الروشتات سابقة التجهيز لمكافحة الإرهاب لا تصلح مع الحالة التى تعيشها مصر، نعم نعرف أن الإرهاب يبدأ فكرًا، وأن تجفيف المستنقع يعفينا من جنوح هنا أو تطرف هناك، ولكن من قال إن المجرمين الذين يطلون علينا من وقت إلى آخر أصحاب فكر أصلًا، الذى قتل فرج فودة جاهل، والذى طعن رقبة نجيب محفوظ جاهل، ومئات إن لم يكن آلاف من أصحاب الجلباب الأفغانى واللحية الغريبة الذين تصادفهم فى الطريق العام ربما لم يدخلوا المدرسة أصلًا، يتلقون التعليمات من مجرم أكبر وينفذون بلا تردد.
الجريمة التى تمت فى المنيا بقتل رواد الدير وهم على الطريق، وقبلها جريمة مسجد بئر العبد، وبينهما معارك جنودنا على أرض سيناء وعلى الحدود الغربية لمصر، كل ذلك يقول إنك فى مواجهة مع عصابات مرتزقة، لا تهدف إلى إعلاء ديانة على أخرى، ولا نشر فكرة جديدة للمجتمع، هدف العصابات واضح.. الترويع والخراب وتكسير عظام الوطن ليركع، وتخرج مصر من التاريخ، الذين نفذوا تلك الجرائم هم أضعف وأصغر حلقات الجريمة الكاملة التى يتم تدبيرها لنا.
كلما تقدمت مصر خطوة، يزداد النباح فى عواصم معادية، كلما واصلنا طريق المواجهة الشاملة لتلك العصابات وقطع أذرعها الداخلية كلما تدفقت التمويلات والأسلحة، كلما صفينا بؤرة يتناسل الصديد، لذلك فالمعركة صعبة ولا يجوز التعامل معها كالمعارك التقليدية، الموضوع لا يمكن اختزاله والقول بأن مسبباته هى عوز اقتصادى أو احتياج سياسى أو غير ذلك، أنت مستهدف وبلادك مستهدفة فإما أن تخوض الحرب وتستعد لدفع الثمن أو اعتذر عنها وأدعوهم لاستلام المفاتيح.
الفاتورة عالية جدًا، فالدماء التى ينزفها الجنود محمد وجرجس وحسانين وجورج هى دماء عظيمة، ولكن محاولة إفناء بلادنا على يد عصابات المرتزقة هى الجريمة الأعظم، الروشتة التى تذهب نحو الأزهر ومناهجه هى روشتة صحيحة، ولكن جبروت المؤامرة على مصر هو الروشتة الأصح، فإذا كان العالم يراقب ما يحدث فى مصر بالصمت أو التشفى أو المشاركة، فعلى مصر الآن أن ترد بالمعلومات والاعترافات الموثقة لتكشف جريمة القرن التى تتشكل منذ سنوات فى عواصم مختلفة لكسرنا.
أنهار الدماء تفرض على الدولة المكاشفة، لم يعد هناك أحد مقتنع بأن فى المنطقة العربية تنظيم اسمه داعش يلعب فى الكرة الأرضية كما يشاء ويضرب فى أركان الأرض الأربعة، الأقرب إلى المنطق هو أن هناك أجهزة استخبارات ودول تتصالح وتتخاصم وتسرق الثروات باستخدام هؤلاء المرتزقة الذين يسمون أنفسهم إسلاميين، إشارة بإصبع السبابة من الدولة المصرية نحو مجرم حقيقى بالوثائق والمستندات لقادرة على التعبئة فى المعركة وتحمل الخسائر المؤقتة.
فقط أحسنوا اختيار رسلكم فى السياسة والإعلام، لن يلتف الشعب المصرى حول هدف إلا إذا كانت المصداقية هى الأساس الأول فى المواجهة، ونحن لا نصدق أن يد الدولة مغلولة تجاه مؤسسة ما، نصدق المعركة ولا نصدق سُبل مواجهتها، تضعف الهمة عندما يرتقى الفاسد والجاهل، نتردد عندما لا يستقيم الخط ويحاول البعض التفرقة الفنية بين السلفى والإخواني، نجلس بجوار الحائط نتأمل عندما نرى اللصوص يرتعون والغالبية من الشعب المصرى يلهثون ليحصلوا على عيشهم بالكاد، نموت فى الليل طوعًا قبل موتنا برصاص المرتزقة عندما لا تجد صرخاتنا أذنًا لتستمع لها وتعمل ببعض مما نقوله.
بوضوح هى معركة شعب والضحايا الأوائل هم فلذات كبد الفقراء، لا نطلب امتيازًا أو حظوة، فقط نريد المشاركة بالشفافية التى تجعلنا نصدق الطريق الذى نمشى عليه، فالنخبة التى انقسمت معذورة طالما هى غير ممولة، والإعلام الذى ينهار معذور طالما تقدم أهل الثقة على أهل الخبرة، والشباب الذى لجأ إلى البانجو معذور طالما الفن توقف عن دوره.
صادق العزاء للمصريين الذين دفعوا الفاتورة يوم الجمعة الماضى بالمنيا، ويقينى هو أن النصر قادم.