انطلقت اليوم رسالة السلام من مدينة السلام، من شرم الشيخ إلى كل أنحاء العالم، تحمل طاقة أمل في غد أفضل.
رغم أنف الإرهاب وداعميه اتجهت عيون العالم أمس إلى مسرح «منتدى شباب العالم» في نسخته الثانية. خمسة آلاف شاب وفتاة يمثلون مائة وستين دولة، محت نغماتهم العذبة وأغنياتهم المملوءة بالفرح ما حاول الإرهابيون تسطيره في دفتر الغدر.
أرادوا عرقلة الرسالة، لكنهم ما زادوهم إلا إصرارًا على بعث طاقة الأمل في الجميع، صرح بدأوا بناءه العام الماضي، ووضعوا اللبنة الثانية له هذا العام.
ففي الوقت الذى كانت فيه يد الغدر تنال من إخوتنا الأقباط في حادث المنيا الأليم كان هناك شباب من جنسيات وأديان وثقافات مختلفة يقفون على مسرح منتدى الشباب يروون قصص نجاحهم التي أبهرت الجميع، وجعلتهم يشعرون بالفخر والإعجاب، فلا شيء هنا مستحيلًا في هذه الحياة، لقد بعثوا في الجميع طاقة أمل وتحديًا كبيرًا جعلنا لا نستطيع السيطرة على مشاعرنا من شدة التأثر.
النموذج الأول فتاة جميلة سمراء بلون قارتنا الجميلة أفريقيا، لم يتجاوز عمرها السادسة عشرة سنة تُدعى «زوريال أووديل»، وهى أمريكية الجنسية من أصول نيجيرية، قدمت نفسها باعتبارها أصغر مخرجة أفلام تسجيلية فى العالم، عندما قابلت رئيس «ليبيريا» كان عمرها عشر سنوات فقط، ومنذ ذلك الوقت، وهى تجوب العالم بفكرتها فى إخراج الأفلام التسجيلية المختلفة، قابلت خلال تلك الفترة أغلب رؤساء الدول التي زارتها، أووديل تحدثت عن الأمل، وعن الأحلام باعتبارها غير مستحيلة، إذا كنت تؤمن بذاتك وأفكارك وتسعى جادًا لتحقيقها، قالت أووديل: «احلموا قدر استطاعتكم واسعوا وراء تحقيق أحلامكم بالعمل والمثابرة وإحاطة أنفسكم بمن يؤمن بكم ويدعمكم، لا تلتفتوا للمُحَبِطين والمحُبَطين».
كانت تتحدث بطلاقة وانسيابية لا تستطيع أبدًا أن تشعر من خلال حديثها بأنها ما زالت طفلة، لقد حطمت أووديل بحديثها كل الأفكار الرجعية حول ضعف الأنثى، وعدم قدرتها على تحقيق النجاح والتميز حين قالت: «أنا فتاة صغيرة، ولكننى أؤمن بذاتى وأسعى وراء أحلامي، وقادرة على تحقيقها».
شاركت أووديل كل الحضور طاقتها الإيجابية المفعمة بالحيوية، وجعلتهم يرددون «احلموا احلموا.. واسعوا وراء تحقيق أحلامكم بإصرار وعزيمة».
النموذج الثاني لفنان شاب في العقد الثاني من عمره، يدعى «إيفين روجير» من الولايات المتحدة الأمريكية، راقص ومغنٍ تعرض لحادث أليم، فقد خلاله ساقه، لكنه لم يستسلم، ظل يمارس فنه مستعينًا بأطراف صناعية، حالة من العزيمة والإصرار تجعلك تشعر أن هؤلاء الشباب لديهم من طاقة الأمل والعزيمة ما يجعلهم يتحدون المستحيل بل ويهزمونه أيضًا.
أعطى روجير نموذجًا، بأن العجز الحقيقي ليس العجز العضوي الذى يصيب أحد أطراف الجسد، لكنه عجز الإرادة الذى ينبعث دائمًا من أصحاب الطاقات السلبية والمحبطين.
النموذج الثالث لشاب في بداية العقد الثالث من عمره، يرسم بفرشتين على أنغام الموسيقى يدعى «دايف سينتيا» من بريطانيا، قدم عروضه في بلدان عديدة، وجاء إلى منتدى شباب العالم هذا العام ليقدم عرضًا متميزًا، وليشارك في حدث اعتبره من أروع الأشياء التي حدثت في حياته، ظل يرسم ويتفاعل مع الموسيقى حتى بدأت تظهر ملامح الصورة، فإذا بها للاعب مصر الدولي، الموهوب محمد صلاح، فضجت القاعة بالتصفيق، ورددوا جميعًا في صوت واحد مملوء بالأمل والحب «مو صلاح»، في إشارة إلى طريقة نطق الجمهور الإنجليزي لاسم صلاح. والجدير بالذكر أن هذا الشاب جميع إيرادات لوحاته تذهب إلى مستشفيات الأطفال حول العالم.. هنا تتجسد قدرة الفن على إسعاد الشعوب وبث الروح الإيجابية بهم.
بعد كل هذه النماذج وغيرها الكثير، أكثر من خمسة آلاف شاب يملؤهم الطموح جاءوا يحملون أفكار وثقافات، وينتمون إلى أديان وبلدان مختلفة يتقبل كل منهم الآخر في حب وتسامح.
ترى هل يستطيع الإرهاب النيل من قدرتهم على تغيير العالم إلى الأفضل، حتمًا الإجابة بالنفي، فو الله بعد ما بعثوه في كل من رآهم من طاقة أمل قادرة على البناء، طاقة وعى لا تعرف للهدم طريقًا؛ فلن ينال منا الإرهاب، أبدًا فنحن جيل من الشباب قادرون على التغيير الإيجابي، مؤمنون بأوطاننا وإنسانيتنا معتزون بثقافاتنا المختلفة عازمون على التعاون البناء بيننا، لرسم لوحة من الحب والتسامح قادرة على محو كل رسومات الغدر والإرهاب والخيانة.
نستطيع تحقيق ما نريد، ولدينا من العزيمة والإصرار ما يكفى لبناء دولتنا، والحفاظ عليها من أيادى الغدر وتجار الدين ورموز الجهل والفشل، لن يكسرنا الإرهاب يومًا، فنحن على الدرب سائرون نحو تحقيق أهدافنا فى عالم يملؤه السلام، نعلى فيه من قيم الإنسانية والبناء والطموح والحلم، عالم واحد يحكمه السلام ويبنيه الحب.