الخميس 10 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

أمريكا تهدد بضرب روسيا.. أجواء الحرب الباردة تخيم على علاقات الغرب مع موسكو

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عادت أجواء ولغة الحرب الباردة لتخيم بقوة مجددا على العلاقات بين أمريكا وروسيا ما ينذر باحتمالات أن تشهد هذه العلاقات مزيدا من التصعيد والمواجهة خلال الفترة المقبلة، ففي تطور لافت يعكس حالة التأزم والتصعيد في العلاقات بين موسكو وواشنطن والغرب عموما، هددت الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية لروسيا في حال لم تتخل عن تطوير الصواريخ المجنحة المحظورة.
هذا التهديد جاء على لسان المندوبة الأمريكية لدى حلف شمال الأطلسي /الناتو/ " كاي بايلي هاتشيسون" التي أكدت استعداد بلادها لضرب روسيا عسكريا في حال لم تتخل عن برنامج تطوير هذه الصواريخ متوسطة المدى المحظورة.
واتهمت المندوبة الأمريكية موسكو بانتهاك معاهدة حظر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، محذرة من أنه إذا ما استمرت موسكو سرا في تطوير منظومات الصواريخ المجنحة المتوسطة المدى ، فإن واشنطن ستنظر في احتمال توجيه ضربة عسكرية إلى تلك المنظومات قبل بدء تشغيلها .
الإتهام الأمريكي تزامن مع اتهامات مماثلة وجهها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبرج" لموسكو بخرق معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، بعد شروعها في نشر صواريخ مجنحة من نوع "نوفاتور".
وقال ستولتنبرج في تصريحات له على هامش اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في الناتو، إن جميع أعضاء الحلف متفقون على أن روسيا تنتهك هذه المعاهدة.
وتتهم واشنطن ومعها حلف الناتو موسكو بأنها تعمل "سرا" على تطوير صاروخ باليستي من نوع "نوفاتور" يتجاوز مداه ما هو منصوص عليه في اتفاقية حظر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق عام 1987، وتحظر هذه الاتفاقية على الطرفين تصنيع اختبار ونشر مجموعة واسعة من الصواريخ الباليستية والمجنحة التي يتراوح مداها من 500 إلى 5500 كليو متر.
وقد ألقى هذا الموضوع بظلاله على اجتماعات وزراء دفاع دول حلف الناتو التي انطلقت أمس /الثلاثاء/ في بروكسل وتستمر يومين ، فقد أكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أنه سيبحث الأمر مع حلفاء الولايات المتحدة في الناتو، وقال: " لا أستطيع تكهن إلى أين سيصل الأمر"، مشيرا إلى أن واشنطن ستأخذ في الاعتبار آراء حلفائها في الناتو لتحديد الخطوة القادمة في مواجهة موسكو.
من جانبها ردت موسكو بقوة على تهديدات المندوبة الأمريكية لدى حلف الناتو ،واصفة تصريحاتها ب"الخطيرة والعدوانية"، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" إن ثمة انطباعا بأن "هؤلاء الأشخاص الذين يدلون بمثل هذه التصريحات لا يدركون مسؤوليتهم، ولا يعون مدى خطورة هذه اللغة ".
ووصفت المتحدثة الروسية، الاتهامات الأمريكية لبلادها بتطوير صواريخ محظورة بأنها "بلا أي دليل أو اثباتات"، وقالت إن الخبراء العسكريين الروس سيقدمون إجابات وافية حول هذه المسألة.
يأتي هذا التوتر الجديد في العلاقات بين موسكو وحلف الناتو في وقت أعلن فيه الحلف عن إجراء أكبر مناورات عسكرية له منذ الحرب الباردة، وقال الأمين العام للناتو إن هذه المناورات، التي ستجري في الفترة بين 25 أكتوبر الجاري حتى السابع من نوفمبر المقبل، سيشارك فيها 45 ألف عسكري من الدول الأعضاء بالحلف.
وتهدف هذه المناورات إلى التدرب على نقل قوات أكبر بشكل أسرع في حال حدوث عدوان خارجي ضد أية دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، وستكون هذه أكبر عملية نقل من نوعها لعسكريين ومركبات الحلف منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، حيث سيشارك فيها عناصر قوات بـ 150 طائرة و70 سفينة ونحو 10 آلاف مركبة برية من الدول الأعضاء في الناتو .
ويرى مراقبون أن هذه المناورات التي تشكل محاولة لاستعراض قدرات حلف الناتو العسكرية في مواجهة خصومه، تبدو ردا على المناورات العسكرية الضخمة " فوستوك -18" التي أجرتها روسيا منتصف شهر سبتمبر الماضي، ووصفت بأنها أضخم مناورات في تاريخ روسيا، حيث شارك فيها نحو 300 ألف جندي وضابط، إلى جانب 36 ألف دبابة ومدرعة ومركبة عسكرية، وأكثر من ألف طائرة ومروحية وطائرة مسيّرة، وثمانين سفينة حربية وغواصة وغيرها من المعدات العسكرية المتطورة، وفي مقدمتها الصواريخ ومنظومات الصواريخ المضادة.
التصعيد الحالي بين حلف الناتو وروسيا ليس سوى فصل جديد من فصول التوتر بين الغرب وروسيا ،والذي تصاعد بشكل لافت الجانبين في أعقاب قرار موسكو ضم شبه جزيرة القرم إلى أراضيها من أوكرانيا عام 2014، وما تلاه من خطوات غربية تمثلت في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، في حين رد حلف الناتو على ذلك بنشر مزيد من قواته في دول أوروبا الشرقية.
ويشير المحللون إلى أن التدخل الروسي عسكريا في الأزمة السورية في ذات العام (2014) جاء ليزيد من تأزم العلاقات بين موسكو والغرب، لاسيما وأن حلف الناتو اعتبر هذا التدخل تحديًا هائلاً لمصالحه، وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى قيام موسكو مؤخرا بتزويد سوريا بنظام (أس 300) الصاروخي المتقدم والذي وصفه مراقبون بأنه يشكل انقلابا في موازين القوى على الساحة السورية لصالح النظام السوري وحلفائه.
ويطرح التوتر الحالي بين الغرب وروسيا وما رافقه من رسائل تهديد مباشرة ومبطنة، تساؤلات حول احتمالات انزلاق الأوضاع إلى مواجهة عسكرية محتملة الجانبين، لاسيما في ظل المناورات العسكرية الضخمة التي يجريها الطرفان فيما يصفه مراقبون بأنه " تحضير لحرب كبرى قادمة".
وفي هذا السياق يرى محللون أنه رغم أجواء التوتر الحالية بين الجانبين فإن الصدام العسكري بين روسيا والناتو يبدو مستبعدا بالنظر إلى مجموعة العوامل أهمها: وجود قنوات اتصال دائمة بين الطرفين تمكنهما من إدارة خلافاتهما، ولاسيما مجلس الناتو - روسيا الذي تأسس عام 2002 ليكون بمثابة منتدى للتنسيق السياسي والعسكري من خلال الاجتماعات الدورية التي يعقدها الطرفان ، أما العامل الثاني فهو أن روسيا، ورغم إنفاقها العسكري الضخم خلال السنوات السابقة، تدرك الفارق الهائل بين قدراتها العسكرية وقدرات حلف الناتو، وهو فارق يظهره حجم الإنفاق العسكري لدى الطرفين، حيث يعادل إجمالي الإنفاق العسكري للناتو عشرة أضعاف نظيره الروسي.
كما تشير السوابق التاريخية إلى أنه رغم التوتر والتصعيد الذي شهدته العلاقات الأمريكية السوفيتية خلال حقبة الحرب الباردة ،والذي بلغ ذروته خلال أزمة الصواريخ الكوبية، إلا أن الطرفين حرصا على تجنب وصول الأمور إلى المواجهة العسكرية المباشرة ، وهو ما يعني أن التصعيد الأطلسي - الروسي الراهن على حدته، سيبقى تحت السيطرة أو ضمن ما يصفه المحللون بـ «أزمات التلاعب» دون الوصول إلى أزمات «حافة الهاوية».
ومما يعزز هذا الرأي أن واشنطن ورغم تهديداتها ضد موسكو، إلا أنها تركت الباب مفتوحا للحلول السياسية لأزمة الصواريخ متوسطة وقريبة المدى معتبرة أنه الأسلوب الأفضل لحل الخلافات، فيما وجه حلف الناتو الدعوة لروسيا لإرسال مراقبين لحضور مناوراته العسكرية المرتقبة على شواطىء النرويج.