الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

سمير أمين.. فارس اليسار العالمي

المفكر سمير أمين
المفكر سمير أمين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قبل ٤٠ يومًا رحل عن دنيانا المفكر العربى العالمى سمير أمين تاركًا وراءه تراثًا فكريًا وثقافيًا حول قضايا محلية وعربية وأفريقية، وحول دور العالم الثالث فى مواجهة غول الرأسمالية.. وستظل أعماله تضىء الطريق للكثير من الباحثين، بل ستظل منبعًا للدارسين فى العلوم الاقتصادية والإنسانية.. وفى هذه الدراسة تقدم «البوابة نيوز» رؤية حول العوامل التى أثرت فى منهجية كتابات الراحل الكبير وانعكاسها على معالجاته.

ألقت ظروف نشأة سمير أمين بعض الضوء على قضية الخصوصية الثقافية أو الهوية أو الأصالة التي يُعلق عليها أمين، شأنه فى ذلك شأن الكثير من اليساريين، فيما يشير إلى عدد من العوامل التى أثرت فى منهاجية سمير أمين كما يبدو من خلال كتاباته وهي:

أ. انتماؤه لإحدى دول العالم الثالث؛ حيث كان ينظر إلى قضية التنمية باعتبارها نتيجة للاستعمار.

ب. مكانة السلام باعتباره إيديولوجية توحِّد بين الدول الأفريقية والعربية.

ت. مشكلة الصهيونية باعتبارها وسيلة لفصل الدول العربية عن الغرب.

لكن المتابع للإنتاج الفكرى لسمير أمين يجد أنه يدور حول عدد من المحاور الذى ارتبط فى المقام الأول بنقد بنية النظام العالمى باعتباره يحمل بين طياته خللا ناتجا كنتيجة حتمية للخلل البنيوي للرأسمالية العالمية فدارت كتابات سمير أمين حول المحاور التالية:

أ. نقد نظريات التنمية

ب. تقديم اقتراح بديل للنظام العالمى

ت. إعادة قراءة تاريخ التشكيل الاجتماعي

ث. إعادة تفسير ما يصفه أمين بمجتمعات ما بعد الرأسمالية.

وكغيره من زملاء عصره تأثرت كتابات سمير أمين بقضيتين رئيسيتين هما: الأولى هي إيديولوجية الدول الاشتراكية التى أثرت فى دول العالم الثالث الذي كان حاصلًا لتوه على الاستقلال، أما الثانية، فقد تمثلت في الروابط التي تصل بين الفروع ومركز العالم الرأسمالي. فمشكلة التنمية تكمن فى أن الدول الهامشية فى النظام العالمى غير قادرة على التنمية إذا استمرت تحت سيطرة الدول المستعمرة لها.

أولا ماهية الدولة فى فكر سمير أمين

مثَّل «مفهوم» الدولة أحد المحاور الرئيسية للمشروع الفكري لسمير أمين. وهو ما يرجع إلى مكانتها المحورية فى إدارة شئون العلاقات والتفاعلات الاجتماعية، وذلك باعتبار الدولة نتاجا طبيعيا لتلك التفاعلات. ما جعل أمين ينظر إلى الدولة فى سياق التفاعل الدائر بين البنى الفوقية بالمجتمع. فالدولة تمثل انعكاسًا للبنية التحتية التي تقوم بالأساس على طرق الإنتاج. ومن ثم يتحدد ذلك نمط وأشكال العلاقات بين الطبقات الاجتماعية؛ فالدولة الكلاسيكية كما يرى سمير أمين تكونت على ثلاثة قرون مركنتيلية الطابع (من السادس إلى الثامن عشر)، ثم تبلور هذا النموذج من خلال الثورة الفرنسية فاتخذ سماته الرئيسية كما يوردها كما يلي:

أولا. قامت الدولة على هيمنة اجتماعية لطبقة بورجوازية وطنية أنجزت بناء اقتصاديا وطنيا متمركزا على الذات على أساس اندماج السوق.

ثانيا. مالت الدولة الجديدة إلى أن تتفق مع ظاهرة اجتماعية أخرى هى القومية التى نعرفها بالتجانس الثقافي واللغوي.

ثالثا. أقيمت منظومة مكونة من هذه الدول الفاعلة ودور مزدوج يشمل إدارة التناقض بينهما وبين بعضها من جانب، وضمان هيمنتها على أطرافها من الجانب الآخر.

ولعل العلاقة القائمة على الاستغلال تتخذ فى المجمل طابعًا اقتصاديًا. إذ يمثل الاقتصاد خلفية يستند إليها كافة أشكال التفاعلات الاجتماعية. 

فسمير أمين شأنه شأن كافة الماركسيين، لا يعدو العمران البشرى لديه سوى كونه انعكاسا لديناميات اقتصادية، بالأساس من هذا المنطق، فقد ارتكزت رؤيته للدولة التى تقوم فى المقام الأول على فكرة «التبادل غير المتكافئ».

ومن رحم ذلك انبثقت رؤية سمير أمين للدولة التى تقوم فى المقام الأول على فكرة «التبادل غير المتكافئ» بين الدول المتقدمة. ذلك أن انخفاض الأجور فى الدول الهامشية وارتفاعها فى الدول الكبرى التى يعتبرها أمين دول المركز مع تساوى الإنتاجية فى كلا الجانبين، يؤدي إلى ارتفاع أسعار صادرات دول المركز وانخفاض أسعار صادرات الدول الصغرى التي تحتل مكانة هامشية، وهو ما يؤدي إلى فائدة مضاعفة لدول المركز وخسارة مضاعفة لدول الهامش. وبناء عليه تنقسم الدول عند سمير أمين إلى مركزية وأخرى طرفية.

فبالنسبة لدول المركز؛ فإنها تتميز بميلها نحو بلورة الدولة الوطنية البرجوازية. على أن تكون وظيفتها الرئيسية، هي ضبط شروط التراكم الرأسمالي من خلال الضبط الوطني الذي تمارسه على إعادة إنتاج القوى العاملة والسوق ومركزية الفائض والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى سيطرة رأس المال. وهنا تفقد الدولة الشروط التى تيسر التراكم المتمركز ذاتيا. أى بإخضاع العلاقات الخارجية إلى منطق هذا التراكم. وهو ما يجعل الدول المركزية قوية، وحينما تصبح فيها ديمقراطية بالمعنى البورجوازى للكلمة فإن ذلك يمثل أحد التعبيرات عن هذه القوة.

أما بالنسبة للدول الطرفية أو الهامشية؛ فإن الوظيفة الأساسية لها تتمثل فى الحفاظ على السيطرة الطبقية. ولذلك فهى لا تقوم بضبط التراكم المحلي. إذ تشكل الدولة أداة لتكيف المجتمع المحلى لمطالب التراكم المعولم، والذى يتحدد اتجاهه بالاتجاه الذى تتخذه القوى المركزية. وهو ما يجعل من الدولة الطرفية دول ضعيفة. كما أن ما يفسر هذا الضعف هو قلة حيلة هذه الدول فى تحقيق ديمقراطية بورجوازية حقيقية من الناحية العملية، بالإضافة إلى محدودية وجود المجتمع المدنى وتأثيره فى هذه الدول.

أما فيما يخص ظهور الدول البورجوازية الوطنية مبكرا فى الدول الأوروبية، كما يرى أمين؛ فإن السبب فى ذلك هو تخلف أوروبا عن الشرق فى مرحلة ما قبل الرأسمالية، وهو ما سهل ظهور الدول البرجوازية الوطنية مبكرا فى أوروبا الغربية، ثم أوروبا الوسطى والشرقية واليابان بعد ذلك.

نقد الاشتراكية وفك الارتباط

عقب إنهاء المرحلة الرأسمالية يصف أمين مفهوما آخر، وهو فك الارتباط حيث الرأسمالى على صعيد عالمى يعطى الأطر الرأسمالية ثباتا ملحوظا فى المراكز المتقدمة لهذا النظام.

فالرأسمالية، كما يرى أمين، ستقود حتما إلى تجانس ظروف العالم، وبذلك ستؤدى الثورة البورجوازية إلى اللحاق بالغرب، فى إطار الرأسمالية. ذلك أنه ليس ثمة انتقال إلى الاشتراكية من دون فك الارتباط بالنظام الرأسمالى العالمى؛ حيث يعتقد بضرورة أسبقية نمو قوى الإنتاجية على تغيير علاقات الإنتاج؛ لعلنا نجد أمين فى هذا السياق يلتقى مع التروتسكيين فى ضرورة مرور الاشتراكية عبر العالم الرأسمالي، ما يجعل سمير أمين يحاول إثبات وجود علاقة عضوية بين عملية فك الارتباط مع مقتضيات إنشاء مجتمع اشتراكي.

وبالتالى يدعو أمين كل بلد إلى فصل نفسه عن الاقتصاد العالمى وإلى أن تخضع العلاقات العالمية إلى أولويات التنمية المحلية لخلق تنمية معتمدة على الذات. وهو ما لا يعنى بالضرورة رفض الاتصال الخارجي، ولكنه يشير إلى السياسات المحلية العازلة لتأثيرات القوة الاقتصادية الخارجية والتى تتطلب بالضرورة الاكتفاء الذاتي.

نقد خطاب القومية

يرى أمين أن على القوميين العرب العودة إلى التاريخ ليروا أن شعوبا أخرى أسهمت فى ثقافتهم، وأن الثقافة وحدها لا تكفى للوحدة، ويطالبهم أيضا بالنظر إلى الواقع العربي المعاصر، فالعرب مقسمون بين «أنماط إنتاج» عدة ومختلفة، فكيف يمكن أن تطالبهم بالوحدة وهم منقسمون اقتصاديًا، هذا إضافة إلى سيطرة الرأسمالية على قطاعات واسعة من مجتمعاتهم، ومن شأن الرأسمالية ربط العرب بالغرب مقسمين أكثر من توحيدهم فى مواجهتها. لذا يأمل أمين من القوميين العرب أن يتخلوا عن خطابهم الثقافى المثالى النخبوى الذى يبالغ فى تمجيد العرب إلى درجات عنصرية فى بعض الأحيان. كما يطالبهم بالانتباه إلى أنهم أنعشوا الفكر «الأصولي» بسبب خطابهم المطلق، وأنهم ساهموا فى صعود الإسلام السياسي، وأنهم يتجاهلون نقد الذات، ويتصورون أن وصلهم إلى الحكم يكفى لتحقيق الوحدة العربية بلا إعداد لها أو فهم للواقع.

ثانيا. علاقة الاقتصاد بالدولة

قامت علاقة الاقتصاد بالدولة عند سمير أمين على المحاور التالية:

أولا- أنماط الإنتاج داخل الدولة والتشكيلات الاجتماعية

تندرج دراسة إشكالية إنتاج الأنماط داخل الدولة والتشكيلات الاجتماعية تحت موضوعات الاقتصاد السياسى، الذى يعد جزءا من العلوم الاجتماعية؛ حيث دراسة قوانين الإنتاج وتوزيع الخبرات المادية فى مختلف مراحل تطور المجتمع البشرى، إذ شكّل الإنتاج المادي أساس حياة المجتمع.

١-أنماط الإنتاج.

فى هذا الصدد يميز أمين بين خمسة أنماط للإنتاج كالتالى:

أ- نمط إنتاج جماعى بدائى: ويعد هذا النمط سابقا على كل الأنماط، كما أنه شكل أولي لإرساء بداية تمايز طبقى جنينى، يقوم على أساس تنظيم العمل بشكل فردى أو عائلى، ووسيلة العمل الأساسية هى الأرض، أما الملكية تبقى جماعية للعشيرة غير أن الاستعمال يكون حرا أمام كل الأفراد، ويتم توزيع الإنتاج حسب قواعد القرابة ولا يوجد تبادل تجارى.

ب- نمط الإنتاج الخراجى: ويعد هذا النمط أكثر الأنماط شيوعا فى مرحلة ما قبل الرأسمالية، ويمثل الشكل العام للمجتمع الطبقى ما قبل الرأسمالى، وهوالأكثر شيوعا فى التاريخ البشرى، وهو ما يركز سمير أمين عليه فى شرحه، معتبرا إياه جوهر نظريته فى التطور اللامتكافئ.

ج- نمط الإنتاج العبودى: يشير تتبع تاريخ الإنسانية إلى ندرة هذا النمط.

د- نمط الإنتاج السلعى البسيط: يؤلف شكلا متواترا فى التاريخ، دون تشكيلة اجتماعية.

هـ- نمط الإنتاج الرأسمالى.

٢- التشكيلات الاجتماعية الخاصة بهذه الأنماط

من الملاحظ أنه لا يوجد أى نمط من هذه الأنماط الإنتاجية فى حالته الصافية، لذا نجد أن المجتمعات التاريخية هى تشكيلات تتضافر فيها أنماط إنتاجية مختلفة وعلاقات اجتماعية متباينة، ولكن دائما ما يوجد نمط إنتاج سائد تخضع له مجموعة من الأنماط الهامشية.

ثانيا: الدولة والفقر

يعتبر أمين أن الخطاب الشائع عن الفقر وضرورة القضاء عليه هو خطاب الإحسان بأسلوب القرن التاسع عشر. فمن وجهة نظره أن هذا الخطاب لا يبحث فى الأسباب الحقيقية التى تؤدى للفقر، سواء أكانت هذه الأسباب اقتصادية أم اجتماعية، لا سيما فى ظل وجود تقدم علمى وتقنى يسمح بالقضاء عليه.

وتنبع رؤية سمير أمين من إيمانه الكامل بالاشتراكية التى يرتئيها مناسبة لمرحلة ما بعد الرأسمالية؛ فالرأسمالية عنده وصلت إلى أقصى مراحل الوحشية، وببلوغها هذه المرحلة إنما هى قد وصلت إلى نهايتها.

ثالثا: الفائدة والنقود والدولة

بعد قيام الثورة الصناعية نشأت الاقتصاديات القومية، وبدأ علم الاقتصاد يظهر كعلم بالمفهوم الحالى له، وهذا العلم لا يعنى أنه غير قابل للبحث عن أصول قوانينه الأساسية، وذلك وفق ترويج الاقتصاديين البرجوازيين. وفى الجزء الثالث من رأس المال، تحدث ماركس عن معدلات الفائدة، وبخاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد الإنجليزى والفرنسى فى وقته، فقد تحدث عن أسعار الخصم التى يفرضها بنك إنجلترا وبنك فرنسا فى فترات معينة، وهى أفكار لا تعدو كونها ملاحظات انتقادية للرد على اقتصاديين معاصرين له.

لكن سمير أمين لا يتفق بالكلية مع تلك الرؤية الماركسية؛ حيث لم يجد فيها ما يقنعه بالدرجة المطلوبة.

الرابعة: السياسة المالية والنقدية كإحدى أدوات الدولة لضبط الاقتصاد.

من وجهة نظر أمين تعد السياسة المالية إحدى أدوات الدولة لضبط معدلات الفائدة، وتستخدم الدولة هذه الأداة بفاعلية فى الاقتصاد، وهذا يكون لمصلحة الطبقات الرأسمالية ككل، فرفع أٍسعار الفائدة يزيد من عمليات الإفلاس، ولكنه يزيد من تركيز رأس المال، وهذا هو الشرط لتحديث جهاز الإنتاج والقيام بالتحولات الضرورية، لذلك فخفض معدلات الفائدة يزيد من معدلات النمو، ويمكن الاقتصاد المعنى من تحقيق الاستفادة القصوى من قدرته التنافسية على المستوى الخارجى.

خامسا: الدول الهامشية والنظام الاقتصادى العالمى

فى معرض تقسيمه للدول ما بين مركزية وطرفية، يشير أمين إلى تميز بلدان المركز بسيطرتها على التراكم الرأسمالى، وهو ما يتطلب:

١. قوى العمل وإعادة هيكلتها

٢. الفائض المالى

٣. الأسواق المحلية

٤. الموارد الطبيعية

٥. التكنولوجيا

ويندرج هذا التقسيم للدول من وجهة نظر سمير أمين تحت نظرية «التبادل اللامتكافئ»، والتى تنص على أن الدول المتقدمة تستنزف الدول النامية، وتسحب منها القيمة المضافة، وقد قامت هذه النظرية على عدة فروض هى كالتالى:

١- عدم قدرة عنصر العمل على الانتقال بين البلاد

٢- قدرة رأس المال على الانتقال بين البلاد

٣- تحديد الأجر وفقا لعوامل إنسانية وتاريخية، وهو ما يفسر زيادته فى الدول المتقدمة عنه فى دول الهامش

٤- قيم الاستهلاك لا تتوقف على الأسعار النسبية للسلع

ويخلص أمين من هذه النظرية إلى أن انخفاض الأجور فى الدول الهامشية وارتفاعها فى دول المركز مع تساوى الإنتاجية فى كلا الجانبين يؤدى إلى ارتفاع أسعار صادرات دول المركز وانخفاض أسعار صادرات الدول الهامشية، وهو ما يؤدى إلى فائدة مضاعفة لدول المركز وخسارة مضاعفة لدول الهامش. فالرأسمالية لا تهدف إلى زيادة الإنتاج إلى الحدود القصوى، ولكنها نظام يحدد حجم الإنتاج وظروفه بما يضاعف معدلات ربح رأس المال إلى الحد الأقصى والدول المهمشة أصبحت مهمشة نتيجة الإفقار؛ حيث تم تعرضها للاستغلال. وتندمج الدول الهامشية داخل النظام العالمى بطريقة سلبية؛ فهى تتأقلم مع النظام دون أن تلعب أى دور فاعل فى تشكيله.

سادسا: علاقة الدولة بالاقتصاد فى الدول المركزية والدول الهامشية

وفقا لأطروحات سمير أمين التى قدمها نجد أنه دائما ما يتحدث عن علاقة الدولة بالاقتصاد، وفى حديثه هذا إنما دائما ما يحاول أن يوضح المشهد الاقتصادى فى الدول المركزية، والتى هى بالأساس مسيطرة والدول الهامشية، والتى هى بالأساس دول خاضعة فى سياساتها للدول المركزية.

الدولة المركزية

فى الدول المركزية تكون الدولة حاضرة بقوة فى المشهد الافتصادى؛ حيث تكون الرأسمالية فى أكمل صورها عن طريق سيطرة الدولة الوطنية البرجوازية على التراكم.

الدولة الطرفية (الهامشية)

فى هذا الشكل من الدول يظهر المجتمع المدنى ضعيفا، بل وحتى منعدم الوجود ولا مكان للاقتصاد، سوى أن يكون أحد ملحقات وظائف الدولة التى لها السيادة الكاملة على كافة القطاعات، وبهذا الشكل يظهر الوضع الاقتصادى هزيلا، ويبدو مجرد عملية تكيف لمطالب التراكم فى الدول المركزية، وهذا يؤثر بدوره فى كل من الديمقراطية والتنمية فى الدول الهامشية.

سابعا. الدولة والتنمية

يرى أمين أن النظرية الاقتصادية التقليدية قامت على الاستبعاد المتعمد لمسألة الدولة، والتى تجاهلتها تحليلات الأدبيات الاقتصادية. وهذا الاستبعاد عمل إيديولوجى بالطبع لأن يبدأ «دعه يعمل، دعه يمر»، لم يحدث فى الواقع وهو يفترض فى ذاته وجود الدولة وتدخلاتها لتحريم نقابات العمال مثلا.

ثامنا. أثر المعونات فى الدول

تعد المعونات الدولية إحدى الضروريات لبناء الدول النامية، وذلك وفقا لوصف الأمم المتحدة، والتى تفرض على المنتفعين التقيد بالسياسات العالمية كأحد الشروط للحصول على هذه المعونات، ويشمل هذا التقييد أيضا احترام قواعد النظام الاقتصادى العالمى المتعدد الأطراف، والاندماج فيه وفتح الأسواق والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى البلدان المعنية.

ثالثا. مستقبل الدولة عند سمير أمين

ينظر سمير أمين إلى مستقبل الدولة فى سياق مسار التراكم الرأسمالى وتفاعلات العولمة التى قامت فى المقام الأول على انطلاقة الاقتصاد الدولى فى مقابل الاقتصاد العالمي؛ حيث نتج الأخير عن تفكك المنظومات الإنتاجية الوطنية، وإن كان ذلك التفكك لا يزال جزئيا ونسبيا. إذ لم يبرز حتى الآن منطق إنتاجى معولم يعوض النظام السابق. 

ويتفاعل مع ما سبق مع غياب سلطة الدولة القادرة على إدارة النظام العولم، والذي تعبر عنه التناقضات الصارخة، وهو ما يلغى شرعية الدولة القومية دون إقامة شرعية بديلة عالمية النطاق، وصولا إلى حتمية القبول والخضوع للهيمنة الأمريكية.