الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الغرب من السيطرة إلى التعثر «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتابع الأكاديمية داميسا موبو الحاصلة على دكتوراه الاقتصاد من جامعة أكسفورد فى كتاب «الغرب من السيطرة إلى التعثر.. 50 عاما من الحماقة الاقتصادية والخيارات المستقبلية الحتمية» والصادر مؤخرا عن المركز القومى للترجمة بقولها: على مدار الخمسين عاما الماضية، كانت سياسات الغرب سياسات إقصائية من الدرجة الأولى، ثقافة «نحن» مقابل «هم». ففى جميع الحالات تقريبا، يهيمن الغرب المتقدم على الوكالات الدولية الكبرى: المنظمات التى تضع جداول أعمال السياسة العامة لأمن واقتصاديات وتجارة وتنمية العالم، دون أى تمثيل لدول العالم الصاعد، مثل مجموعة الثمانية، ومجالس إدارة صندوق النقد الدولى والبنك الدولي، والقائمة على الرغم من أن هذا أخذ فى التغير ببطء الآن، لأى سبب كان، فإن هذه المنظمات على وجه العموم كانت معارضة للتغيير، لذا أقصى العالم الصاعد، فانضمام المملكة المتحدة وفرنسا وكندا وإيطاليا على أنهم أعضاء دائمون لمجموعة الثمانية فى عام ٢٠٠٩. 
لكن الآن ردت الدول الناشئة بتشكيل روابطها الخاصة، لذا فإن التعاون فيما بين بلدان الجنوب العالمي، قصد به أن يقوم العالم الصاعد «المنبوذ» بالمتاجرة معا، والتخطيط معا، مع الاستمرار فى تجاهل القديم، أى الغرب المتقدم صناعيا. فى ربيع عام ٢٠٠٨، أعلنت أكثر المجموعات تقدما للتكتلات الصاعدة، المكونة من البرازيل، وروسيا والهند، والصين – التى تعرف أيضا باسم تكتل دول البريكس BRICs – عن عقد اجتماع قمة مغلق - الأول من نوعه - فى مدينة أيكاترينبرج بروسيا، فى عام ٢٠٠٩ م. 
لم يكن الغرب مدعوا، وكانت أهداف القمة التى رمى لها القول الفصل فى الكيفية التى يدار بها النظام المالى العالمي، وبنهايته دعوا لإنشاء «نظام عالمى متعدد الأقطاب». وفى المقال الافتتاحى المقابل بصحيفة الفاينانشيال تايمز الصادرة فى شهر يناير عام ٢٠١٠، تناولت بالمناقشة احتمالية انحياز أكثر ديمقراطيات العالم أهمية فى العالم النامي، وهى البرازيل والهند وجنوب أفريقيا والصين فى القضايا الدولية الكبرى، كما هو مع الولايات المتحدة.
كان مؤتمر المناخ الذى عقد فى كوبنهاجن عام ٢٠٠٩ مثالا صارخا على التجاهل المتزايد لأمريكا، حيث زعم راتشمان أن الأمريكيين فشلوا فى ترتيب لقاءات فردية للرئيس أوباما مع قادة البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، وكان الخبر الأبرز عندما اكتشف الرئيس أوباما – لدى وصوله لحضور اجتماع اللحظة الأخيرة مع رئيس الوزراء الصيني، ون جيا باو – أن الصينيين انخرطوا بالفعل فى مفاوضات جدية مع قادة البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، وما زاد الطين بلة – بصورة رمزية إلى حد ما – هو اضطرار القادة للتزاحم لإفساح مكان للرئيس الأمريكى على الطاولة. 
ربما كان من السذاجة أن تضع جميع الدول الصاعدة فى خندق واحد، لأنها قد تنهار جميعا – بالفعل – فالسياسة التى قد تهيمن والأحداث غير المتوقعة – فى كل من حدودها الداخلية والخارجية – يمكن أن تحدث تحولا فى الانتماءات ووجهات النظر، لكن حتى الآن أثبتت العديد من الأدلة أنهم يدركون أن قوة وزن وحدتهم وروابطهم التجارية والمالية والسياسية آخذة فى الازدياد، حتى إن شراكاتهم تتضاعف عاما بعد عام وذلك فى الأمور المتعلقة بإنتاج الغذاء والبنية التحتية والموارد الطبيعية. 
فعلى سبيل المثال، وافقت الصين فى شهر فبراير عام ٢٠٠٩، على إقراض شركات النفط الروسية مبلغ ٢٥ مليار دور أمريكى مقابل إمدادها بطول ٤٠٠٠ كيلومتر من منطقة أمور الواقعة فى منطقة الشرق الأقصى بروسيا إلى مدينة داكينج الواقعة فى شمال شرق الصين. وفى هذه الأثناء فى شهر مايو عام ٢٠٠٩، بالتوازى مع صفقة زيادة الصادرات البرازيلية من لحوم الدجاج والبقر، أقرضت الصين شركة بتروبراز نحو ١٠ مليارات دولار أمريكي، شركة النفط الخاضعة لرقابة الحكومة البرازيلية لشركة سيونبك – شركة مملوكة لدولة الصين – على مدار العشر سنوات القادمة، ومثل هذه الأنواع من الصفقات الهائلة الكم، تزايد حجم شيوعها تزايدا كبيرا بين الدول الواقعة خارج نطاق الغرب. 
وكان لقضية الاستيلاء السافر على الأراضى والموارد الطبيعية تداعيات ذهبت بالطبع إلى ما وراء المعاملات المالية بين الدول الصاعدة. من الواضح أن المنهج الذى تتبعه شركة جازبروم ما هو إلا مجرد محاولة للاستيلاء على إمدادات الطاقة الأوروبية. كما أن شراء الصين لجبل توروموتشو فى جمهورية بيرو – الذى يحتوى على مليارى طن من النحاس، ما هى إلا خطوة استراتيجية أخرى تهدف لاحتكار سوق الموارد الطبيعية. فقد تفوقت الصين فى الأشهر الأربعة الأولى من عام ٢٠٠٩ على الولايات المتحدة باعتبارها الشريك التجارى الأكبر للبرازيل. وبحلول صيف عام ٢٠١٠ تحقق نفس الشيء مع شيلي، فالغرب يشهد مناورات سافرة للقيادة والسيطرة على الاقتصاد العالمي، لأنه بلا شك بادرة لهيمنة الجغرافيا السياسية... وللحديث بقية..