأسطورة الضوء والظل" فهو صاحب قلم يعتبره بعض الكتاب من أكثر الأقلام التي تهدي المتعة للقارئ.
وإذا كان حسن سليمان قد تبنى رؤية تثق دوما في رهانات الابداع وتجدد حيوية مصر بشبابها المبدع فها هو الواقع يبرهن على صواب هذه الرؤية..أنها مصر المبدعة تتحدث عن نفسها أمام العالم ووجهها الطيب يرافق الزمن ويحنو على الإنسان في كل مكان وزمان.